ابحث في الموقع

استئناف التفاوض أم الحرب: الشيطان يكمن في التفاصيل؟

استئناف التفاوض أم الحرب: الشيطان يكمن في التفاصيل؟
استئناف التفاوض أم الحرب: الشيطان يكمن في التفاصيل؟

بقلم: د. سلام عودة المالكي - وزير أسبق

بعد الحرب الأخيرة تغيرت مجريات المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا. لقد أصبح واضحاً بالنسبة لإيران أن جميع جولات المفاوضات السابقة باتت بحكم الماضي ولن يكون هناك عودة إلى حيث انتهت، بل سيكون هناك أهداف مختلفة ومغايرة تماماً، ذلك أن إيران قبل العدوان عليها اختلفت عن إيران ما بعد العدوان خصوصاً وأنها في المفاوضات السابقة كانت تسعى لعدم أستهداف منشآتها النووية. أما وأن وقعت الضربة العسكرية فهنا أصبحت العقيدة التفاوضية لإيران مختلفة، بل هنالك تطور كبير ومهم في مجرى الأحداث.

إن صانع القرار الإيراني لم يعد يثق بالمفاوض الأمريكي مطلقا ولا يمكن أن يبني على أي كلام أو وعود أمريكية، بل سيكون يده على الزناد وهو يفاوض، لأنه صار يعتقد أن أمريكا تمارس خديعة استراتيجية ولديها نوايا أخرى، لأن أثار ومتغيرات الحرب جعلته يفكر بمدى أبعد مما كان عليه قبل العدوان، ولذلك فان الاستراتيجية الجديدة لدى المفاوض الإيراني ستكون مغايره كلياً عما يريده الطرف الآخر وأقصد هنا الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد أن يأتي المفاوض الإيراني ويبدأ من حيث توقفت المفاوضات وان يقدم تنازلات على طاولة التفاوض، وهذا أمر مستحيل لمن يعرف عقلية صانع القرار الإيراني وعقيدته التفاوضية وكيف يفكر.

لذلك نرى أنه لغاية الآن ليس هناك قرار جدي باستئناف المفاوضات لان سقف كل طرف أعلى من الآخر ولا يوجد مساحة مشتركة بينهما يبدأ منها الحُوَار خصوصاً وأن إيران ترى أن هناك متغير طارئ دخل على طاولة الحُوَار وهو الكيان الصهيوني الذي تسبب باندلاع الحرب وهو عامل أساسي في عملية التفاوض المقبلة مع وضوح الرؤية بأهداف العدوان المتمثلة بإسقاط النظام وأن البرنامج النووي كان ذريعة يتذرع بها الطرف الآخر، فايران تسعى لكسب مزيد من الامتيازات والشروط والضمانات التي تؤمن لها حقوقها في برنامجها النووي السلمي وكذلك ضمان عدم تكرار العدوان عليها مع مطالب مالية كتعويض عن خسائرها نتيجة الحرب، بينما الولايات المتحدة الأمريكية تريد فرض شروطها وضمان عدم استئناف العمل بالبرنامج النووي أو التخصيب داخل إيران، إضافة إلى بروز القدرة الصاروخيّة الإيرانية التي باتت تؤرق الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.

كل تلك العوامل قد تؤثر على انعقاد طاولة المفاوضات القادمة، وربما تؤدي إلى تفاقم الأزمة والعودة مره أخرى إلى الحرب التي يبدو أن كلا الطرفين قد أعدا العده لها. وإلى أن يتضح الموقف تبقى كل الاحتمالات واردة وعلى جميع المستويات.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!