بين مركز محافظة البصرة وقضاء الفاو مسافة مئة كيلومتر، وبينهما قضاء ابي الخصيب وقراه الزراعية، في احدى تلك المناطق وعلى مقربة من البحر تقع قرى الدويب والدورة ومحيلة التابعة لناحية السيبة في قضاء ابي الخصيب الفاصلة مع قضاء الفاو الحدودي، آثر ساكنوها وهم سادة من ابناء عشيرة واحدة على نصب موكب خدمة حسيني للمشاية المنطلقين من رأس البيشة في الفاو، لتكون من اوائل محطات استراحاتهم في سيرهم نحو كربلاء الشهادة، وهو موكب يستقبل ويطعم ويخدم ويبيت عنده "مشاية" عراقيون وعرب واجانب.
تربية حسينية
وقف السيد " عباس هاشم الغريفي" مع والده وعمه وابنائه امام الموكب ليخدم الزائرين ويقول لوكالة نون الخبرية ان" اهلنا ربونا تربية حسينية صادقة من خلال حرصهم على اقامة العزاء الحسيني في قريتنا خلال حكم الطاغية المقبور، ويصحبونا ونسير معهم لكيلومترات عدة لحضور مجالس العزاء فيها محافظات دينية ومجالس لطم في بيوت عدة من العصر الى الليل من الاول من محرم الى العشرين منه، وبسبب التشديد الامني لا نستطيع اظهار مظاهر العزاء ورفع الرايات الحسينية فوق البيوت الطينية ونستبدلها بسعف النخيل وقطع قماش خضراء او سوداء او خضراء "العلك" حتى لا تتم محاسبتنا واعتقالنا من قبل عناصر الامن، وفي قريتنا حوالي (14) بيت جميعنا اقارب من عشيرة السادة الموسوية الغريفية، ويضم البيت اكثر من عائلة حيث يسكن الاب مع ابنائه المتزوجون في بيت واحد".
شعائر كبيرة
ويضيف الغريفي "بعد زوال النظام المقبور ورغم ان مناسبة الزيارة الاربعينية حزينة الا اننا اعتبرناها "فرحة حسينية" حيث شرعنا باحياء العزاء الحسيني بقوة، من خلال تسيير اكثر من (12) موكب حسيني راجل في مختلف مناطق القرية وداخل ناحية السيبة، واقيمت مجالس العزاء بمكبرات الصوت بشكل علني في القرية ورفعت الرايات الحسينية على جميع البيوت وفي الطرق الكثيرة في الناحية وكثرت حركة المواكب في ايام الثامن والتاسع والعاشر من المحرم، وبعد مسير المشاية من رأس البيشة في قضاء الفاو في العام (2015) بادر عمي السيد "محـمد الغريفي" الى دعوتنا لنصب موكب خدمة حسيني لهم كونهم يمرون من عندنا للذهاب الى البصرة، وبالعفل بدأنا بداية بسيطة من خلال تأجير خيمة ونصبها على شارع الفاو العام وكانت المواكب قليلة جدا وتنتشر على مسافات متباعدة، وقدمنا وجبات خفيفة مثل الشوربة والحليب والعصائر والمعجنات، وعام بعد آخر ارتفعت اعداد المشاية وتطور عمل الموكب وكانت اللهفة مشتركة بيننا وبين المشاية فنحن غمرتنا السعادة ان تحولنا الى خدام للزائرين، وهم يأتون ملهوفين لتناول الماء البارد او الطعام او العصائر ليعطيهم القوة وديمومة المسير، وتلك السنوت كانت زيارة الاربعينية في موسم الشتاء والزوار يمشون لساعات طوال، وهيأنا لهم ثلاثة دواوين في مضائفنا للراحة والنوم لساعات والاستحمام والاطعام والمبيت".
جنسيات مختلفة
ويشير الغريفي الى ان " الموكب يبقى في خدمة الزائرين في السنين السابقة من الاول من صفر الى ان يذهب آخر زائر، اما الآن اصبحت عشرة ايام نستقبل فيها المئات من الزائرين، وكان عدد الزائرين قليل ومن العراقيين حصرا، اما الآن ومن نتائج بركات ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) اصبحت المسيرة باعداد كبيرة جدا ومن جنسيات مختلفة مثل الايرانيين، والعمانيين، والكويتيين، والبحرينيين، وموكبنا الانفاق عليه تكافلي بيننا نحن ابناء العمومة ونجمع الاموال قبل حلول الزيارة الاربعينية ونسلمها الى عمنا الكبير للانفاق على الموكب، واصبح لدينا زوار مستديمين يتصلون بنا كل عام ونستضيفهم، وجميع الساكنين هنا من الاقارب هم خدام في الموكب يتناوبون فيما بينهم، والمتصدين للخدمة بشكل يومي من مختلف الاعمار وهم بحدود (15) خادم، كما تشارك عائلاتنا بأجمعها في الخدمة الحسينية حيث تقوم نسائنا باعداد مختلف انواع الطعام للمشاية داخل بيوتنا وننقله الى الموكب ونوزعه، وكذلك يقمن باعداد الطعام للمشاية في بيوتنا، بل حتى اطفالنا يركضون نحو الزائرين المقبلين علينا ويحملون الراية للتخفيف عنه ويسقونه من الماء البارد".
قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها