- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حادثة المطار واسطوانة الاتهامات الفارغة
بقلم:قيصر الصحاف
واجهت تصريحات السيد العبادي لقناة العراقية في ٢٠٢٠/١٢/١٠ الكثير من ردود الأفعال، حيث ادّعى ان الطائرات المسيرة التي نفذت عملية مطار بغداد في ٢٠٢٠/١/٣ حصلت على موافقة عراقية، والتي وجدت فيها بعض الاطراف وسيلة لتخفيف وطأة مآزقها المتعددة والاندفاع نحو سباق محموم على توزيع الاتهامات يميناً وشمالاً لشخصيات سياسية وقيادات أمنية مهمة. لا اشك ان مصدر هذا السلوك هو الشعور بالعجز عن الاستمرار في صدارة المشهد العراقي بعد عقد ونصف من الفشل والفوضى التي رافقت إدارتهم للدولة، إلا أن ما غاب عن هؤلاء هو أن الشعب العراقي أصبح بمستوى من الوعي يمكّنه من اكتشاف الحقيقة رغم محاولات التضليل التي يمارسونها ضده، فنظرة موضوعية فاحصة لتلك الحادثة وما تبعها من مواقف وصولاً إلى هذه التصريحات تجعلنا أمام الحقائق الآتية: ١. إن السيد العبادي أراد أن يظهر قدرته على التحكّم بحركة الطيران الأمريكي خلال فترة رئاسته للحكومة، الا أنه نسي او تناسى أن الحشد الشعبي تعرّض للقصف مرات عدة في ذلك الوقت بفارق بسيط بينها وبين غيرها من الضربات الجوية، حيث إدّعى الجانب الأمريكي أنها حصلت عن طريق الخطأ. لذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو .. هل ان تلك الضربات (الخطأ) حصلت بموافقة العبادي أم دون موافقته؟ وإذا كانت بموافقته فهل كان يعلم الهدف المقصود قبل إعطاء الاذن بالتنفيذ أم لا؟ خصوصاً أنه ادّعى عدم موافقته على اية طلعة جوية الا بعد الوقوف على تفاصيلها!! فهل سألت عن تفاصيل تلك الطلعات يا سيادة الرئيس؟ ٢. ان هذه التصريحات تؤكد أن موافقات تحليق الطائرات في الأجواء العراقية محصورة بالقائد العام للقوات المسلحة وقد أكد المكتب الاعلامي للسيد عادل عبد المهدي هذه الحقيقة في تعليقه على تصريحات العبادي حيث ورد فيه: "أصدرت قيادة العمليات المشتركة بياناً نشر في الاعلام في ٢٠١٩/٨/١٥ بعد اجتماع لمجلس الأمن الوطني تراسه رئيس مجلس الوزراء انذاك اكد فيه عدة قرارات منها ما يخص موضوع الطيران وذلك عبر الغاء كافة الموافقات الخاصة بالطيران في الاجواء العراقية _ الاستطلاع، الاستطلاع المسلح، الطائرات المقاتلة، الطائرات المروحية، الطائرات المسيرة بكل انواعها_ لجميع الجهات العراقية وغير العراقية وحصر الموافقات بالقائد العام للقوات المسلحة او من يخوله اصولياً". ٣.ان الطرف المنفذ للعملية (امريكا) قد أعلن جهاراً نهاراً مسؤوليته عنها بل ان الادارة الامريكية تعدها انجازاً تاريخياً مهمّاً، وقد وظّفها ترامب في حملته الانتخابية الأخيرة، لذا فإن الاستغراق في البحث عن الأطراف المحلية المتواطئة في تحديد موعد وصول الطائرة يمثّل فصلاً من الاستخفاف بالعقول، فأمريكا ليست بهذا المستوى من العجز لتحتاج من يؤكد لها وصول الجنرال سليماني الى بغداد في ذلك الوقت. ٤. ان تضرر ايران من هذا الحادث لم يكن بأقل من تضرر العراق، بل ان خسارتها لشخصية مهمة بمستوى الجنرال سليماني جعلها في موقف محرج للغاية، وعلى الرغم من ذلك نجدها قد تعاملت بحكمة عالية ولم تندفع باتجاه خيارات غير محسوبة يمكن ان تؤدي لنتائج كارثية على البلد، فقد اكتفت برد شكلي يجنبها الحرج أمام الرأي العام، ولم تتهم أحداً من مواطنيها او مسؤوليها بالخيانة بل فتحت تحقيقاً هادئاً وتوصلت الى أدلة تؤكد تورط محمود موسوي مجد في القضية والذي تمت محاكمته فيما بعد واعدامه. ٥. ان حكومة السيد عادل عبد المهدي تشكلت بتوافق سياسي بين كتلتي الفتح وسائرون، وبقيت مدعومة من تحالف الفتح لحين تشكيل حكومة السيد الكاظمي، لذا فنحن أمام تساؤلات منطقية التي تتطلب اجابة واضحة: أليس الاولى بالسيد عبد المهدي بحكم كونه المسؤول التنفيذي الأول في ذلك الوقت ان يطلع الكتل السياسية عموما وتحالف الفتح خصوصا على تفاصيل الحادثة لمنع استخدامها في حملات التشهير والتسقيط التي لا تستند الى حجة ناهضة او دليل ملموس؟ لماذا يصمت تحالف الفتح الذي يضم معظم الأطراف المطالبة بالثأر لحادثة المطار ازاء حملات التشكيك والتخوين المستمرة منذ سنة تقريباً والتي يعتقد البعض انها صادرة عن أطراف ترتبط به بشكل او بآخر؟ أليس من المنطقي ان يصدر عن تحالف الفتح موقفاً مسؤولاً تجاه هذه الحملات التي أسهمت ولا زالت تسهم في اضعاف الدولة والعملية السياسية في العراق؟ أعتقد أن الأطراف التي تقف وراء هذه الحملات المحمومة تحاول استثمار الحادثة لخدمة مصالحها الخاصة، وستبقى تعيدها إلى الواجهة كلما اقتضت مصلحتها ذلك ظنّاُ منها ان هذه الأساليب ستحقق لها حضوراً جماهيرياً جديداً، وتتجاهل ان الحضور الجماهيري مرهون بمستوى العطاء والمصداقية التي يحظى بها المسؤول أمام شعبه.
أقرأ ايضاً
- حادثة "كروكوس سيتي" أليست رسالة دولية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"
- حادثة الغدير تحديد لمسار الأمة
- حادثة ديالى.. غموض أسدل الليل أسرارها !