- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البرزخ بين التجذير والتغييرـــ قراءة في الوعي الانتخابي.
حجم النص
بقلم طلال فائق الكمالي. الحلقة الأولى. عندما تتزاحم صور المرشحين في شوارع وأزقة مدننا الغالية يدق ناقوس التفكير في أمر مصير الوطن وكذا المواطن، ويعصف بالذهن في خيار الأصلح والأفضل من كم المرشحين الهائل بوصفهم خياراً متاحاً أمام ناخب بات في سبات لسنين عجاف ليستيقظ على زحمة من الوعود والعهود التي لا يعلم صدقها (إلا الله والراسخون في العلم). في الوقت الذي لا يعي البعض ممن يدلون بأصواتهم خطورة هذه الوظيفة وأهميتها اللوجستية وأبعادها الاستراتيجية إلا في أيام معدودات من مناخ العملية الانتخابية، إذ يزول عندهم كل ذلك بزوال المؤثر وُيسدل الستار على أهم مفصل من مفاصل اِِِِلعملية السياسية في بلد يفتقر للارتقاء والتطور. لم يكن محيطنا بمنأى عن هذه البيئة للثقافة الانتخابية المتواضعة، إذ وجدت نفسي ومن معي (أستاذ دكتور) نتحدث بحديث الساعة عمن يستحق أن ندلوا بصوتنا إليه، لنملأ وقت رحلة من مدينتا إلى مدينة أخرى في عجلة كنت اقتادها بسرعة يقينا أسرع بكثير من سرعة حركة رجال ساسة بلد تذوق مرارة أزمة الرجال حتى استغاث ليستيقظ من كابوس ابطاله أشباه رجال...... وفي وسط غمار حديثنا وجدت قدمي تضغط لا ارادياً على فرامل العجلة لأقف جانب الطريق، صارخاً بوجه الأستاذ الدكتور حين أخبرني أنه عزم قاطعاً في كونه سيدلو بصوته إلى أحد المرشحين من أبناء عمومته، إذ وجد نفسه محرجاً لزيارة الأخير إليه في داره يستجدي منه الوقوف بجانبه في معركة سلاحها السيوف والحراب بدلاً من أقلام أولي الألباب. إذ وجدت أننا جميعا نشترك في اغتيال هذا الوطن الجريح، حينما يكون معيارنا في بناء مؤسساته بهذه الطريقة الساذجة وهذا المستوى المتواضع من التفكير الانتخابي والمسؤولية الوطنية، تأملت كثيراً في قول استاذنا الدكتور الذي يُنظر إليه بحكم ارتقائه سلم الدراسات الاكاديمية أنه من الطبقة الواعية والمثقفة.......حينها احترق قلبي بما سيئول إليه وطننا الجريح ورعيته المساكين، بما سيئول به حين يُهدم بيد أستاذنا ومن سايره في التفكير والمنهج، ناهيك آخرين بسطاء وغير متعلمين ممن لا يعون ألف باء السياسة وفنها وفلسفة أدارة الدولة وأهمية النظم التي تحكمه. هنا ادركت اننا جميعا نشترك في عملية التجذير، بما نحن فيه من تخلف بعيداً عن الاصلاح والتغير، ما دام فينا الكثير ممن يكون معياره لبناء الوطن ومؤسساته والإنسان بمعيار القرابة وصلة الرحم والفئوية والمذهب والكيان دون النظر إلى علم المرشح ومشروعه الانتخابي ونظرته الاستراتيجية من جهة، ونزاهته وكفاءته واستعداه لترجمة ذلك المشروع الوطني أو الانساني من جهة أخرى. وخلاصة ما أسعى إليه: هل يحق لنا مستقبلاُ أن نُحمّل مَنْ في دفة الحكم سوء أدائه وضعف تدبره في مصير مفردات الوطن والمواطن، إذا كنا نحن العلة في تسمية الممثل عن تلك المفردات...... فلا شك أن الأستاذ الدكتور وأنا وأنت سنكون جميعاً مسؤولين في رسم معالم طريق الدولة والحكومة مستقبلاُ، وسنكون مكلفين شرعاً وقانوناً وعقلاً وعرفاً ووجداناً عن مرحلة يكون البرزخ فيها بين التجذير أو التغيير.