- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نمطية الفرح في المواسم الدينية ـ الجزء الثالث
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال تراثنا منهل حضاري إن من الجميل أن يستنهض التراث أي أمة تعتز وتأنس وتفخر وتتقيد بتراثها.والتراث المرآة التي تعكس صورة حضارة الأمة أو المجتمع ومن خلال الإطلاع على التراث يتم التعرف على واقع الأمة أو المجتمع ومنهجيتها في مسيرتها الحياتية الحضارية وحين نتمعن في بطون التأريخ نجد أن التراث الشيعي الثر الزاخر بكل زهو وازدهار قدسي وبملكوته الإنساني الحي وبكل معالمه ومكوناته الدينية والأدبية والثقافية والعلمية والفقهية وما يلحق بكل ذلك من معالم معرفية كل ذلك أنتجته سمة الحزن على فاجعة سيد الشهداء صلوات الله عليه يوم اغتالته الأيدي الأثيمة من أذناب الشرك والكفر من أعداء جده المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وربما أن هذا الحزن هو الذي ألزمنا أن نخصص فترة زمنية لموعد مولده الميمون وتحديده. فنفرح بيوم مولده صلوات الله عليه وإن ما هو معروف ومعلوم أن ولادة الإمام الحسين صلوات الله عليه ظاهرا تحددت بيوم واحد. ولكن موعد استشهاده سبقته حوادث وتلته حوادث ترتبط كلها بفاجعة استشهاده صلوات الله عليه بل أعقبت يوم استشهاده فواجع استمرت زمنيا من يوم استشهاده صلوات الله عليه حتى يوم أربعينيته قبل أن يعود رأسه الشريف المقدس ليلتحق بالجسد. فضلا عما لحق بذلك من أحداث استمرت إلى يومنا هذا. لذا فهي تحمل سمة الحزن بل الحزن في أوجه وشدة حجمه . ترى أي كفة يمكن أن ترجح بالتعامل ؟ كفة الحزن أم الفرح ؟ ولعل سمة الحزن هي التي عمقت ومتنت علاقتنا بالسيرة العطرة للإمام الحسين وللأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين. وما زادنا عمقا وتمسكا ومصداقا بالأمر هو إظهار كل الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم معالم الحزن على الإمام الحسين صلوات الله عليه بل تأكيدهم صلوات الله عليهم على استمرار الحزن. وبما أن قول وعمل الإمام المعصوم صلوات الله عليه وتقريره حجة علينا ذلك ما يلزمنا غاية الإلتزام بالأمر. وبقداسة الحزن نختم إن الدوافع التي أوصلتنا إلى قناعة بأن يشغل الحزن مساحة أوسع في تعاطينا مع القضية الحسينية العظيمة وتفاعلنا معها وممارستنا للطقوس أو الشعائر بهيبة ووقار هو تواتر ورود المنظومة الروائية والحديثية التي انطوت على كم هائل من نصوص توصي بترجيح كفة الحزن واعتمادها على فاجعة سيد الشهداء صلوات الله عليه. بل كل الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله (ما منا إلا مقتول أو مسموم) وقد لاحظنا أن هذه المنظومة لعلها تخلو من ذكر أحاديث عن اتخاذ الفرح منهجا ـ (والفرح المقصود الذي نعبر عنه في هذا الزمن أو ما يتصوره البعض أو ما يدعون إليه) ـ إذ إن قسما من الداعين والداعمين بشدة لإعطاء الفرح حصة كبيرة في ممارسة الشعائر تتصدر أحاديثَهم عباراتُ التبرير وتحسينُ صورة الفرح متعكزين على إدعاءات تتمحور بعبارة يرددونها أينما حلوا وأينما وجدوا وهي: (يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا) والعبارة هذه مقتطعة من حديث للإمام الصادق حيث يقول صلوات الله عليه: (إن الله تبارك وتعالى إطلع على الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا والينا). وقال صلوات الله عليه: (رحم اللهُ شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا). والقول الشريف هذا متساوق مع قول الإمام الباقر صلوات الله عليه: ( رحم الله شيعتنا لقد شاركونا بطون الحزن على مصائب جدي الحسين صلوات الله عليه أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين صلوات الله عليه دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا).ـ شجرة طوبى ج1/ الشيخ محمد مهدي الحائري هذه النتيجة لعلها تكون خلاصة وافية تغنينا عن الكثير من النقاشات والسجالات وتغنينا بإستنتاجات عقلية نافعة لذا نكتفي بالوقوف عند هذه المحطة ونختم حديثنا