كثيرة هي الامور غير المنظورة في عمل مواكب الخدمة الحسينية، والاكثر منها هو تلك النفوس الطيبة التي تبذل الغالي والنفيس خلال ايام الزيارة الاربعينية في مناطق لا يخفى فيها الفقر، ومنها مواكب منطقة الجبايش والمنار البسيطة، التي لا تمتاز بالضخامة او الامكانيات الكبيرة، لكنها تقدم خدمات جليلة لاشخاص يقتطعون من ارزاقهم، ليقدموا افضل الخدمات الى المشاية المنطلقين من محافظات البصرة وذي قار نحو كربلاء الشهادة، بنفوس يعتصرها الخجل من ضيوف ابي عبد الله الحسين (عليه السلام).
موكب السبايا
وقف يهتف باعلى صوته (تفضل يا زاير، زاد ابو علي يا زاير) ويؤشر بيده نحو سقيفة صغيرة وخيمة اعدت للاستراحة، وعندما سألناه عن موكبهم وبساطته سرد صاحب الموكب ناصر نعمان لوكالة نون الخبرية القصة بالقول" نصبنا هذا الموكب بعد العام 2003 حيث سقط النظام الدكتاتوري المباد الذي منع اقامة الشعائر ومنها زيارة الاربعين، حيث انطلقت حشود الزائرين بالملايين من البصرة واقضيتنا الى كربلاء الشهادة، ولم تكن هناك مواكب للخدمة، ونحن من سكنة هذه المنطقة وبمجرد مشاهدتنا للزائرين وتجمعنا نحن الاقرباء والاصدقاء والمعارف من اغلب ابناء المنطقة ونصبنا موكبنا على الفور وعلى قدر امكانيتنا واختصر بسبب ضيق الحال وكان عبارة عن طاولة وطعام يطبخ في بيوتنا اكثره التمن والمرق يوزع على الزائرين، وصارت اشبه بالاستغاثة لان اعداد الزائرين كبير وحجم الخدمة محدود، بسبب قلة المواكب وبعد المسافات بينها، وكنا نوزع الطعام وينتهي بسرعة فنجمع اموال اخرى لنطبخ مرة ثانية ونوزعه، وقمنا بتأجير سرداق ثم اشترينا واحد اخر ونصبناه بايدينا، مع الكشك الصغير لنوسع الخدمة".
بداية جديدة
موكبنا تفرع الى اربع مواكب وبدأنا بداية جديدة بعد ان اصبح لدينا موكب مكتمل رغم بساطته، وكنا نوزع ثلاث وجبات يوميا، الافطار والغداء والعشاء، وخدام الموكب يصل عددهم الى (20) خادما، ويستمر العمل على مدار اليوم بثلاث وجبات عمل، باستثناء هذا العام الذي تغيرت فيه اوقات مسيرة الزائرين بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ونوزع بين الوجبات الثلاث الرئيسة وجبات خفيفة تتضمن الفاكهة والعصائر والمعجنات، واصبح عدد معتد به من المشاية اصدقاء لنا ووصلت الى المصاهرة بيننا، والانفاق تكافلي بصندوق للموكب، وكثير من افراد الموكب منتسبين في الاجهزة الامنية او الحشد الشعبي ينضمون (سلفة) وتنفق في بداية الخدمة في الزيارة الاربعينية وتعزز بالأموال عند نفاذها، كما نقدم وجبات طعام تطبخ في بيوت اهالي المنطقة للزائرين، وتستمر الخدمة لمدة عشرة ايام".
موكب قمر بني هاشم
جلس رجلان عجوزان على كرسيين امام موكبهما ينديان بصوت خافت على الزائرين ، فاقتربنا منهم وسألناهم عن موكبهم المتواضع واجاب صاحب الموكب عبد الحسن ذباح لوكالة نون الخبرية ان " موكبنا من منطقة المنار الواقعة بين منطقتي الجبايش والطار وبعد انطلاق المسيرة المليونية الى كربلاء المقدسة في الزيارة الاربعينية، هرعنا على الفور ونصبنا خيمة على الشارع وقدمنا الخدمات للزائرين، وموكبنا عبارة عن عائلة واحدة مكون من اخوة وابنائهم وبناتهم، واول طعام قدمناه هو نحر ذبيحة وتقديم التمن والمرق واللحم للمشاية، والافطار حليب وروبة وسياح، والسنة التي تلتها قمنا ببناء الموكب بالطابوق والسمنت لتوفير الراحة للزائرين وفيها قاعتين ومقتربات صحية وخدمية للرجال والنساء اللواتي يخدمنهن بناتنا، وانا ارعى الغنم وابيع منها واخصص مبالغ من رزقي لموكب الخدمة الحسينية، كما نأخذ عدد من المشاية الى بيوتنا ولدينا قربها حسينية لمبيت الرجال وبيوتنا لمبيت النساء، ويوم امس بات عندنا (45) مشاي، ونقدم وجبتي طعام وفواكه وعصائر ووجبة العشاء في بيوتنا، ونخدم يوميا بحدود (400) زائر ، ونستمر بالعمل لمدة ثماني ايام ننفق خلالها ملايين الدنانير، وعدد الخدام تقريبا( 25) خادم بينهم عشر نساء".
قاسم الحلفي ــ ذي قار
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- جمع خدام من محافظات مختلفة ..موكب "شباب القاسم" قدم الشهداء والجرحى وافضل الخدمات للزائرين