بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
رسمُ السياسة الأقتصادية، وأتّخاذ قرارات اقتصادية لها آثار كبيرة وخطيرة وممتدّة إلى أمدٍ غير منظور، أو مجرد الإعلان عنها في وضعٍ مأزوم، ليس إعلاناً مدفوع الثمن في صحيفة، أو ظهوراً صاخِباً في قناة فضائيّة، بضيافة مقدّم برامج يجيدُ التهريج.
بناءُ أقتصادٍ "حديث"، أو أعادة بناء اقتصادٍ خَرِبٍ ومُختَلّ، مع كافة منظوماته، ليس "طَشّةً" في وسائل التواصل الإجتماعي، ولا احتفالاً حاشِداً في فضائيات النجوم الخمس، أو في فنادق النجوم الخمس، تعقبهُ حفلةٌ للتسقيطِ وتبادلِ الشتائم.. أو مأدبةُ باذخة في "مضيف" الزعيم.
توصيف بُنية ووظائف وسلوكيات النظام الاقتصادي، ونمط الإدارة الاقتصادية، ليس حملة علاقات عامة يموّلها هذا النائب أو ذاك، بدعمٍ من هذا "التاجر" أو ذاك، أو من هذا "السياسي" أو ذاك، أو من هذا "الزعيم" أو ذاك، لكي يقول للآخرين: ها أنذا.. أنا لستُ "اقتصادياً".. ولكنّني أستحّقُ أن أكون وزيراً لوزارة ذات صلةٍ بالإقتصاد، أو رئيساً لهيئة "مُستَقِلّة" لها صلةٌ بالإقتصاد، أو عضواً في لجنة برلمانية مُختَصَّةٍ بالأقتصاد، وإن كان ذلك قد تمَّ، أو سوف يتمُّ ، عن طريق "التسويات" و"الصفقات" التي سوف تُنجَزُ في آخر لحظة.
حضور بعض "الاقتصاديين" لهذه "الحفلات"، لا يعني أن الغربان بيضاء اللون، لمجرد قدرة هؤلاء "الإقتصاديّين" على اخراج غرابٍ واحدٍ أبيض اللون من "قمقم" السياسيين أسود اللون.
فـ"الإقتصاديون" يُصفّقونَ أيضاً، حالَهُم حال جميع عباد الله الصالحين.. والطالحين أيضاً.
والإقتصاديون، مثل غيرهم، قد يتمّ "استئجارهم" لتصميم مقدّماتٍ خاطئة، ستكونُ نتائجها خاطئة، و عواقبها وخيمة في نهاية المطاف.
إحذَروا السياسييّن عندما يُحاوِلونَ الإشتغالَ بالاقتصاد.. وأحذروا "الإقتصاديين" أكثر، عندما يوَظِّفُهُم السياسيون من أجل مساعدتهم في أداءِ هذا الدور.
لقد اختبرنا ذلك في العراق مرّات عديدة، ودفعنا مقابل كلّ "اختبار" ثمناً فادحاً ... وآن الأوان ليتوقف ذلك الآن .. قبل فوات الأوان.
أقرأ ايضاً
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة