حجم النص
أكد مسؤولون أتراك لصحيفة (صنداي زمان)، أن دولتهم لا يمكن أن تسمح بقيام دولة كردية، لأن ذلك يمكن أن يخلق أزمات داخلية وإقليمية، من شأنها تشجع الأكراد في باقي البلدان، ومنها تركيا، على المطالبة بالحقوق نفسها
وفيما اعترف هؤلاء المسؤولين بتدخل دولتهم في شؤون العراق الداخلية، ولاسيما السياسية منها، معللين ذلك بحماية مصالحهم الوطنية والامنية، رأت الصحيفة التركية أن العراق على شفير التفكك، بفعل سياسية المالكي التي وصفوها ب "الديكتاتورية"، التي تعمق الخلاف مع تركيا.
وقالت الصحيفة إن قيادة العراق الشيعية تغمض عينيها عن حال الهدنة الهشة في البلاد، بين المجموعات الاثنية والطائفية المتنوعة، وذلك في خضم موجة التحول السياسي الكبيرة في منطقة الشرق الاوسط كلها، ما يلقي باتفاق تقاسم السلطات الرئيس في فوضى، فيما تحاول الحكومة العراقية تعزيز سلطتها، ما يزيد من حجم المخاوف من حدوث ازمة سياسية غير مسبوقة قد تخاطر بتقسيم هذا البلد الذي خربته الحرب.
واشارت الصحيفة الى تصريح سابق ادلى به النائب الصدري بهاء الاعرجي، الذي تقول الصحيفة ان جماعته ساندوا رئيس الوزراء نوري المالكي في العام 2010، جاء فيه ان "الوضع السياسي في العراق حاليا مثل قنبلة موقوتة، يمكن ان تنفجر في اي لحظة".
وعلقت الصحيفة أن النائب الاعرجي اتهم رئيس الوزراء بخلق المازق السياسي الراهن في العراق، وذكر ان الاكراد يمكن أن يكونوا أول قطع الدومينو التي تقع في العراق، وتابع أن "بغداد لديها نفس المشاكل مع المحافظات الاخرى"، مبينا ان "هذا سيؤدي الى تقسيم العراق، ولن يكون هناك عراق على خريطة العالم".
ورات الصحيفة ان تصريحات الاعرجي هذه جسدت مشاعر الخوف السائدة بين مسؤولين اتراك في انقرة، الذين صبوا الزيت على تصاعد الحرب الكلامية بين انقرة وبغداد.
وتقول (صنداي زمان) ان "تدخل تركيا في الشؤون السياسية العراقية المحلية اثار رد فعل غير ديبلوماسي من جانب المالكي، الذي قال بفظاظة ان تركيا في طورها إلى ان تصبح دولة عدائية في المنطقة".
وتابعت الصحيفة أن "الازمة السياسية لفّت العراق بعد مدة قصيرة من مغادرة القوات الاميركية العام الماضي، عندما تحركت حكومة المالكي ضد سياسيين سنة اثنين، حينما سعت الى تنحية نائب رئيس الوزراء صالح المطلك والقاء القبض على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي على اساس تهم بادارة فرق موت".
وذكّرت الصحيفة بأن الهاشمي، الذي يقيم في تركيا حاليا "فر في البداية الى المنطقة الكردية، ما اثار غضب بغداد، فيما رفض مسعود بارزاني تسليمه للحكومة المركزية لمحاكمته، قائلا ان هذه القضية الجنائية تنطوي على دوافع سياسية".
من جهتهم، راى مسؤولون اتراك، كما تقول الصحيفة، ان "تدخل تركيا في شؤون العراق الداخلية مرتبط ارتباطا وثيقا بمصالح تركيا الوطنية والامنية. فاكبر تهديد امني لتركيا في العقود العديدة الماضية، ياتي، بعد كل شيء، من شمال العراق، الذي يؤوي معسكرات حزب العمال الكردستاني، البه كه كه. وعادة ما تقصف الطائرات التركية مواقع البه كه كه في العراق".
وتشير الصحيفة الى ان "العراق شهد حربا اهلية مدمرة في العامين 2007 و2008 راح ضحيتها ما يزيد عن 100 الف شخص، معظمهم من المدنيين. عليه فان الفصائل الاثنية والطائفية قد تؤثر ببساطة الانفصال على التنافس على بغداد، التي تخاطر بتكرار اسوا سيناريو؛ اي عودة حرب اهلية شاملة. واول اشارة على التقسيم جاءت من رئيس المنطقة الكردية التي تحكم نفسها، الذي طالب في لقاء مع وكالة (اسوشيتدبرس) القادة الشيعة بقبول تقاسم السلطة مع خصومهم السياسيين بحلول ايلول المقبل، والا فان الاكراد سينظرون بامر الانفصال".
واشارت الصحيفة الى قول بارزاني ان "ما يهدد وحدة العراق هو الحكم الديكتاتوري والاستبدادي"، مضيفا ان العراق اذا سار باتجاه الديمقراطية، فلن تكون هناك مشكلة. واستدرك "لكن اذا سار العراق باتجاه دولة ديكتاتورية، فلن نتمكن من العيش معا".
الا ان عددا من المراقبين قللوا من أهمية تصريحات بارزاني هذه وعدوها خدعة، غايتها الضغط على المالكي للنظر في خطورة الازمة. فكاتب العمود في صحيفة (واشنطن بوست)، ديفيد اغناتيوس، قال للصحيفة التركية إنه "يتفق مع من يقول إن العراقيين الاكراد والسنة غير مرتاحين من حكم المالكي، الا ان تفكك العراق امر غير مرجح".
ولفت اغناتيوس إلى أن "احد التطورات الايجابية المهمة في المنطقة هو تزايد حجم الروابط بين تركيا والحكومة الكردية الاقليمية، وهذا يشكل حماية جيدة للمصالح الكردية، لكنني لا اعتقد ان الاتراك، او اي قوى اقليمية اخرى، يريدون رؤية عراق مقسَّم".
وعلقت الصحيفة بان تركيا، الى جانب ايران، يؤرقها خطر ظهور دولة كردية مستقلة، قد تؤدي الى زعزعة استقرار سكان تركيا الاكراد بحجهم الكبير.
احد كبار الخبراء الاتراك في مجال السياسة الدولية، طيار آري من جامعة اولوداق، قال ان "احتمال حدوث انفصال في العراق يمكن ان يخاطر في قدح شرارة صراع جديد قد يجر إلى تبعات اقليمية".
وحذر آري من ان "الاكراد في كل من سورية وايران قد تكون لديهم رغبات مشابهة في التحرر، وحدوث تقسيم في العراق قد يلهب تمردات جديدة في المنطقة". محمد سيف الدين ايرول من جامعة غازي، قال للصحيفة ان "المنطقة الكردية في شمال العراق هي مضمار نفوذ تركيا، وان هذا يبشر بعهد جديد يشهد مزيدا من التعاون في العلاقات التركية الكردية".
أقرأ ايضاً
- لماذا يُعتقل العراقيون في السعودية؟ وما إجراءات الحكومة لإطلاق سراحهم؟
- رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة تعزيز آليات التواصل مع رئاسة مجلس النواب (فيديو)
- السوداني: هدف الحكومة العراقية زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي بالدواء