- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الظواهر بين الدلائل العرفية والرقابة المجتمعية ..جزء الثاني
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال
مما لا يرقى له الشك إن دراسة الظواهر الإجتماعية تستلزم منهجا علميا يُنتهجُ للتعرف على كيفية تكوين الظاهرة وخواصها وحجمها ومدى سرعة انتشارها . ثم دراسةِ وضعِ المجتمع الذي ينتج هذه الظاهرةَ ومدى تفاعلِه معها أو تمسكِه أو التصاقِه بها . بعض المراقبين حين يرغبون أن يدونوا خطوطا بيانية تبين مدى نسب مستوى تقدم وتطور المجتمعات أو تخلفها يضعون معيارا في تشخيصهم العلمي من خلال ما تنتج هذه المجتمعاتُ من ظواهر أو من خلالِ موالفتِها أو مخالفتها لها . فمن أجل أن نشخص الظاهرة ونحدد خاصيتها ونبين الجانب الإيجابيَ والسلبي فيها ونثبت حسنها من قبحها ونفعَها من ضررِها ينبغي أن نعتمد رقيبا يحسن دورَه يرى المتتبع للشأن الإجتماعي أن الإنسان بحاجة لتوطيد علاقته بالخارج أي خارج شريحته أو مجتمعه وإنشاء جسور للتقارب وذلك ما يجعله يتزود بمعرفة أو ثقافة أو على أقل تقدير إطلاع على مجريات الحياة وتفاصيلها لدى المجتمعات الأخرى . ولعل ذلك يمكن أن يتم تحقيقه من خلال الإطلاع على معتقدات أو أحكام أو عادات وتقاليد الشعوب الأخرى وهنالك سبل لتحقيق ذلك وربما من أهم هذه السبل العين والأُذن للرؤية والسماع، واللسان للسؤال. إنما نقول : ثمة ملاحظة لابد من تدوينها هنا .كثيرا ما يعتقد قسم من الناس إن كل ما يقومون به من فعل وقول مباح ولا يخضع لأي قيد أو رقيب وحسيب ولا يمكن التخلي عنه ولا يحق لأحد أن يمنع أحدا من ممارسته طالما لا يوجد نصٌ قرآنيٌ يبين تحريمه أو كراهته أو النهي عن القيام به قولا أو فعلا . هذا التفكير أو الإعتقاد وإن كان عاريا عن الصحة أو لا يتسم بالمشروعية لكنه يبيح له حلية التمسك ببعض العادات والتقاليد والأعراف . حتى وإن كانت مضرة أحيانا أو تؤدي إلى تقويض لبعض المفاهيم الدينية أو النصوص وتصد الآخرين عن الإلتزام بها هذا النمط من الإعتقاد يشكل خطرا بالغا على الجمع العقلي لأنه يعطل العقول عن اكتساب معارف ومعلومات معاصرة تعين المجتمع على مواكبة التطور الحضاري .
هل يحتاج العقل للرشاقة كما هو الجسد؟
أحيانا من أجل أن تبلغ المدى وتحقق الهدف في توصيل المعلومة النافعة أو تعريفها وتوضيحها تدعوك الضرورة إلى استخدام الصيغة السردية أو التلميحية لكي تستعرض بعض الصور الذهنية بإتيان بعض التشبيهات لتستخلص منها براهين وشواهد تعضد الحديث وتكون دلائل توفر مصداقية وبيِّنة للحديث لذا نقول : إن اللحاظ الواضح والبيِّن على أن تغذية الروح والنفس والعقل أهم من تغذية الجسد حيث أن ما نلاحظه في كل المجتمعات بما يسمى ببرامج الرجيم أو التخسيس أو تقليل الوزن أو ما يماثلها . فإن الإنسان يسعى كثيرا للتخلص من زيادة الوزن في الجسم فيلجأ إلى التقليل من الطعام ويعتمد برنامجا غذائيا معينا من أجل أن يمنح جسده رشاقة ولياقة فيظهر في هيئة أو صورة حسنة جميلة تسر الناظرين .إنما يندر أن نلاحظ مثل هذا الإهتمام يستخدم لرشاقة الذهن أو العقل وتنقيته بتخليصه من معلومات غير نافعة مخزونة في عقله أو في ذهنه وانتزاعها . في حين ان الصورة الحقيقية المطلوب مشاهدتها أو متابعتها أن يسعى الجميع لأن يحرزوا علما ومعرفة ويزدادوا إطلاعا ليمتلكوا من كل شيء شيئاً . إذ أن التنمية الثقافية ونمو العقل وتحصينه تؤسس إلى إنشاء كل الثقافات ، الدينية ، الإجتماعية ، السياسية ، الإقتصادية وغيرها ، ومن ثم إلى مسيرة تربوية صحيحة . لذا فإن الأنبياء والأوصياء والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم كانوا يتولون تربية الناس وتعليمهم بأنفسهم تربية صحيحة دقيقة في التدريب والترويض وفي المفاهيم . فنجد أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كان يؤيد السنن والتقاليد والأعراف الحسنة والنافعة والمنسجمة مع قواعد ومرتكزات مكارم الأخلاق إنما يرفض وبشدة بل ويهاجم أحيانا بعض التقاليد والأعراف الخاطئة التي كادت تسود في المجتمع . كان يحذر من الحرص المفرط والبخل ويدعو إلى الجود . وينبذ الجبن ويحث على الشجاعة وعلى سبيل المثال لا الحصر كان ينهى عن التملق للولاة والقادة السياسيين والثناء والإطراء عليهم سواء في محله أو في غير محله . حتى لم يكن يسمح للمداحين والمثنين عليه بالإطراء والمديح . بل كان يطلب منهم تقديم النصح وتصحيح الثقافات وتوجيه من يحتاج للتوجيه .
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- الخطأ الثاني لمسعود البارزاني