حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ هل أصبحت الأماني صعبةُ التحقيق من القدر المحتوم على العراقيين ؟ وهو سؤال يتداوله الشارع العراقي بمرارة مستديمة ربما يمتد عمرها الى عقود طوال أعقبت تأسيس الدولة العراقية الحديثة وبعهودها التي لم تشهد استقرارا او شروعا حقيقيا لبناء دولة مدنية عصرية، وهشاشة مزمنة في التأسيس الدولتي واستمر الإحساس بالمرارة حتى بعد التغيير النيساني او مايسمى بالسقوط وتتعدد المسميات والمعنى يبقى واحدا تكتنفه أمنية بقيت عصية عن التحقيق ألا وهي رؤية دولة عراقية لا يتمنى العراقيون فيها ان يعيشوا أغنياء مرفهين وإنما العيش فوق خط الفقر بعد ان أصبح العيش تحت خط الفقر من متلازمات المشهد السيوسلوجي العراقي ومن اجلى سماته وأوضح محدداته. ويستمر مسلسل الأماني الصعبة وغير المتحققة او التي لايمكن لها ان تتحقق وتصل حلقات هذا المسلسل الى لقمة عيش العراقيين المهددة بمزاج السياسيين ومطارحاتهم المجلجلة في أروقة البرلمان ومساجلاتهم عبر الأثير في جعجعات بدون طحين دوخت رؤوس العراقيين وأتعبت قلوبهم لما يقرب السنتين وفي تراجيديا سفسطائية مملة اسمها تراجيديا إقرار الموازنة الاتحادية العامة لدولة اسمها العراق الفيدرالي وظلت طيلة هذه المدة عيون العراقيين ترنو صوب شاشات سلة أوبك التي تعرض مناسيب سعر برميل النفط الذي يعيش العراقيون تحت رحمته، كما بقيت عيونهم مسمَّرة صوب شاشات التلفاز علهم يجدون خبرا مفاده انه (تم التصويت على الموازنة العامة) وهذا الخبر بقي حلما (تحول الى كابوس) طيلة العام الفائت 2014 كون ان الموازنة التي تبخرت بقيت حبرا على ورق في أدراج مجلس الوزراء وفي كواليس البرلمان وكان سعر البرميل الواحد من النفط في العام الفائت من الممكن ان يحقق ميزانية انفجارية الا انه بقي سعره يتراجع من مستويات قياسية في الصعود بحدود (110$) الى مستويات قياسية في النزول (حاليا بحدود 60 $) مع تذبذب قلق في بيانات أسعاره والخوف من انحدار حاد ومريع قد يطيح بالحد الادنى من الآمال المعقودة على موازنة 2015 التي بقيت متأرجحة مابين مجلسي الوزراء والنواب وقد أرجئت اكثر من مرة لعدم استقرار أسعار النفط كي تُرسم على ضوئه الإستراتيجية العامة والخطوط العريضة للموازنة إلى أن تم اعتماد الستين دولارا كحد وسط لذلك والتي تم تقديمها الى البرلمان للتصويت عليها بإجراءات ترشيقية غير مسبوقة مع الحذر الشديد من شمول الموازنة التشغيلية بالترشيق ايضا وعلى جميع المستويات الحكومية!!!!! مع التوقع بعدم صرف زيادة رواتب موظفي الدولة واعتبار الزيادة ادخارا لهم. وبإيجاز بسيط لبيانات موازنة 2015 نجد ان الموازنة بلغت 125,2 ترليون دينار بعجز مقداره 25,4 ترليون دينار، فيا بلغت الإيرادات 99,8 ترليون دينار منها 84,2 ترليونا نفطية و15,5 ترليونا غير نفطية ".. وان سقف الإنفاق بحدود 123 ترليون دينار، التشغيلي منه يبلغ 63 ترليون دينار، والاستثماري 37 ترليوناً واعتماد سعر 60 دولارا لبرميل النفط الواحد وبواقع تصدير 3.3 مليون برميل يوميا". وسيتم تغطية العجز من خلال الضرائب على الهاتف النقال بنسبة 20% وعلى السيارات الجديدة و الانترنت”. وهي أرقام تكشف عن حجم الأزمة المالية التي يمر بها العراق قياسا الى السنوات السابقة وضرورة ضغط النفقات الحكومية وترشيدها وشد الأحزمة. فهل أصبح المواطن العراقي البسيط كرة تتلاقفها أهواء السياسيين ومزاجاتهم كتلاقف الصبيان للكرة في لعب طفولي بريء ولكن هذا اللعب المشبوب بالأجندات الحزبوية والكتلوية والمناكفات السياسية ليس لعبا بريئا وكيف يكون بريئا وأفواه الملايين من الفقراء والأيتام والأرامل والخريجين العاطلين عن العمل على كف عفريت اسمه الموازنة التي ظلت حبيسة الجدران والأوراق ولم يطلق سراحها بعد، ويعلم السياسيون تمام العلم بان امن ومستقبل العراق مرهون بهذه الايام التي يخوض فيها الجيش العراقي الباسل وقوات البيشمركه البطلة وفصائل الحشد الشعبي الشجعان حربا ضروسا ضد الإرهاب الأسود المتمثل في داعش وماتتطلبه هذه المعركة من سيولة مادية في التمويل والتسليح وتضاف مسؤولية اخرى على عاتق السياسيين وهي ان اغلب مشاريع البنى التحتية وقطاعات الخدمات والاستثمار صارت مشلولة بسبب توقف التمويل الذي إن اطلق فسيكون ناقصا بسبب الترشيق وضغط النفقات وإرهاصات الفساد المالي والإداري المتسرطن في جميع مفاصل الدولة العراقية. وانه لمن المخجل ان تكون أماني العالم اجمع في العام الجديد ان يكون عاما سعيدا وآمنا بينما تكون أمنية المواطن العراقي متمركزة حول إقرار الموازنة وإطلاق سراح لقمة العيش فهل سيكون عام 2015 عاما مفرحا للعراقيين ايضا ام سيكون كسلفه المغفور له عام 2014 وهو سؤال موجه لأصحاب القرار في هذا البلد وستكون سنة 2015 سنة إقرار الموازنة ام ؟؟؟؟. اعلامي وكاتب مستقل
أقرأ ايضاً
- النوايا الحسنة للعتبة الحسينية المقدسة
- المسلمون بأجمعهم سنة وشيعة مدينون في اسلامهم اليوم الى الحسين عليه السلام
- ما يُطبَّق وما لا يُطبَّق من أحكام قانون الإدارة المالية الإتّحادية رقم 6 لسنة 2019