حجم النص
بقلم:غسان الكاتب حينما انطلقت مبادرة فتح المساجد المغلقة في بغداد نهاية عام ٢٠٠٧، ببادرة من رجال دين ووجهاء بعض المناطق.. استبشرنا خيرا وكنا على يقين ان المجتمع خلاق وقادر على نفض غبار الدمار والدم واعادة اللحمة الوطنية بين مكوناته والتي سعت اطراف عديدة؛ في حينها: قاعدة وفصائل مسلحة وخارجة عن القانون وسياسيون اكملوا مشوار مخطط الامريكان المرسوم؛ في الاضرار بها وتمزيقها. قوة المجتمع آنذاك رسمتها ابتسامات الموافقة والتشجيع التي لمسها القاصي والداني من الحضور والصحفيين المكلفين بمواكبة وتغطية الحدث في خطوته الاولى، ولمسه المنظمين في مقدار التبرعات التي وصلت لترميم المساجد والحسينيات المتضررة وسرعة انجازها بتعاون سكانها؛ المجاورين؛ المتحابين من مختلف الاتجاهات والمشارب، حتى ان السيد شلومو ورودني مطران الكنيسة الكلدانية في بغداد اقترح انذاك تحويل كنيسة ام الاحزان مركزا للتنسيق وتوسيع الحملة التي انطلقت بداية زيارات بين الكاظمية المقدسة والاعظمية. الغريب ان هذه الحملة الشعبية التي عبرت عن نواة مصالحة حقيقية كانت الاساس الذي استندت اليه مشاريع المصالحة الحكومية التي تلتها، ولكن الاغرب هو عزوف الحكومة عن المبادرة التي انتهت بعد اغتيال ابرز قادتها وتحويلها من شعبية الى رسمية وتكليف لجنة دعم واسناد خطة فرض القانون بمهامها، وحتى لا نبخس تلك الخطة بعض نجاحاتها فانها حققت تقدما في عدة مجالات الا؛ تمتين اواصر الاخوة واذكاء روح المبادرة بين الطوائف المختلفة. اعاد حديث هذه المبادرة الى الاذهان تحركات المصالحة الوطنية الحالية والدعوات لها وتعيين نائب رئيس جمهورية لشؤون المصالحة ومستشارية عليا في مجلس الوزراء لشؤون المصالحة.. وهي قد لا تحتاج الى كل ذلك، ولا الى مؤتمرات رسمية تبقى مقرراتها قيد الورق او تذهب تخصيصاتها المالية ادراج البذخ والفساد. اننا بحاجة الى مصالحة تنطلق من انفسنا تنبذ العنف والتطرف والغلو.. الى مصالحة تنفض غبار والآم الماضي القديم والجديد، نحتاج الى بذرة وطنية طيبة نزرعها في سلوك اولادنا.. في علاقتنا مع الاخر، مثلما نحتاج الى القضاء على كل ما يقف امام التسامح. انها فرصة وقد لا تتكرر، ارفعوا ايدي السياسيين عن المصالحة فان دخلوا اليها خرجت هي من ثقب الباب.