في حمى كل (فوضى المفاهيم)و(ازدواجية المعايير)التي يشهدها عموم المشهد العراقي بكل ما يعيشه من دهشة وعجائب واستغراب في ماضيه مثلما هو في حاضره لا يزال العراق (الوطن)والعراقي (المواطن) يدفع الضرائب تلو الضرائب من امنه واستقراره ورفاهيته
والاهم من كل ذلك لا يزال مفهوم (المواطنة العراقية) الذي هو تشخيص الداء مثلما هو دواؤه يصارع الامواج الهائجة وسط البحر الغاضب وعلى ما يبدو فان على هذا المفهوم ان يتحمل الاعباء الثقيلة وعليه وحده فقط ان يدفع) فاتورة الحساب بالكامل خاصة في ظل غياب أية مصالحة حقيقية بين المواطن وبين وطنه. من هنا يبرز سؤال في غاية الاهمية بحاجة الى من ينهض بعناء الاجابة عليه مفاده اين يكمن الداء في تدهور حالة العراق وعدم تعافيه على مر الدهور والازمنة في الحاكم ام في المحكوم ؟ بدون تسرع وبلا تهور لا نريد ان نجيب دون تدقيق او تحميص ونضع كل هباء سنين العراق المهدورة على شماعة من حكم ؟ ونردد وقد تقولبنا فكريا مقولة(الناس على دين ملوكها)نعم وان كنا مع المقولة ولكن بشرط عدم نسيان حقيقة (ان الامم تصنع طواغيتها وانها اذا لم تجدهم فانها تخترعهم (وهذا مما يؤسف ويرثى له في واقع حال العراق اليوم ف( خلاف)من يحكمنا وهم كثر لم يتطور بعد كل ما جرى على البلد والذي كان فيه على شفا (حرب اهلية) ليصبح (اختلاف)كي يجعلنا نقول عنه انه من النوع الذي لا يفسد للود قضية ولكنه بقي على ما كان عليه محتفظا بسر قوته وديمومة بقائه خلاف ولا يزال على نفس طبائعه مصرا على ان يفسد للود أي قضية. ستالين وماو وتيتو وعبد الناصر وصدام صنائع حاشية ما انفكت ابدا تزين الاوهام والاباطيل لتجعل من السراب ماء يحسبه الضمآن وهذا عين ما يريده البعض لمن يحكمنا ؟ وحسب الشرق دائما انه كان (منجم طغاة) ومن هنا فالتجربة الجديدة في العراق الذي يراد لها ان تكون ديمقراطية في خطر خاصة في ظل محيط عربي غارق حتى اذنيه في حكم الطغاة وتوريث الطغاة وهو المحيط الذي سيقاوم بكل تاكيد ذلك الجسم العراقي الغريب عنه خوفا من ان تصيبه عدوى الديمقراطية وعندها فانه سيكتب شهادة وفاته غير ماسوف على شبابه. في الكثير من الازمات التي يشهدها البلد باستمرار دائما ما يتم اللجوء الى اسهل الحلول لدى الكثيرين وان كان اصعبها لدى من يحتكم الى خيارات ديمقراطية (تعليق الدستور)و(عدم تطبيق القانون) ولان منصب رئاسة الوزراء دائما ما يكون في وجه المدفع ولانه وعلى ما يبدو يراد لمن يشغله ان يكون كبش فداءاول من يقدمه فرقاء العملية السياسية عند الحاجة كلما اصاب عمليتهم السياسية الاخفاق والفشل ولان التجربة الديمقراطية في العراق لا تزال تعاني من مرحلة المراهقة ولان شعوب المنطقة ومنها الشعب العراقي الذي ينتمي جغرافيا الى عالم الشرق يعشق صناعة المستبد. لذلك كان من الطبيعي جدا ان يطلب من السيد رئيس الوزراء ان يجنح الى الاستفراد في رأيه ويرمي الدستور خلف ظهره فهذا احدهم يطلب منه ان يكون على رأي حزبه وان يكون رهين ثقافته وان يحكم بما يراه دون انتظار مشورته للاخرين وهذا ليس بالغريب ولا العجيب في عقلية الكثيرين بيننا وهم الذين لم يعرفوا في حياتهم غير الحكام المستبدين الذين لا يعدو حكمهم بين( اضرب رأسه يا سياف) او( اعطاه كيس دراهم) وفي قرارات تتم في اسرع من لمح البصر. من هنا فاننا احوج ما نكون اليوم في العراق الجديد او الذي يراد له ان يكون جديدا الى (تحرير العقل)وابعاده وعدم اقحامه في امور كثيرا ما ستكون من العوامل المساعدة على تاخير انجاز بناء مشروع (الدولة الحديثة) في وقت نكون فيه بحاجة على بذل الجهد والوقت في التثقيف والتوعية الى بلورة المجتمع المفتوح على الحاكم الذي يطبق القانون ويلتزم بصلاحياته ولا يجتازها فيكون الحاكم والمشرع والقاضي معا وعندها فاننا نكون قد فتحنا الابواب على مصراعيها امام عودة الديكتاتورية البغيضة بعدما تصورنا واهمين اننا قد فارقناها الى الابد واصبحنا نحكم بدستور كانت مسألة (الفصل بين السلطات الثلاث) احد اعمدته الرئيسية التي من المفروض ان يبنى عليها العراق كي لا يداس باقدام الطغاة من جديد.
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- القُرَّاء وموضوع التنوع في الأداءات.
- مجالس المحافظات.. صراع الأخوة الأعداء