بقلم: رعد العراقي
لم يتبقّ على انطلاق بطولة خليجي 25 في مدينة البصرة سوى أيام معدودة، وتتصاعد معها وتيرة الاستعداد اللوجستي وأعمال البناء والإدامة، وتهيئة الملاعب والمنشآت الخدميّة والسياحيّة، لتستقبل المنتخبات والجماهير الخليجيّة ليكون عرس عربي خليجي يليق بعُمق حضارة العراق وشعبه المضياف الذي طال انتظاره لأكثر من 40 عاماً لاستضافة البطولة للمرّة الثانية بعد البطولة الخامسة التي أقيمت في ملعب الشعب الدولي عام 1979.
قد تكون جميع الأمور الإدارية فيما يتعلّق بمتطلّبات نجاح البطولة تسير وفقاً لما خُطِّطَ له ممّا منح مساحة من الطمأنينة للجماهير الرياضيّة التي تتابع بشغف مراحل الاستعداد بكلّ تفاصيلها بدءاً من الملاعب والفنادق وجاهزيّة المدينة وظهورها بمظهر حضاري يعكس مكانتها ومراحل التطوّر التي مرّت بها وبنفس الوقت هناك إقبال كبير للشباب للمساهمة بشكل طوعي في نجاح البطولة، وهو مؤشّر وشعور وطني عال المسؤولية يؤكّد الحرص والجدّية والرغبة المشتركة من الحكومة المركزيّة والمحليّة واتحاد الكرة والجماهير لتكون هذه البطولة هي الأكثر تميّزاً.
الأمر المُقلِق حقّاً هو فيما يتعلّق بجاهزيّة المنتخب الوطني وقدرته على المنافسة واستغلال عاملي الأرض والجمهور في تحقيق نتائج إيجابية خاصّة بعد فترة من الاخفاقات والانتكاسات المتتالية التي كلّفته الخروج خالي الوفاض من تصفيات كأس العالم الأخيرة وبطولة كأس العرب ودخوله في مرحلة الاحلال والتجديد وتعاقب المدربين قبل الاستقرار أخيراً على المدرب الإسباني كاساس وطاقمه المساعد.
رؤية الاتحاد يبدو أنها غامضة حول مشاركة المنتخب الوطني بالبطولة إن كان يطمح بخطف اللقب الرابع واسعاد جماهيره الداعمة أم أنَّ تفكيره ينصبُّ حول كسر عقدة استضافة البطولات على الملاعب العراقية وصولاً الى رفع الحظر الدولي بشكل نهائي والمراهنة على ظهور أسود الرافدين بعناصره الشابّة بمعيّة مدربهم الإسباني بأداء مختلف يمثّل رسالة اطمئنان ومصالحة للجماهير تؤكّد على دخوله مرحلة الاستقرار بغضّ النظر عن إمكانيّة تحقيق كأس البطولة.
المنطّق يؤكّد أن كاساس لم يُمنَح الوقت والاستعداد المثالي لإعداد منتخب حسب قناعته ورؤيته الفنيّة، خاصّة أن أبرز اللاعبين المحترفين تعذّر التحاقهم بسبب رفض أنديتهم مشاركتهم بالبطولة، إضافة الى قصر فترة الإعداد والإكتفاء بمباراة تجريبيّة أمام المنتخب الكويتي ستكون النافذة الوحيدة له للوقوف على جاهزيّة اللاعبين ممّن تمّ استدعاؤهم للقائمة النهائيّة في وقت أن المنتخبات المنافسة تتمتّع بحالة من الاستقرار والجاهزيّة منذ مدّة طويلة وحتى منتخبي السعودية وقطر اللذين أعلنا عن مشاركتها بالمنتخب الرديف يمتلكان الطموح والدافع للظهور بقوّة وتأكيد تطوّرهما بعد مشاركتهما الأخيرة في كأس العالم قطر 2022.
لا نريد أن تتكرّر تجربة المنتخب القطري في نهائيات كأس العالم التي جرت على أرضه وجماهيره، وأخفق في تحقيق أي انتصار وتسبّب بردّة فعل سلبيّة أصابت جماهيره والمتابعين الذين أشاروا الى أن الاهتمام الأكبر تركّز على نجاح الاستضافة للحدث العالمي أكثر من الاهتمام بظهور منتخب قوي يمكن أن ينافس لأبعد مرحلة من البطولة، وربما الاختلاف كبير بين حجم وأهميّة البطولتين، وهو ما شفع لقطر العُذر في اخفاق منتخبها إلا أن الجماهير العراقيّة سيكون من الصعب عليها القبول بأي اخفاق بالأداء لا سمح الله بغضّ النظر عن ظروف الإعداد وحداثة الملاك التدريبي وهو ما سيرمي بالمسؤولية على اللاعبين للتعامل مع مباريات البطولة بعقليّة مُتفتّحة واتزان مُسيطر عليه والاستمتاع والامتاع بالأداء من دون الاحساس بالضغوط المُبالغ فيها، عندها فقط يمكن أن نكسب ثقة الجماهير التي تكون قد استلمت رسالة اطمئنان على مستقبل المنتخب بغضّ النظر عن النتائج المتحقّقة.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة