تراجعت مناسيب المياه في أهوار العراق، لتشهد جفافاً لم يُسجَّل قطّ في تاريخها، مما جعل ذلك الحياة شبه مستحيلة في تلك المنطقة، فضلا عن نفوق عشرات الآلاف من الأسماك، وهجرة أصحاب قطعان الجاموس.
إلا أن مرصد “العراق الأخضر” المعني بشؤون البيئة كشف، اليوم الخميس، عن أمل جديد يعيد الحياة لأهوار العراق هذا الصيف.
يشار إلى أن غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، حيث تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى أراض قاحلة.
وذكر المرصد في بيان، أن “الأهوار شهدت خلال فصلي الشتاء والربيع ازدهارًا كبيرًا من حيث وفرة المياه، نتيجة للأمطار والسيول التي جاءت من الجانب الشرقي الإيراني، وخاصة منطقة أهوار ميسان التي امتلأت بشكل ممتاز، مما أدى إلى ارتفاع مستوى المياه بشكل مرضٍ”.
وأضاف المرصد، أن “واردات المياه من نهري الطيب والدويريج جيدة، خاصة الواردات القادمة من نهر دجلة بفرعيه المشرح والكحلاء فيما يتعلق بأهوار الحويزة، وفرع البتيرة على الأهوار الوسطى”.
وتوقع المرصد، أن “تكون كميات المياه في الأهوار كافية خلال فصل الصيف الحالي، مما يسهم في انتعاشها بشكل نسبي، نظرًا لاستمرار تدفق المياه بكميات كبيرة والإطلاقات الوفيرة التي ستساهم في المحافظة على مستوى المياه ومواجهة تبخرها المحتمل”.
والاهوار العراقية التي يتفرّد فيها العراق مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بصورة رئيسية، وتمتدّ في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران جنوبي البلاد وجنوب شرقيها، أمّا أبرزها، فهي أهوار الجبايش والحمّار والشيب والدجيلة، وهي تضمّ أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية ونبات القصب والبردي، فيما تعيش حولها آلاف الأسر العراقية على الزراعة وصيد السمك وتربية المواشي.
وشهدت الاهوار العراقية العام الماضي، اقسى موسم جفاف منذ إعادة اغمارها بالمياه من جديد بعد عام 2003، بحسب الخبير البيئي جاسم الاسدي.
وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
وأصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
ورصدت المنظمة من منتصف أيلول 2023 نزوح أكثر من 21 ألفا و700 عائلة بواقع 130 ألفا و788 فردا، أغلبهم من المحافظات الجنوبية، وما تزال هذه المناطق في حالة نزوح بسبب حالات التغير المناخي، وكانت ذي قار الأكبر عددا بحالات النزوح إذ وصل عددهم إلى 7890 عائلة، تليها ميسان، ومن ثم النجف.
ومع حلول كل فصل صيف تضرب الأهوار والأراضي الزراعية أزمة مائية تؤدي إلى انحسار مساحات كبيرة في الأهوار وتقليص الخطط الزراعية بسبب شح المياه الواصلة إلى البلاد من دول المنبع، وأحيانا تبلغ الأزمة ذروتها في بعض المحافظات وتؤثر سلبا على تغذية محطات مياه الشرب بالكميات الكافية لانخفاض مناسيب الأنهار المغذية لها وتحولها إلى ضحلة يعصب تنقيتها.
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي قد أعلن، في تموز 2023، شمول كلّ الأسر في الأهوار بالحماية الاجتماعية، الأمر الذي يعني تصنيفهم فقراء، وبالتالي وجوب تكفّل الحكومة بسداد مخصّصات إعانة شهرية لهم. وقد أتى ذلك بعد “عملية البحث الكبرى التي تجريها (الوزارة) للمناطق الأشدّ فقراً، من ضمنها قضاء الجبايش في محافظة ذي قار” جنوبي العراق.
أقرأ ايضاً
- تفكيك شبكة "خاصة" لتجارة وترويج المخدرات جنوبي العراق
- الإعدام لمفجر أبراج الطاقة الكهربائية في العراق
- بعد المباراة بيومين.. شرطة البصرة تعلن ضبط شبكة لتزوير بطاقات دخول ملعب جذع النخلة (صورة)