- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الظواهر بين الدلائل العرفية والرقابة المجتمعية
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال
بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَنَّ هذا صِراطِى مُستَقيماً فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السّبلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَن سَبيلِهِ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَتَّقُونَ) ـ الأنعام / 153 سأتحدث بلغة حوارية سردية بسيطة تنأى عن صيغة التحليل أو طرح النظريات بقراءات علمية عن عناصر التراث والموروث .. إنما أجعلها مجرد مسألة تعريف ميداني بكلام شعبي مما يتداولُه الناسُ البسطاءُ فيما بينهم . ومادةً شعبيةً يتم من خلالها تبادلُ الرأي مع الناس واستبيانُ آرائِهم وبصيغة محاورةٍ أو محاكاةٍ تتناغم مع ما يتمنون التعبيرَ عنه مبينا بذلك بعضَ العناصرِ العامة للحياة الشعبية والخصائصَ الروحيةَ والأخلاقيةَ لمجتمعنا المتوغلِ بالأصالةِ والمتسمِ بالفضيلة . فضلا عن الإشارةِ إلى أصالة حضارتِنا وبيانِ تمتعِها بالثراء الكبير والواسعِ وما فيه من مائزٍ يشير للآخرين عن أهمية أو سبب تمسكنا به تمسكا مُلِّحا لعلي سأرتكز على ركيزة معينة وهي : الظواهر . والظواهرُ تعني : ما يقوم قسمٌ من الناس بممارستها ويشاهدُها القسمُ الآخرُ في المجتمع الواحد . ويقرُها البعض ويتنكر لها البعضُ الآخر . وثمة من يعتبر ممارستها من الضرورات الإجتماعية التي تشير إلى ضرورة الترابط الزمني بين الحاضر والماضي والتمسك بها ويُعدها نمطا من أنماط الإعتزاز بالموروث الشعبي ويفرض التفاعلَ معها الظاهرة : اسمٌ وجمعُها ظاهرات أو ظواهر وهي ما يَظهرُ من فعل أو أي عملٍ للعيان وهذا مستنبط من تصنيف المعاجم اللغوية للمفردة. أما الظاهرةُ الإجتماعيةُ فيعرفها المختصون بأنها فعلٌ اجتماعيٌ أو جماعي يمارسه مجتمعٌ معين أو مجموعةُ من الناس ينتمون إلى مجتمعٍ كامل يقرون مشروعيتِها ويعتقدون أحقيتَهم في هذه الممارسة .بل إن قسما من المجتمع يعد ممارستَها ضرورة ًمن ضرورات الحياة اليومية أو إمارةً من إمارات الاعتزاز بالموروث بينما يتنكر لها القسمُ الآخر من المجتمع نفسِه وثمة من يدعو إلى التجرد التام من ممارستها أو يُصر على التخلي عنها . وهذا ما يحصل في كل المجتمعاتِ سواء المتحضرةُ منها أو غير ذلك .
الواقع بين المَشاهِدِ والمُشاهَد
ثمة مشاهدات تتم من قبل الآخرين لما يظهر منهم من أفعال أو ممارسات وللفعل نفسِه لهذه الظواهر مما يجعلُنا أن نستبدل اسمَ الظاهرة أو وصفَها بـ ( المَشْهَد ) والمَشْهَدُ : ما يُشاهَد ، أو ما يقع تحت النَّظر. والمَشْهَدُ : المجتمَع من الناس فلان شهد المشاهِدَ كلَّها : أي حضرها كلها أو أن ما يقع عليه المُشاهدةُ يُحسب مُشاهَدُ . أو شاهد الشيءَ تعني رآه وعاينه كما جاء في المعاجم هنالك مَشاهِدُ ولكل مشهد راءٍ أو رقيب في الوقت نفسه . فمن المحتم إن كل مشهد سيراقبه فردٌ معين أو أفرادٌ معينون وقد عُدَّ مراقباً لأنه صوّب نظرَه نحو المشهد وتمعن فيه غاية التمعن وبصيغة ذاتية ليس بصفة الرقيب المخول أو القانوني أو الرسمي أو بصفة التجسس أو ما تنطبق عليه الحكمة المأثورة : (من راقب الناس مات هما ) أو غير ذلك . إذن ما نشاهده مما هو مُشاهَد سيكون مَشهداً وجمعه مشاهِد . مما أدى لأن يكون لدينا ( مشاهدُ ورقيب ) والمشاهِد نعني بها الظواهر التي يمارسها الناس . والرقيب الذي يشاهد هذه الظاهرة أو يعيشها أو يراقب حدوثها ويتفاعل معها أو يرفضها ولا ننسى أن الظاهرة غالبا ما تترك الأثر البالغ سلبا أو إيجابا على المجتمعات أو على الفرد مما ييسر آلياتِ تكونها ومراحلَ تطورها وتوغلَها في أوساطِ المجتمعات وأسبابَ ممارستها وارتباطَها بالموروث ومقتضى مشروعية الأخذِ أو العمل بها وعلاقتَها بالحكم الشرعي أو تطابقَها معه أو مخالفتَها ولعل هذا ما جعل قسما من المجتمعات أو الطبقات أو الفئات تكتفي بل تلتزم التزاما تاما بالموروث من العادات والتقاليد مستبدلة بها الحكم الشرعي أو ربما حتى بدلا للمادة القانونية الرسمية الوضعية . وشروعنا بالحديث عن الرقابة يحتم علينا أن نبين أو نحدد بعض عناصر الرقابة وأنواعها وأصنافها وأنماطها ؟ وكيفيةَ تناولها وما هي أبعادُها ومعطياتُها ومجرياتها وآثارها ؟ ومن هو الرقيبُ وهل ثمة من يقر أو يحدد له الدور الرقابي ؟ .. وغيرُ ذلك مما يستوجب بيانُه وإتيانُ الإيضاحات .
شراكة التمظهر وتقاسم النتائج ـ
لاشك أن هنالك مشتركات تتقاسمها معظم المجتمعات والشعوب وهي مشتركات كادت تكون ثابتة لا تتغير إلا ببعض الجزئيات وباختلاف المجتمعات . وثمة ظواهر أبتدعها بعض الأفراد إنما لاقت استحسانا ورواجا لدى الكثير من الشرائح الإجتماعية حتى أوشك بعضها أن يصير تشريعا وعرفا لا يسهل تغييرُه أو تجاوزه . وليس غريبا حين نجد أن وسائل وسبلاً معينةً فرضت على بعض المجتمعات سلوكياتٍ محددةً في المجال الإجتماعي فجعلتها تتشبث ببعض الموروثات أو المعتقدات والأعراف والتقاليد وتحولُها إلى أحكامٍ تستعيض بها عن الأحكام الشرعية أو القانونية كما اسلفت. إن قسما من المتابعين أو المهتمين بالشأن المجتمعي يعزون أسباب هذه التغيير إلى انتشار وتفشي الأمية أو تزايد نسبة الفقر في قسم من المجتمعات مما أدى لأن تكون أشبه بالسبل والوسائل التي أدت إلى تثبيت هذه العادات والتقاليد خصوصا البالية منها ودفعت الناس للإنسياق وراءها حيث أن الأمية والفقر في أحيان كثيرة يجعلان الناس يتبعون أناسا يعتقدون بأنهم أولياء صالحون وهم بالحقيقة ليسوا كذلك إلى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- نهضوية التربية في البنية المجتمعية
- الظواهر بين الدلائل العرفية والرقابة المجتمعية ..جزء الثاني
- البلد الحصين في السلامة المجتمعية والحكم الرصين