- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحاضر الغائب ــ قراءة في الوعي الانتخابي.
حجم النص
طلال فائق الكمالي الحلقة الثانية. قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم: "كيفما تكونوا يولى عليكم". معادلة منطقية وعقلية يطرحها القرآن الكريم ليستشرف مستقبل المخاطب ومحيط أمته، وكأن الآية المباركة تضعنا أمام نتيجة حتمية لا مناص منها، حين ترسم خارطة مصير أمة بالرضوخ لواقع تركيبها ومكونها الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فلكل أمة دعامتان ثنتان ترتكز عليهما هما: الرؤية الفكرية، والعزم على ترجمتها إلى سلوك اجرائي. وما وطننا بمنأى عن انعطاف هذه الدورة الانتخابية التي لا تخلو من خلل فكري من جهات عدة منها آلية الانتخاب وأنظمته، غياب قانون الأحزاب، التغيب القهري لبعض عمالقة رجالاتنا من الإداريين والساسة، ناهيك عن أسباب محلية وإقليمية وأسباب أخرى يشترك فيها الجميع من قمة الهرم إلى قاعدته. أما فيما يتعلق بالسلوك الإجرائي - بوصفه ركنا ثان- فسيكون بلا شك على أثر المقدمة الأولى، فسنرى اليأس، الاحباط، التقاعس، الاتكال......وكأننا ننقاد إلى هاوية من الخلل المركب نحو ظلمة من ليل أليل. هنا أقول: بالرغم مما تقدم من أزمة مركبة غاية في التعقيد، ومن صورة ضبابية لواقع مرير علينا أن نشعل شمعة وسط هذا الظلام الدامس ونسلط ضوءها على من يستحق تسليط الضوء عليه بموضوعية مجردة عن كل الميول والاتجاهات، بوصفه خياراً حسناً قياساً بأقرانه في الساحة الانتخابية. أما أن ننصاع لمسرحيات هنا وهناك في وسط هذا الحراك ابطالها رجال حضروا زحمة هذه السويعات ليغيبوا بعد حين، أو لأيد تبدو بيضاء امتدت للعطاء والسخاء والخدمة وصور الرحمة في هذا الزحام الانتخابي ليحضروا أما م نواظر الناخبين لأيام معدودات ثم تتلاشى صورهم، أو أن يُفجّر بركان الوطنية والغيرة على الإنسان والإنسانية في هذا المناخ المُلبّد بالأمطار والعواصف..... وحين تنجلي الغبرة عن كل ما تقدم لا نجد هؤلاء الرعاة الذين تسكعوا اليوم أمام الرعية ليكون حضورهم اليوم غياباً لغد ليس ببعيد. ألا ينبغي علينا أن نستفهم أين كان هذا المرشح أو ذاك بيده البيضاء؟....وأين كان حضوره بين أبناء جلدته؟... وأين هي أنفاسه وكلماته وخدماته وعطاءه؟.... أين حضوره وقت غيابه؟ فو الذي نفسي بيده ما هؤلاء إلا تجار سياسة يعطون على قدر قناعتهم بما يأخذوا، فكيف سنستأمن وطننا بيد تجار حضروا يوم مزاد ليغيبوا غيبتهم الكبرى حين غابوا غيبتهم الصغرى عن رعيتهم قبل هذا الزحام الانتخابي، وما تسليمنا لوعودهم إلا خيانة للوجدان والعقل والقيم، وتسليمنا لوعودهم اغتيال للوطن والمواطن بل سنكون بذلك مصداق للآية المباركة لتولية تجار السياسة حين يعبد لهم الطريق بصوت هو الفصل في هذا الميدان. فمقتضى مدلول الآية المباركة أن نثور في داخلنا ليكون خيارنا في تولية أمورنا بإدلاء الأصوات إلى من هم أهل العلم والمبادئ والنزاهة.