حجم النص
تحقيق :ايناس العبيدي
أنشأ معتصم الابراهيم بحيرة اسماك في قضاء العلم (191) كيلومترا شمال بغداد ويبعد (16) كيلومتر عن مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين وذلك لارتفاع أسعار الأسماك وعدم تغطيتها الحاجة المحلية وعزوف السكان لمحليين عن شراءها بسبب أسعاره المرتفعة. بدأت فكرة إنشاء بحيرة الاسماك بسبب ارتفاع وقلة وفرة الأسماك في السوق فكانت محاولة لتغطية حاجة السوق المحلي، وهذا كان الدافع الرئيسي لإنشاء البحيرة، ناهيك عن الغاية الربحية، فأصبح ناتج البحيرات يغطي جزء من احتياجات السوق من الأسماك في سوق القضاء على حد تعبيره. ويقول معتصم الابراهيم ( ٣٠ عاما) ان " الحكومة لا تدعم المشاريع الخاصة بتربية السماك سواء الأعلاف او أي احتياجات"، مستدركا "الا أنها لا تمانع بمنح الإجازات لاصحاب المشاريع الصغيرة الخاصة بتربية الأسماك"، موضحا ان "تلك البحيرات تعتمد على المياه الجوفية والآبار الارتوازية والكهرباء الوطنية التي تجهزها وزارة الكهرباء، مؤكدا أن " الأسماك التي تنتجها البحيرات تتعرض لتقلبات السوق وعمليات العرض والطلب مثل المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، لكن اهميتها تكمن في تغطيتها لجزء من الحاجة المحلية في مدينته". ويعد السمك من الوجبات المفضلة لدى عموم العراقيين وأشهرها "السمك المسكوف"، وارتبطت بعادات فلكورية او شعبية تتضمن تناوله في أيام الجمع وكذلك حسب بعض المعتقدات الدينية يكون وجبة غذائية في أيام الأربعاء، وتسببت ارتفاع أسعاره بضغوطات نفسية للسكان المحللين الذين باتت عملية شرائه تثقل ميزانية عائلاتهم، ويعود ارتفاع أسعاره الى شحة المياه بسبب الأزمة المائية التي يعاني منها العراق منذ سنوات وتأثيرها بشكل مباشر على الثروة السمكية، وهذا ما هدد واقع الكثير من بحيرات الأسماك، ومنها الواقعة على اكتاف الأنهار.
ارتفاع اسعار الاعلاف
يقول الدكتور خالد شمال مدير عام والمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية إن " العراق يحتوي أكثر من (2500) بحيرة اسماك متجاوزة بسبب الفوضى في السنوات السابقة في منح الإجازات من قبل وزارة الزراعة والدوائر المرتبطة بها وهذا أصاب الإيرادات المائية بالضرر، فهناك أضرار فيما تخص التجاوز على الحصص المائية وأخرى تتعلق بالملوثات والبيئة وغيرها تؤثر على الزراعة والأراضي، فالعراق منفذ بحري على الخليج العربي وهذا يتطلب استثمار هذا المنفذ بشكل واسع والاستفادة من الثروة السمكية"، مشددا على أن " الأغلال بإنشاء بحيرات سمكية بطرق غير علمية وغير مدروسة اضر بالاقتصاد العراقي وأضر بالنوعية والاستهلاك والبيئة وبالتالي يجب إن تكون هنالك دراسة وخطة واضحة ضمن منهجية لإنشاء هذه البحيرات"، منوها الى ان " سبب ارتفاع الأسعار يعود لتربية الأسماك المكونة من مرحلتي الاصبعيات واللقاحات وغذاء الأعلاف التي غالبا ما تكون أعلاف مستوردة اي مكلفة"، فضلا عن "اللقاحات المستوردة ايضا" والتي تضيف تكاليف اخرى لتصبح اسعار الأسماك مرتفعة".
أرقام و إحصائيات
وتشير احدث إحصائية تحدث عنها الدكتور خالد شمال الى ان " مساحة البحيرات المجففة الواقعة على نهري دجلة والفرات قد بلغت (6786 ) دونم منها مساحة البحيرات العاملة التي بلغت مسحتها ( 23267) متر مربع، فيما تجاوزات بحيرات الأسماك العاملة بــ ( 1531) وعدد متجاوزين البحيرات العاملة بـ ( 1326) لافتا إلى " البحيرات التي قطع المصدر المائي عنها اي البحيرات المجففة بلغ (1357) متر مكعب في حين بلغت تجاوزات الأقفاص اسماك (908) متر مكعب ومساحة الأقفاص (19730)متر مكعب. وبينت إحصائية اخرى أن عدد الأحواض المجازة بلغ (4032) حوضا بعدد إجازات ممنوحة قد بلغ (1056) إجازة، فيما بلغ عدد الأقفاص المجازة (9948) قفصا بـ (480) اجازة ممنوحة .
مساحات وميــــاه
وتلفت الإحصائيات المعلنة بأن " المساحة الكلية للبحيرات الطينية المجازة مليونين و(820) الف و(693) دونم وان الاستهلاك المائي لهذه البحيرات المجازة يبلغ (355،73) مليون متر مكعب إما المساحة الكلية للبحيرات الطينية غير المجازة فيبلغ ( 271791) دونم والاستهلاك المائي للبحيرات غير المجازة (3، 43) مليار متر مكعب.
التغيرات المناخية
ويعزى وكيل وزير الزراعة الدكتور مهدي الجبوري الأسباب الى " معاناة قطاع الثروة الحيوانية وخاصة قطاع الأسماك من شحة المياه والتغيرات المناخية" إضافة إلى "كلف إنتاج الأعلاف وهذا بالتالي يؤثر على تذبذب الأسعار في الأسواق المحلية"، لافتا الى انه " هناك بعض الفترات يكون فيها العرض كبير اكبر من الطلب فبالتالي انخفاض بالأسعار وفي وقت أخر يكون العكس الطلب اكبر من العرض فيحدث العكس ارتفاع الأسعار ويكون هذا موجود وقت الإصابات الموسمية مع تغير الجو الربيع أو الخريف فهناك بعض الإصابات الفيروسية التي تؤثر على بحيرات الأسماك خاصة الأقفاص العائمة وبالتالي يكون أثرها كبير على القطاع ". ويضيف الجبوري الى إن " نفوق الأسماك الذي حدث عامي 2018 و 2019 أثر بشكل كبير على حجم ونشاط الثروة السمكية في العراق والى الآن لم يحصل مربي الثروة السمكية على التعويضات لقاء تجديد مشاريعهم وتطوير عملهم في قطاع الثروة السمكية ولمعرقلات عدة في الفترة السابقة، ترافقت مع مشاريع الثروة السمكية في جنوب البصرة خاصة مشاريع (السيبة) التي شهدت ارتفاع الملوحة وبالتالي أثرت على الأسماك النهرية الموجودة في تلك المشاريع.
حلول بديلة
ويوضح بالقول " اضطرت وزارة الزراعة إلى تشجيع تربية الأسماك البحرية وهي تجربة تنفذ لأول مرة في العراق بان تكون هناك تربية للأسماك البحرية وستكون في عدد من المحافظات الأخرى كمشاريع للأسماك النهرية وحاليا وفرنا دعم وبنسبة بسيطة لمربي الثروة السمكية من خلال توفير الأعلاف الذرة الصفراء وكذلك اللقاحات لمربي ومنتجي الأسماك .
قوانين وعقوبات
من الناحية القانونية فالمشرع العراقي نظم ووضع قوانين للإحياء المائية ومنها مزارع السمك او المعروفة بالبحيرات والأحواض ووضع قوانين عقابية جنائية للمخالفين، ويبين القاضي ناصر عمران أن " تنظيم الإحياء المائية لم يكن بعيد عن لحاظ المشرع العراقي حيث صدر قانون صيد الإحياء المائية لسنة 1965 ولبروز مجموعة من المعوقات ولعدم ملائمته للمرحلة صدر قانون تنظيم صيد الإحياء المائية وحمايتها رقم 48 لسنة 1976 مبينا ان " الأسباب الموجبة لتعديل القانون وصدوره إن الإحياء المائية من الموارد الطبيعية المهمة في تحسين ورفع مستوى التغذية وتطوير الاقتصاد الوطني، مشددا على ان " القانون يتناول في فصوله تنظيم تربية وصيد الإحياء المائية واعتبارها من الموارد الطبيعية المهمة وشمولها بقانون تعليمات خاصة بمزارع تربية الأسماك رقم (100) لسنة 1985حيث ينص على " جاء في المادة العاشرة منها بفقراتها (4 اولا) يمنع منعا باتا إنشاء مزارع للأسماك دون إجازة وفي المناطق المسموح بها والفقرة الثانية على كل من أنشى مزارع لتربية الأسماك تجاوزا قبل نفاذ هذا القرار القيام بردمها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ صدور القانون وفي حال عدم امتثال تقوم الجهة المختصة بردمها على نفقته الخاصة". ويعرج القاضي " في حالة مخالفته لما شرع ونظم وفق التعليمات يعاقب بالقوانين العقابية الواردة في قانون تنظيم وصيد الإحياء المائية وحمايتها رقم 48 لسنة 1976"، مشيرا الى أن " القانون تناول أيضا في المادة 28 التي لازالت سارية إلى ألان العقوبات حيث يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات وبغرامة عدل مقدارها فيما بعد مع مصادرة الصيد كل من استخدم في صيد الإحياء المائية طرق الإبادة الجماعية كالسموم او المواد الكمياوية او الطاقة الكهربائية الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات مع الغرامة التي عدلت سنة 2010 وأصبحت مليون دينار ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار اذا كانت جناية وتكون اقل فيحال الى الجنحة". والخلاصة ان "بحيرات تربية الاسماك التي يديرها معتصم والالاف من مربي الاسماك تساهم في تعويض النقص الذي تعرضت له الثروة السمكية بسبب ضروف نقص المياه، كما سيخلق المزيد من الفرص للشباب ويسهم في تنمية السوق المحلي وحل جزء من مشاكل للعائلة العراقية.
أقرأ ايضاً
- الفساد يقضي على هور الصليبيات جنوبي العراق
- آلاف الشركات الوهمية بالعراق مسجلة بأسماء "مغفلين" تهرباً من الضريبة
- في مناطق زراعية ونائية اقصى جنوب العراق: موكب حسيني يؤوي ويطعم "مشاية" عراقيين وعرب واجانب(مصور)