- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق والأردن وجدلية العلاقة
بقلم: عبد الكاظم حسن الجابري
تشهد علاقة العراق والأردن خطا نمطيا ثابتا تقريبا, فهي علاقة غير مشدودة الى اخرها وغير مرتخية الى آخرها.
كما يشهد الشارع العراقي احتقانا كبيرا تجاه الأردن, والحقيقة ان المتشددون ضد الاردن لهم مبرراتهم احيانا, وذلك لعدة أسباب أهمها إيواء الاردن لكثير من قيادات البعث والمجرمين من أزلام النظام السابق واعداء التجربة العراقية الحديثة, وكذلك هتافات بعض المواطنين الاردنيين بحياة المجرم صدام جرذ الحفرة, وكذلك الذكرى السيئة المرتبطة بابي مصعب الزرقاوي وما فعله من إرهاب بحق العراقيين, كما أن حديث الملك عن الهلال الشيعي –أول من وضع هذا المصطلح- اضاف غصة اخرى لدى كثير من العراقيين.
وسنطرح هنا تساؤلا مهما هل الهجمة الاعلامية بالضد من الاردن مقصودة من بعض الجهات وبعض القنوات الفضائية؟! هذا ما سنبينه في نهاية المقال إن شاء الله.
الآن لنتجرد من العصبية قليلا ولننظر للأمور بعين فاحصة ومن زاوية اخرى.
الأردن وبحكم موقعها الجغرافي تعد فاصلا بين العراق والبحر الأحمر, والذي يعد الشريان الاهم لربط الشرق بالغرب بعد الخليج العربي, هذا الموقع يمكن للعراق ان يستثمره بعقد اتفاقية مع الاردن لفتح منفذ بحري جديد ومهم للعراق عن طريق ميناء العقبة.
العراق بلد يملك ثروة عظمى, تكاد تكون الأولى عالميا, وهو مقصد مغازلة اغلب الدول, ومن ملك الاقتصاد يملك القوة والنفوذ, وعليه ليزداد قوة ان يوسع وينوع منافذ تصديره واستيراده.
الحقيقة استثمار العراق لميناء العقبة سيجعل العراق في موقف قوة, وسيكون طريق العراق عبر الاردن ورقة ضغط بعدة اتجاهات, اولها الضغط على كردستان اذ وقتها ستكون منافذها صفرية تقريبا اذا كان المنفذ الاوربي للعراق عن طريق العقبة, والثاني سيكون مصدر ضغط على تركيا خصوصا اذا تم مد انبوب تصدير النفط الخام الى ميناء العقبة عندها سيكون ميناء جيهان في مهب الريح, اما الضغط الاكبر فسيكون على السعودية حيث سيصبح النفط العراقي العابر من ميناء العقبة منافسا لها في الملاحة في البحر الاحمر – ويكفي المتابع ماذا فعلت السعودية للسيطرة على ميناء الحديدة اليمني خلال عمليتها عاصفة الحزم لتبقى الهيمنة لها هناك-.
كما ان فتح منفذ من خلال العقبة سيفتح سبيلا للاتفاق مع مصر ليكون البحر المتوسط منفذا قريبا باتجاه أوربا وفتح سوق جديدة للنفط العراقي.
عملت الحكومة العراقية المستقيلة برئاسة السيد عادل عبد المهدي على هذا الامر, وعملت اتفاقية مع الاردن ومحادثات مع مصر بهذا الشأن, حيث زار الملك الاردني عبد الله بغداد بتاريخ 14/1/2018, وكانت بادرة لفتح الافاق لتطوير العلاقات العراقية الاردنية, والتي تُوجِت بعقد الاتفاقية العراقية الاردنية بتاريخ 2/2/2019 بعد زيارة رئيس الوزراء الاردني عمر الرزاز للعراق, وكذلك افتتاح منفذ طريبيل وتخصيص المنطقة الصناعية على الحدود بين البلدين.
تمرير انبوب النفط العراقي باتجاه ميناء العقبة ومد سكة حديد ايراني-عراقي- اردني سيكون قوة اقتصادية عظمى في المنطقة, سيجعل الاردن تعمل ما بوسعها لإنجاحها, وعندها ستقوم بطرد وتحجيم بقايا البعث المجرم, وتحجيم المواطنين الاردنيين الذين يهتفون بحياة المخلوع صدام جرذ الحفرة, وسيكون الهلال الشيعي مصدر قوة اقتصادية وعامل الاستقرار في المنطقة.
مما تقدم اعلاه, ومن ملاحظة الاطراف المتضررة من الاتفاقات العراقية الاردنية, سنجد ان الحملة ضد الاردن هي حملة ممنهجة سببها تضرر مصالح (الاكراد- الاتراك-السعوديين- البعثيين).
ملاحظة اخيرة تؤكد ما ذهبنا اليه من رغبة الاردن في اقامة مثل هذه العلاقة, حيث قال الملك الاردني عبد الله الثاني بعد استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي في حديث متلفز له بتاريخ 13/1/2020 " ان استقالة رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي اعادة الامور الى الوراء خطوتين".
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي