- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خجة بگم تلتمسكم الانصاف ... يا صحفيون
حسن كاظم الفتال
من الحقائق التي لا يرقى لها شك على الأقل في نطاق المسلمين المؤمنين إن القرآن كتاب (لا يُغَادِرُ صغيرة ولا كبيرة إِلاّ أَحْصَاهَا) وذلك ما دعا الشعوب والمجتمعات تاريخيا لأن تعتمد مفاهيمه أو مضامين آياته الكريمات دستورا بل دليلا مرشدا لمسيرة حياتها لكل مفاصلها وجزئياتها وحتى تعاملاتها اليومية وحسبنا أن ذلك لم ينحصر على العرب بل امتد إلى أقوام شتى.مما ولد رغبة جامحة لدى هؤلاء باعتماد عدد من الآيات بوصفها موارد استشهاد تعضد مصداقية الحديث في كل المجالات.. دينية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، من ذلك قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) ـ الزمر / 9
وقوله تبارك وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) ـ الأنعام / 50
وكما هو واضح فان المنطوق الظاهري المباشر للآيتين الشريفتين يحث أولي الألباب للإنصاف أي أن يكونوا على بصيرة في تقييم الناس بعيدا عن الإفراط أو التفريط والأناة باعتماد المعايير والموازنات والعدل والمساواة في منح الثقة ووضع الشيء موضعه بعيدا عن الظلم والحيف وغمط الحقوق.
*لا أدري لم كلما تناولت حديثا عن الظلم وانعدام العدل والمساواة ارتسمت في ذاكرتي صورة المرحومة (خجة بگم) وهي امرأة تعرفت عليها منذ أن أبصرت النور ولم أزل أتذكر جيدا بشاشتها وفكاهتها وانتقاداتها الموضوعية بأسلوب ساخر. ورغم أنها تحمل الجنسية الإيرانية لكنها كانت تجيد تعاطي الأمثال الشعبية العراقية أجادة تامة وتحسن استخدامها وتستشهد بها أيما استشهاد وتطرح المثل بإسلوب فني دراماتيكي وتنطق به وهي تقتلع من أعماق القلب حسرة كبيرة حين تندب حظها العاثر. فتقول على سبيل المثل لا الحصر: (عابت الهالوكت الساوى الگرعة وأم الشعر).ولعلها تحاكي الشاعر الذي أطلق حسرته آسفا بقوله: (وتساوت القرعا وأمُ الشعر صاحبةُ الضفائر) وبما أن (خجه بگم) كانت جميلة وتشعر بأنها (درة بيد فحام) فكانت مواظبة على ترديد هذا المثل ولم أدرك أنا شخصيا عمق المعنى الصميمي له إلا حين شاهدت على حين غرة امرأة قرعاء حينها أدركت إذ ذاك كم هي محقة (خجه بگم).
*إنثيالات اخترقت ذاكرتي لدى اطلاعي على بعض المقالات التي تناولت مسالة الصحافة والصحفيين ومن يستحق ومن لا يستحق وإنصاف النقابة أو عدمه في منح الصحفيين هويات الإنتساب.
مثلما لا نريد أن نوجه اتهاما لأحد بالتلاعب أو ممارسة الفساد الإداري فإننا لسنا معنيين بالدفاع عن أحد أيضا ولكن ما نلمسه يشير إلى أن هنالك خطأ إما أن يكون متعمدا أو هو سهو غير مقصود وينبغي على الجهات المعنية تصحيحه. ومن الطبيعي أن نرفض أن يخول أحد نفسه صلاحية الحديث عن جهة معينة أو أن يكون ناطقا عن غيره أو مدافعا دون وجه حق وهو ابعد ما يكون عن معرفة الحقيقة.
ليس من المقبول أن يوجه أحد انتقادا أو اعتراضا مقبولا ثم يتصدى له آخرون من باب (اللي بعبه عنز يمعمع) اليس كذلك ؟
لست معنيا بإيجاد فيصل أو فرز أو مفاضلة أو تمييز بين من حصل على هوية الصحفيين وبين من لم يحصل عليها وهو أحق من سواه. لكنني أجد نفسي معنيا بالقول أن من حق أي فرد تشهد له مشاركاته وكتاباته بأن عمره الأدبي أضعاف العمر الزمني لمستجدٍ مُنِحَ هوية النقابة حتى قبل الأوان أن يحصل هو أيضا على هذه الهوية على الأقل من باب التيمن بقول خجة بگم: "عابت الهالوكت الساوى الگرعة وأم الشعر"
فمن تشهد له بانتمائه للأدب والصحافة صحف السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وهو يُقصى ويستغفل ويواجه أعذارا يرفض قبولها حتى ابسط السذج والأميين من حقه أن يتظلم أليس كذلك يا منصفون ؟
أليس من حقه أن يحاكي (خجه بگم) ويردد معها مثلها الرائع الذي طالما استشهدت به
انه سؤال ينتظر منصفا يجيب عليه فهل من منصف يا ترى ؟
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!