- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفساد .. قدَر أم طبيعة بشرية؟!
لو تتبَّعنا جذور أي فسادٍ مالي و إداري في الأرض ، سواء أكان ذلك في الماضي أم الحاضر ، في هذا البلد أو ذاك ، في هذه الشريحة الاجتماعية أو تلك ، لوجدناها تنتهي إلى منطلقٍ واحد ـ رغبة المرء في الحصول على أكثر من حقه
أو على ما هو خارج ما تُقره له القوانين أو الأعراف و الشرائع الدينية من منافع شخصية . و سواء أكان الفساد سرقةً عادية ، قطعاً لطريق ، غشّاً في البيع ، اختلاساً أو هدراً في المال العام ، رشوةً ، صفقةً غير قانونية ، وساطةً ، \" هديةً \" أو تملقاً لتحقيق غرضٍ ما ، ابتزازاً أو تهديداً لتحقيق غايةٍ معينة ، استغلالاً نفعياً ، تغليباً لمصلحةٍ خاصة... ، فإن وراءها كما هو واضحُ الرغبة الشخصية في الحصول على ما ليس من حق الفاعل ، و ما لا تبيحه الضوابط الآنفة الذكر . و هذه الضوابط لم توضع أصلاً إلاّ لتنظيم حياة المجتع من خلال صيانة المال العام ، و حماية الأفراد من تجاوز بعضهم على حقوق البعض الآخر ، و بالتالي منع اختلال النظام العام و سيادة قانون الغاب و انهيار المجتمع في نهاية الأمر . و لو لم يكن الأمر هكذا ، لما كانت تلك السلوكيات فساداً يجب محاربته أو ضبطه ، و لما أتعب الفلاسفة و المفكرون و الأنبياء أنفسهم في التصدي له و التحذير منه ، و التهديد بالعقوبات و العواقب المترتبة عليه . غير أن الناس عموماً ، و بعد كل هذا ، ما زالوا يرشون و يرتشون ، و يسرقون و ينافقون ، و يسكتون عن حقٍ طلباً للنفع الشخصي ، و هم عارفون جيداً و يرددون أن الراشي و المرتشي كلاهما في النار، و أن الاختلاس جريمة مخلة بالشرف ، غير ذلك من نصوص الدين و مأثورات الناس الناهية عن ذلك من دون جدوى ! فهل فسادٌ من هذا النوع قدَرٌ ، بالتالي ، أم طبيعة بشرية ، لا ينفع في تغييرها تطورٌ حضاري و لا أديان و لا قوانين و لا حتى أعرافٌ اجتماعية ؟ ! أقول هذا للّذين يتصدّون لموضوع الفساد المستشري في مؤسساتنا العامة و نشاطاتنا السياسية و علاقاتنا الاجتماعية ، لعلهم يجدون حلاً غير الذي تعبت فيه الفلسفات و الأديان و الضوابط القانونية حتى الآن ، كأن يشرِّعوا ، مثلاً ، عقوباتٍ من نوعٍ آخر ، أو أن يشرِّعوا الرشوة ، و الاختلاس ، و السرقة ، و غيرها من \" أوابد \" الناس في أشكالٍ و حدودٍ معينة ، على غرار تقديم مكافأة لمن يسلّم ما لديه من أسلحة و متفجرات ، و هي ممنوعةٌ أصلاً و يعاقب على حيازتها القانون ، كما هو معروف!
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً