حجم النص
بقلم // مهدي الدهش العنوان:عبارة لها مدلول استراتيجي واضح، ولها ايضا تعابير باطنية متعددة. ففي سياق حياة البشرية (العلمية والعملية) نتاجات مختلفة كثيرا ما نقف عند بعضها أو أغلبها ونطرح تساؤلات عديدة ـ وهي ميزة العقل المفكر طبعا ـ ومن هذه التوقفات الكثيرة نختار الوقوف عند واقع التعليم الراهن في العراق. حيث لايزال اسلوب التعليم التلقيني أوالببغائي ـ كما اصطلح علية في بعض الاحيان ـ للطلبة هو السائد،بل هو صاحب القدح المعلا بين جميع الاساليب والطرائق التعليمية التي قدحت بها عقول علماء وباحثين العلوم التربوية والنفسية في مختلف مناطق ودول العالم وعبر أزمان متفاوتة كان نتيجة اعتصار الواقع المرحلي وما فرضة على مجتمعات اولئك المنظرين من وجوب محاكات الوضع الاجتماعي وتطوراته أو سيادة ظواهر سيكولوجية معينة في نطاق محيطهم المجتمعي. مما فرض عليهم ـ أي المتخصصين وشريحة المثقفين والمفكرين بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ـ السعي للبحث عن وسائل ملائمة لتطوير واقع وأساليب التعليم المعتادة وتغييرها وفقا لما تقتضي الضرورة وما تفضي اليه التجارب. فهذا امر طبيعي لدفع عجلة التقدم الاجتماعي والتطور العلمي والفني والفكري لمجتمعاتهم قدما نحو الأمام. هذا من ناحية الجانب المضيء ومن جانب آخر نرى المجتمعات الكسولة الخاملة والتي لا ترى أبعد من أصابع القدمين، تؤثر على نفسها الا أن تكون أسيرة لحالات التمزق والتشظي المجتمعي والفكري بدلا مِن أن تفكر ولو بشكل مبدأي بالقيام ونفض غبار الزمن والتخلص من تراكمات وانفعالات الماضي أو تزيح عنها اساليب التفكير والتعامل اللاطبيعي ـ إذا جاز التعبير ـ المترسخة في اشكال العلاقات القائمة بين أبنائها الذين اصبحوا يجترون الماضي وبكل ما يحمله من سلبيات متوارثة تحت دعوى (التمسك بالتراث أو الحفاظ على الهوية المجتمعية أو التغني بأمجاد الماضي التليد)!!! متناسين هؤلاء بأن تيار التطور الحضاري كالسيل الجارف لا يرحم المجتمعات التي تعتبر النكوص نحو العادات البالية وأساليب التفكير الانهزامي، هي جزء من الهوية المجتمعية أو الوطنية وهوية الفرد الذاتية النفسية. فمن الممكن أن يكون لأي شعب هويته التي يعتز بالانتساب لها أفراده، ولكن لا أن يتحول هذا الانتماء إلى شكل من أشكال أحلام اليقظة المرضية التي تقف حاجزا دون تطور المجتمع وتحسين أوضاع أبناءه وإن اختلفت توجهاتهم وانتماءاتهم وأيدولوجياتهم، خاصة ونحن نعيش ضمن قرية صغيرة كما يوصف وضع العالم الراهن في مرحلة العولمة المعاصرة. إن التراث والتأريخ والإرث الحضاري مهم ومعضّد لبناء مجتمع صحّي، ولكن يجب الحذر والعمل بشكل دقيق بعيدا عن تشكيل واقع تتصادم فيه القيم والأعرّاف المحليّة مع قيم ومبادئ المدنيّة الصناعية المعاصرة، وإذا ما ضن أحدهم بأنه يمكن المزاوجة أو المزج بين هذين الأمرين المتناقضين، فأعتقد بأنه سوف ينتج جنين مشوّه تقع تبعاته على والِدية في المجتمع، حيث يُأخذ بقشور التطور والتقدم شكليّا من جهة وتقبع في داخلة ـ أي ذلك الجنين النِتاج ـ نعرات الصحراء و البداوة والقبلّية والتي بالطبع تتضارب ومفاهيم عالم اليوم وبكل ما تحمله هذه العبارة مِن أنساق وتعابير متعددة الأوجه والأبعاد. من هنا أنطلق نحو توضيح فكرة تربوية علينا جميعا أن نغنيها ونشبعها بالدراسة والبحث، ألا وهي: كيف لنا اليوم ؟ ونحن نعيش في عصر ثورة الاتصالات الرقمية التي اجتاحه الأرض وليس بلدنا إلا جزء من هذه المعمورة، وبين اساليب التعليم المروّجة وهي كما اسلفت طرق تلقينيه بحتة لا يمكن لها أن تواكب عصر التكنلوجيا المتقدّمة ـ الصاروخية ـ في كل مجالات حياة اليوم. فلو القينا نظرة عن كثب لحجم المتعاملين مع شبكة التواصل الاجتماعي ((الفيس بوك)) مثلا، لوجدنا إن شريحة الطلبة و الشباب تشكل منها الغالبية العظمى، وهي أخذة بالاتساع في العراق وبشكل ملفت للنظر، هذا ناهيك عن وسائل الاتصالات الاخرى من أمثال الهواتف النقالة وشبكة المعلومات ((الإنترنيت)) فضلا عن تكنلوجيا نقل المعلومات عبر التلفاز ((الستالايت)) وغيرها من وسائل الاتصال الأخذة بالتطور والانتشار، اذ إن كل هذه الوسائل أخذت تنافس وقت اسلوب التعليم المرتكزة علية العملية التربوية عندنا ـ التلقيني أو الاستظهاري أو الكلاسيكي سمها ما شأت ـ حيث من الصعوبة بمكان أن يحصل الطالب على وقت مستقطع من كل هذه المغريات ـ وسائل الاتصال ـ من أجل حفظ واستظهار المادة المنهجية الدراسية بعد الاجواء المدرسية، فهو أي الطالب له العذر من هذه الناحية. وهنا يُستحسن بنا أن نقف من أجل مراجعة القضية مع اللجان والخبراء المختصين وكذلك الاستعانة بخبرات خارجية من أجل تطوير طرق التدريس وأساليب التعليم في العراق، حيث يجب التحرّك وبشكل حثيث لخلق حالة من الموائمة ما بين الواقع الاجتماعي المتغير والذي بدأت تتضح معالمة في المجتمع وبين توليف اسلوب منهجي ملائم وموائم للطالب ويستطيع من خلاله الحصول على المعلومة المطلوبة والمعززة لقدراته المرحلية، كأن يصبح الدرس وفق نظام طرح الموضوع ومناقشته أنيا وتُدوّن المعلومات والملاحظات المهمة من أجل مراجعتها فيما بعد، وبالتالي نؤسس لطريقة تفاعلية في فهم وحفظ المادة ترتكز على جوانب اساسية في التعليم وهي:ــ 1 ـ المدرّس الكفء. 2 ـ المادة المنتقاة بشكل سليم (اختياري غالبا). 3 ـ وسائل مساعدة (مختبرات، الوسائل التعليمية، سينما مدرسية، مسرح مدرسي، المكتبة،ـ ـ ـ الخ). 4 ـ الجو المدرسي الملائم، أي البدئ في بلورة اسلوب التعامل الانساني مع الطالب بدلا مِن اساليب القسوة الجسدية والنفسية السائدة في مؤسساتنا التعليمية منذ عقود طويلة والتي في ضني تعود إلى عصر ـ الكتاتيب والخيزرانة والقصاص ـ والذي ألقى بظلالة على بعض تدريسيين اليوم باعتباره العصر الذهبي من بعض الوجوه!!. إن منطلقي نحو طرح هذا المقترح ـ وهو لا يعدو ذلك ـ ناتج عن مستوى حالات الاخفاق عند الطلبة والتي بدأت تأخذ بالاتساع شيءً فشيء وهذا يمثل ناقوس الخطر الذي بدأت أجراسه تقرع مُنذ الآن. وتعريجا قبل الختام على عنوان المقال الذي نوهت بأنه قد يحمل معاني مستترة، اشير إلى ظاهرة ضيق الافق والتي غالبا ما تحاصر حرية التعبير والفكر في مجتمعاتنا الشرقية التي تحاول جاهدة أن تمنع أي أضاءه في محيط المكان كي تبقى البصائر معمييه ولا ترى إلا ما يُطلب مِنها أن تراه ـ ـ ـ ؟ عُذرا للشعوب والمجتمعات ((الشرقية)) ولكن هذا هو الواقع كما أراه.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)