عانت اغلب وزارات الدولة العراقية واداراتها العامة بعد نيسان /2003 جملة سلبيات اهمها تولي مسؤولياتها اشخاص اقل ما يقال عنهم انهم غير جديرين بتلك المسؤوليات بسبب عدم امتلاك بعضهم للمؤهلات العلمية او التخصصية او عدم درايتهم بابجديات ومبادئ علم الادارة
بينما قام البعض الاخر المثقف منهم باتباع منهج استشارة موظفين متنفذين مستمرين بالخدمة قبل نيسان2003 وخاصة بالامور التنظيمية والرئيسة وقد فاتهم ان اغلب اولئك الموظفين المتنفذين كانوا اركانا في دولة اثقلتها حروب مستمرة وحصار قاتل خلق فسادا اداريا منضبطا بقوة قاسية في تأليه (فرد) وتلبية كل اوامره بل وسابع جار من اوامره غير اّبه لاهمية جوانب واسعة اخرى ، والمنطقي لهكذا متنفذين سابقين ان يفقدوا توازنهم الي درجة خطيرة بعد انفراط عقدة حلقات السلسلة الحديدية التي كانت تجرهم من رقابهم مربوطين كالقطيع، راضين بحالهم من اجل مصالحهم الشخصية. البعض الاخر اختار مستشارين موالين له طائفيا او حزبيا من الموظفين المستمرين بالخدمة او المعينين الجدد، فوقع هذا الاخر في حفرة مياه آسنة حيث استمر بتجميد القدرات الوظيفية الشريفة التي كانت مجمدة في النظام السابق اضافة الي الاستهانة ببعض الطاقات المتميزة والعفيفة من الموظفين المتضررين المعادين للخدمة. النتيجة المتوقعة لادارة مثل هؤلاء الوزراء ومدرائهم العامين هي التذبذب صعودا ونزولا في نقطة واحدة من دون احراز تقدم يذكر في افضل الاحوال ناهيك عن ان استمرار هذا التذبذب يزيد المتاعب بالوزارات في الناحيتين الانتاجية والادارية كما هو كذلك في الناحية النفسية لعموم منتسبيها من الموظفين. من الظواهر الاخرى لهذا التذبذب كثرة الاستبدالات بين مسؤوليات الموظفين، فيوما ترى فلانا مديرا عاما وما هي الا اسابيع او اشهر معدودة واذا به ينزل موظفا عاديا في نفس مديريته ، ولا ادري كيف يجهل الوزير مسؤوليته في سوء اختيار ذلك المدير العام بافتراض كونه سيئاً فعلا. ان استمرار الاخفاق في اختيار المسؤولين والمدراء العامين في وزارة وعدم استقرار الملاك المتقدم فيها امر يحسب علي وزيرها قبل اي مسؤول اخر. في نقيض اخر ، يتغاضى وزراء عن معاجة مرؤوسيهم ( خصوصا ممن يتولون ادارة دوائر خدمية لها صلة مباشرة بالحياة والمتطلبات اليومية للمواطن العراقي ) ممن تكثر الشكاوى علي دوائرهم وبشكل واسع وواضح للعيان. ما رأيت او سمعت عن وزير عراقي عين مرؤوسين بنظام انتخاب او استفتاء مبسط بين جموع الموظفين سوى حالات محددة بعد سقوط النظام حصلت في اختيار مدراء المدارس ورؤساء الجامعات.
نقول الاجدر بمن تعرض عليه المسؤولية اما قبولها وقبول كل امتيازاتها المعنوية مقابل ثقته بنفسه كونه اهلا لها متجردا من كل النزوات المادية والجسدية ونزوات الميل للطائفية او الحزبية وليكون للعامل الشريف الذي يبني بالحجر الصحيح والعدة المناسبة تحت سقف شمس العراق الحارقة بيت لا يعود لاحد سوى لكل العراقيين، او ان يعتذر عنها بشرف حينما يدرك ان بناء الحجر ليس تخصصه او انه لا يتحمل قساوة الشمس او مقاومة العطش اللامتناهي للمادة او الجسد ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
أقرأ ايضاً
- مسؤولية الأديب في زمن الاحتضار.
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
- حوار بين مسؤول وصديق وأنا مستمع