حجم النص
ذهب اعضاء البرلمان العراقي للتمتع بعطلتهم التي ستدوم ستة اسابيع دون ان يفوا بالوعود التي اعطوها في ما يتعلق بالغاء السيارات المصفحة التي سبق ان وافقوا على تخصيصها لأنفسهم في الموازنة السنوية. انها خطوة تثير الاستياء بين صفوف المواطنين العراقيين الذين يتهمون قادة البلاد بالفساد وبأنهم يعملون لمصالحهم الخاصة.
على مدى اشهر فشل مجلس النواب في اعادة صياغة موازنة المئة مليار دولار التي خضعت لانتقادات واسعة، وفشل في تمرير لائحة من القوانين لمعالجة المشاكل الكثيرة التي تعاني منها البلاد. يقول عمار حسن، 39 سنة - خريج جامعي من كربلاء يعمل سائق سيارة اجرة لإعالة عائلته، " انهم لم يناقشوا اساليب تحسين الاحوال المعيشية لابناء الشعب من امثالي. انهم يفكرون بانفسهم فقط بدلا من الاهتمام باحوال الشعب ". و يضيف حسن انه يكسب حوالي 200 دولار شهريا، وهو مبلغ لا يساوي شيئا قياسا بالراتب الشهري الذي يتقاضاه عضو مجلس النواب، ويقول بمرارة شديدة "اخشى ان يأتي يوم يمررون فيه قانونا يفرض ضرائب على رواتب و دخول الناس البسطاء من اجل تغطية نفقات معيشتهم الخاصة".
الحكومة العراقية تعج بالفساد منذ عهد صدام الذي كان ينهب ثروات البلاد لنفسه وللمقربين له وسط شعب يعاني من الفقر. مع ذلك، كانت امال العراقيين بتحسين الاحوال وبناء نظام ديمقراطي متفائلة اكثر من اللازم، حيث ان ربع سكان العراق – الذين يبلغ تعدادهم 31 مليون نسمة – يعيشون في فقر مدقع، وحوالي 15 % منهم عاطلون عن العمل حسب بيانات الامم المتحدة التي جمعتها وكالة المخابرات المركزية. مياه الصرف الصحي تملأ الشوارع في اكثر المناطق مما يتسبب بتلويث المياه و تعريض السكان للامراض ويضاف الى تعاسة المواطنين، اما الطاقة الكهربائية فإن العراقيين لا يحصلون على اكثر من اثني عشرة ساعة منها في اليوم.
على النقيض من ذلك فإن اعضاء مجلس النواب استلموا 90 الف دولار كنفقات بالاضافة الى رواتبهم الشهرية، وفي شهر شباط صوّت البرلمان على شراء سيارات مصفحة بقيمة 50 مليون دولار لحماية اعضاء البرلمان من هجمات المتمردين التي غالبا ما تستهدف المسؤولين. لكن المواطنين الابرياء يتعرضون اكثر من البرلمانيين لاعمال القتل والتفجيرات. مسألة السيارات المصفحة أثارت غضب الرأي العام العراقي، ولم يحصل المواطنون الا على وعود خجولة في اعادة وضع تلك الاموال فيما اسماه رئيس البرلمان اسامة النجيفي " مجالات اكثر اهمية وحيوية لصالح ابناء الشعب".
منذ ذلك الوقت، لم يتخل البرلمانيون عن السيارات المصفحة بل تخلوا عن التشريعات الاخرى الاكثر اهمية. قال النائب محمد الخالدي عن القائمة العراقية ان الخطط التي ينظر فيها البرلمان هي السماح لبعض البرلمانيين من المحافظات الاكثر خطورة – بغداد و الانبار ونينوى وديالى – بالحصول على السيارات المصفحة. يقول " اما الاخرون الذين يسكنون في مناطق تخلو من العنف مثل اقليم كردستان والمحافظات الجنوبية فلن يحصلوا عليها". يسكن الخالدي محافظة نينوى وقد صوّت لصالح منح البرلمانيين تلك السيارات. قبل ان يحسم البرلمانيون هذه المسألة بشكل نهائي، فقد بدأوا عطلتهم البالغة اسبوعين ولن يعودوا الى بغداد حتى الخامس عشر من حزيران.
من جانب آخر قال المحلل السياسي هادي جالو ان البرلمانيين قد يظنون ان الشعب سينسى موضوع السيارات المصفحة بعد انتهاء الجدال الذي حدث في شباط. يقول جالو "محاولة التغطية هذه تعني ان البرلمانيين لا زالوا يريدون السيارات. انهم ليسوا ملائكة، انهم يريدون الحصول على كل شيء فيه فوائد مادية".
على مدى الاشهر الثمانية عشر الماضية قام البرلمان بتمرير 85 قانونا، الا ان القليل منها يتعامل مع مشاكل العراقيين الكبيرة مثل المناطق المتنازع عليها في شمال البلاد، ونزاعات السلطة بين المحافظات والحكومة المركزية، وتمديد الثقة بالمستثمرين الذين يسعون الى المساعدة في اعادة بناء البلد الذي مزقته الحروب. القوانين التي تم تمريرها تشمل اجراءات دعم الشركات الصغيرة، والمشاركة في المؤتمرات الدولية الخاصة بحقوق المعوقين، وابرام اتفاقيات في مجال الطاقة بين العراق والاتحاد الاوروبي وتنظيم مسألة تكريم اولئك الين يستحقون الثناء من الحكومة.
لقد تسببت النزاعات السياسية في ايقاف اربعة قوانين للنفط والغاز كان من الممكن ان تمهد الطريق امام العراق لإنتاج وتصدير المزيد من النفط واستجلاب ثروة اضافية للبلاد، كما انها كانت ستنظم نمو الصناعة النفطية وخلق صيغة لتقسيم الموارد والارباح بين المحافظات.
يقبع العراق على رابع اكبر احتياطي عالمي من النفط الخام، ما يقارب 143.1 مليار برميل، الا انه يفتقر الى الانظمة اللازمة لانتاج وتصدير النفط ويحاول جذب مستثمري الطاقة من اجل ابداء المساعدة في ذلك. في نزاع كبير حول النفط، وضعت حكومة بغداد شركة اكسون موبيل النفطية العملاقة في القائمة السوداء ومنعتها من المشاركة في جولة التراخيص عقوبة لها على عملها في اقليم كردستان مما أثار غضب المسؤولين الكرد الذين يخشون من تردد الشركات في الاستثمار هناك مستقبلا. يقول النائب بهاء الاعرجي ان هذا النوع من النزاعات ليس من المتوقع ان نجد له حلولا سريعة وسهلة، " القوانين التي تسبب نزاعات سياسية فبحاجة الى المزيد من الوقت للموافقة عليها".
عن: نيويورك تايمز
أقرأ ايضاً
- تحذير عاجل للعراقيين.. تجنبوا هذه المناطق للسلامة والأمان!
- مكافحة الشغب تعتدي بالضرب على خريجات متظاهرات أمام وزارة التعليم العالي!
- "كان عشوائياً وغير مقصود" !! .. قناة 14 الإسرائيلية تبث تغطية عن "ضجة صورة السيد السيستاني"