بقلم:حيدر عاشور
عام جديد يدخل في حسابات عصرنا، منا مـن يحتفل به، ومنا من لا يكترث به، لان عاماً من عمرهِ مضى وهو لا يعلم. عام جديد طموحنا فيه ليس مستحيلا، ولا يكلف ما تكلفه الحروب الداخلية ولا المؤامرات كُتْلية، والحزبية، والتحالفات التجارية السياسية بارتفاع الدولار الأمريكي وارتفاع الأسعار وخوف المواطن العراقي من الجوع وتفشي الفقر وزيادة الأمراض، وتكبير مساحة القبور لكثرة الموتى.. ولا تكلف رواتب ضخمة لمن خدم العراق برلمانياً وخرج بحصة الأسد من خزينة العراق، وإنما طموح الشعب اقل من المشروع والموضوعية ان تكون قنينة الغاز بثمن بسيط والطحين رخيص والنفط يوزع مجانا ويتمتع بالكهرباء الوطنية دون ان يدفع راتبه وكده وتعبه للمولدات الأهلية وأصحاب الأنترنت.. طموح يحمل أروحنا على أجنحة الفراشات الملونة الحالمة، وهي تطير في حدائقنا واسطح وأبواب بيوتنا، طموح أن نعيش مثل باقي الناس، وفي أية بقعة أمنة من ارض الله الواسعة، والمنتشرة في القارات السبع، فوق الماء، أو اليابسة، وليس بالتأكيد فوق القمر، في سلام وأمان، وان لا نسمع دوي انفجار حتى لو كان في الهند أو باكستان، وان لا نرى طفلا يتيمنا مات والده غدرا لأنه استأجر بيت ولا يستطيع أن يدفع أجاره، أو أخذ سلفة بفائدة من البنوك أو من أصحاب رؤوس الأموال أو من الدوائر الحكومية، ومن يقرض أمولاً بفائدة تتجاوز نسبة الحرام والسحت، وحين تتوقف الحياة وتغزوا جائحة كورونا الأنسان، وتتعطل الأعمال، وأدارت الحكومة ظهرها له ولامه الأرملة.. يصبح مجرما لأنه لا يستطيع الدفع وتسديد الفوائد التي تكسر الظهر... ونحلم بطموح بسيط أن نتنقل على هوانا مرفوعين الرأس في أي مكان من بلدنا. أن نتذوق ماءنا وتمرنا ويذهب أولادنا وبناتنا إلى مدارسهم وجامعاتهم، معطرين بأريج السلام والوئام والحب. كفانا ما فات، وأثبتنا للجميع إننا شعب يحب احده الأخر، بعيدا عن نظرة الساسة ونظرياتهم (التعبانة) شعب ينتمي لنفسه، لجذوره، حتى وهو في الغربة، يغني لبلده ويعزف الحان الشجن، بدموع سخية. لن أنسى ما قاله صديقي في إحدى جلساتنا عن صديق له يعيش في الغربة، عندما أمنه أمانة وهي وصية عند رجوعهِ إلى العراق، أن ينوب عنه في زيارة الأولياء ويشم تربة الإمام الحسين عليه السلام وأن يقبل عنه شباك أمير الكون علي بن أبي طالب عليه السلام وأن يقرأ سور الأمان في كل ركن من أركان الأضرحة المقدسة، وأمنه أن يزور كاظم الغيظين وأن يقبل عنه كل حجارة في بغداد وكربلاء والنجف، وان يغتسل نيابة عنه في دجلة الخير والذكريات وان يتطهر بماء الفرات، وهذا لا يعرف معناه غير من عانى الغربة وكابد فيها رغما عنه وهو يحب وطنه وغادره لسلامته نتيجة ظرف ما. لقد دفعنا جميعا ( الباقون هنا والماكثون في الغربة) ضريبة الانتماء والحب، لهذا الوطن وهذه ليست منة، وبقي أن نجني ثمار هذا الانتماء والحب والثمار وهذه ليست مستحيلة، وإنما هي نتيجة لجهد من يوصل الليل بالنهار من اجل أمن مستتب وعراق خال من الموت الزؤام . عام جديد يدفعنا أن نتفاءل أولا بالقادم، وان نفتخر بصبرنا وجلدنا في مواجهة صعاب لا يتحملها غير العراقي المجبول بطينة العراق وتاريخه ثانياً. أما ثالثاً، ورابعاً، وعاشراً ان نعيش بسلام بتوفير الحصة التموينية كاملة بلا نقصان وإدامة الكهرباء والقضاء على تجار المولدات، وان نشعر إن القانون فوق الجميع يتساوى به الغني والفقير....!.. نقطة ضوء، في رأس السنة كل الأمكنة مزدحمة، العتبات المقدسة لا مكان للفاسقين بها لان مزدحمة بالمؤمنين.. وأمكن الفسوق مزدحمة بالشياطين لا مكان للمؤمنين فيها.... كل مكان في العراق مزدحم حتى المقابر لا مكان فيها للأحياء.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!