عباس الصباغ
التاريخ يكرر نفسه بتسجيل انتصار اخر للعراق، فبعد انتصاره الدبلوماسي التاريخي بخروجه من طائلة البند السابع وعودة السيادة اليه وبعد تحقيق نصره العسكري المبين على تنظيم داعش المتوحش وعودة الامان الى ربوعه، يسجل العراق انتصارا جديدا ومن خندق اخر يضاف الى سلسلة الانتصارات التي حققها العراقيون بصبرهم وبدمائهم وبتكاتفهم وتوحدهم المصيري، و من خندق الرياضة وبعد اكثر من ثلاثة عقود من الحظر الدولي الرياضي على ملاعبنا اعتبارا من سنة (1990) اي بعد الغزو الصدامي لدولة الكويت الشقيقة و منذ ذلك الحين، يلعب المنتخب العراقي المباريات التي من المفترض أن تقام على أرضه وبين جمهوره، على أراض محايدة وفي ملاعب تخلو من جماهيره، ولأول مرة ينصف المجتمع الدولي ممثلا بالفيفا العراق برفع الحظر الجزئي عن ملاعبه والذي اقتصر على ثلاثة منها فقط في كربلاء (وسط) والبصرة (جنوب) وأربيل (شمال) وأبقاه على العاصمة بغداد متحججا بأسباب امنية ايضا وبعد ان حُرم لأكثر من ثلاثة عقود عجاف من تنظيم المباريات الودية على اراضيه وبين جمهوره وهو حق مشروع لجميع دول العالم، والجهود المضنية مستمرة باستكمال جميع الاجراءات حتى يتم رفع الحظر بشكل كلي عن جميع ملاعبه.
وكانت الظروف الامنية والاستقرار الهش ضمن الموانع التي تحجج بها الفيفا في فرضه لهذا الحظر المجحف وغير المبرر على الملاعب العراقية، وبعد التغيير النيساني وتغول الهجمة الارهابية على العراق حكومة وشعبا تذرع الفيفا بان مايجري في العراق من اعمال عنف وتدمير ممنهج يحول دون تنظيم مباريات دولية او اقليمية على ارضه والى اشعار اخر وذلك بحسب ادعاء الفيفا الذي كان يعزو ذلك العنف الى اسباب طائفية كانت تنذر بحرب اهلية وشيكة الوقوع في اية لحظة، ودون ان ينسبها الى عوامل اخرى كالمد الارهابي / التكفيري المدعوم من جهات خارجية مشبوهة كان الهدف منه ضرب العملية السياسية في البلد وارجاعه الى مربع الصفر، والاضرار بالشعب العراقي لاسباب سا/ طائفية مبيتة.
وزادت وسائل الاعلام المغرضة الطين بلة في نقلها صورا ملفقة وكاذبة عن العراق وفي مسعى يتماهى مع اجندات الجهات التخريبية التي ارادت بالعراق وشعبه شرا وتدميرا وخرابا، فكانت تلك الوسائل الاعلامية الصفر ترسل رسائل مشوهة ومخوّفة عن المشهد العراقي للراي العام العالمي، بينما الحقائق على الارض كانت عكس ماتنقله هذه الوسائل،بدليل ان اكثر من يأتي زائرا الى العراق لأي غرض، كان يرى بأم عينيه الحقائق الناصعة في الواقع المعاش بدون تشويه او فبركة وبالضد مما كان تبثه تلك الوسائل التي كانت تصور العراق على انه ارض محروقة ولا امان مطلقا في هذا البلد، وهي محاولات لم تعد تنطلي على احد حاليا، بعد ان فرض العراقيون حقيقتهم الناصعة التي صنعوها بصبرهم ودمائهم وعرقهم وعروا الوجه القبيح لذلك الاعلام الاصفر.
ان مسالة رفع الحظر عن ملاعبنا لم تأتِ من فراغ بل جاءت بعد جهود مضنية بذلتها وزارة الرياضة والشباب تؤازرها الحكومة بكافة كوادرها الفاعلة لاسيما الخارجية العراقية، يضاف اليها بالدرجة الاساس الجماهير الرياضية التي دعمت قضيتها العادلة، يدفعها الحماس الوطني في رؤية العراق متبوئا اعلى المراكز الرياضية ومتمتعا بحقوقه الوطنية، وان يكون بمستوى يليق بمكانة العراق العالمية والقارية وبمركزه الحضاري الاستراتيجي وهو يشغل قلب العالم النابض، فالفضل يعود اولا الى الجماهير الرياضية في مؤازرتها واسنادها للجهود الحكومية في مقدمتها وزارة الشباب والرياضة وفي حراكها المكوكي الدؤوب بين المرافق الدولية والقارية والتي يحسب لها الاشادة والثناء في هذا المسعى، والذي اتى اكله بعد صبر طويل وجميل، ولقد اثبت العراقيون انهم جديرون بكسب جميع المعارك سواء أكانت وراء الكواليس الدبلوماسية، ام خلف الخنادق القتالية في سوح الوغى فالنتيجة تبقى واحدة.
رفع الحظر عن ملاعبنا الرياضية وان كان جزئيا فان له بعدا رمزيا سياسيا ستراتيجيا مفاده بان العراق يسير على السكة الصحيحة وعلى المجتمع الدولي ان ينتبه.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر