بقلم: هادي جلو مرعي
قريبا سينتهي كورونا، وتعود الشوارع لتمتليء بالبشر، وتضج الساحات بهم، ويعود اللصوص ليسرقوا ماقدروا عليه ليرفعوا عدد البؤساء والجياع في عالمنا، وسيعود الناس الى الأسواق ليشتروا مامكنتهم نقودهم منه، وسيجلس كثر على عتبات البيوت ليسبوا هذا، ويلعنوا ذاك، وسيعود الذين خافوا الله فترة الوباء ليتحولوا شجعانا جسورين لايؤمنون به كما يستحق، ولايخافونه كما هو القوي المتجبر، وسيعود الناس الى الحيلة والمكر والدهاء والكذب والخيانة والسرقة والرياء والضغينة والحقد والغدر والتكبر والتجبر والعنف والتقوي والرذيلة والزنا، ومعاقرة كل خبيث، وسيكون لهم أن يفعلوا ماشاءوا. فزمن الخوف من الوحش الصغير قد إنتهى، وعادت القلوب متحجرة، والنفوس أمارة كما كانت، والضمائر معطلة، والعقول متبلدة، لارجاء منها.
قريبا سينتهي كورونا، ويعود الناس الى لهاثهم القديم، وجريهم خلف سراب الحياة الذي يتوهمونه ماءا وهو سراب، ويظنونه حياة لاتبلى، وهو زائل لابقاء له لأنه عابر كما هو كل موجود. فالوجود الكامل لله الذي لايتغير، ولايتبدل، ولايتحول لأنه الله رب الأرباب، وسيد السادات.
إبتسمت بطريقة ساخرة لكن حزنا كان يحتوشني وأنا أتابع قناة فرنسية تبث حوارا مع مجموعة من الشبان والبالغين العرب يعيشون في مختلف البلدان. بعضهم متزوج (مثيله) وبعضهم يدافع عن المثليين، والأدهى إن رجل دين يعقد قران شابة مسلمة على اخرى مسلمة قررتا الزواج في المسجد، وبحضور إصدقاء لهما من الجنسين، ورجل الدين المسلم يدعى (محمد) وهو ملتح، ويضع بيده نسخة من القرآن الكريم، ويبارك لهما الزواج بينما يتلو (كهيعص) وهما فرحتان، وفي الأثناء تذيع القنوات الأوربية أخبارا مخيفة عن مليون مصاب بكورونا، بينما عدد الوفيات يقترب من الخمسين ألف ضحية في فرنسا وأسبانيا وأمريكا وإيطاليا، وبدلا من الرجوع عن هذه الرذائل يصر هولاء عليها، فكأنهم مصرون على الخطيئة والرذيلة، وكأنهم لم يكتفوا بكل البلاءات التي تصيب العالم، فيخالفون الطبيعة، ويأتون بمبررات واهية بائسة لاتصمد امام الدليل والمنطق، وكأن مهمتهم تخريب الحياة، ونشر الفوضى في الأرض غير عابئين بنظام، وغير مهتمين لحياة لها طبيعتها وقوانينها ونظامها، وكلما سألت احدهم عن سلوكه المنحرف رد عليك بكلمات تلائم إنحرافه ورغباته وشهواته، ثم يقول: إنها حرية، وإننا نصبا انفسنا مكان الله، وإننا نتجاوز على حريات الناس وخصوصياتهم.