- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل جرفت السيول ما تبقى من ود بين الرئيس الإيراني وخصومه فقرروا اغتياله؟
بقلم: نجاح محمد علي
لم تمنع الأحداث الكثيرة التي تراكمت في ايران خلال الأسبوع الأول من الربيع والاحتفال بعيد النوروز(رأس السنة الايرانية)،من استمرار الجدل السياسي ومحاولات خصوم الرئيس حسن روحاني اسقاطه (والبعض من أعداء الجمهورية الاسلامية كان يخطط لاغتياله) بحجة فشله في الوفاء بوعوده الانتخابية.
سيول سياسية
خصوم الرئيس من التيار الاصولي، وأطراف متشددة أخرى، وحتى جماعات إصلاحية، رفعت صوتها عالياً ودعت الى عزل الرئيس بإسقاط البرلمان كفاءته السياسية، وشنت عليه هجوماً عنيفاً متذرعة بغيابه في الساعات والأيام الأولى من وقوع السيول التي جرفت عدة مدن وأوقعت عدداً من القتلى والجرحى وأضرار بالغة أخرى، بالرغم من أن روحاني الذي روج البعض أنه كان يستجم في جزيرة "قشم" السياحية، كان يتابع بنفسه عمليات الإغاثة قبل أن ينتقل الى الميدان مباشرة ليواجه بسيل من الانتقادات المباشرة من المواطنين الغاضبين الذين تأثروا بذلك السيل الهائل من التغريدات على تويتر ومانقلته وسائل الاعلام الايرانية عن "غياب" الرئيس.
وإذ نجح روحاني الى حد ما في استيعاب غضبة المتضررين من السيول متعهداً بتعويضهم وإعادة بناء مساكنهم التي جرفتها السيول، فقد استمر الجدل بين الفرقاء حول انضمام ايران الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة المعروفة بـ“باليرمو“، والتي تعد واحدة من أهم بنود مجموعة العمل المالي FATF، وحذر رئيس البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، من مغبة عدم التصويت على مجموعة العمل المالي FATF، خلال اجتماعهم الأخير.وقال همتي، عبر حسابه الرسمي على ”انستغرام“، إن ”توصيات هيئة مكافحة غسل الأموال – وهي فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية – تشكل جزءًا لا يتجزأ من المعايير المصرفية الدولية، وبالتالي فهي ضرورية للعلاقات المالية مع العالم الخارجي“.
من النجف الى قم
هذا الملف بات يشغل بال الحكومة ويعرقل مفاوضاتها مع الاوروبيين (وحتى مع روسيا والصين) لتفعيل قناة مالية للالتفاف على العقوبات الامريكية، فقد حذر رئيس البنك المركزي عبد الناصر همتي، أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، من مغبة عدم التصويت على مجموعة العمل المالي FATF، خلال اجتماعهم.
وقال همتي، عبر حسابه الرسمي على ”انستغرام“، إن ”توصيات هيئة مكافحة غسل الأموال – وهي فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية – تشكل جزءًا لا يتجزأ من المعايير المصرفية الدولية، وبالتالي فهي ضرورية للعلاقات المالية مع العالم الخارجي“.
وتردد في هذا الصعيد أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي زار مدينة قم التقى فيها بكبار مراجع الدين، سعى إلى كسب دعم المرجعيات الدينية للحكومة خصوصاً بعد زيارة الرئيس روحاني الى العراق وقد وصفها ظريف بالناجحة جداً.
وتعمد ظريف أن تكون لقاءاته بالمراجع خلف أبواب مغلقة، إلا أن ما تم تسريبه في بعض وسائل الاعلام الايرانية يشير الى حصول الوزير ظريف على تأييد لافت من كبار المراجع في قم خصوصاً وأنه نقل لهم دعم المرجع الأعلى في النجف السيد علي السيستاني لروحاني ولجهوده في حل المسائل العالقة من قرار مجلس الأمن الدولي 598 الذي أوقف في أغسطس آب 1988 الحرب بين العراق وإيران ولَم يضع حداً للخلافات المستعصية التي تعيق التوصل الى معاهدة سلام بين البلدين.
قال ظريف إن روحاني نجح في إقناع الجانب العراقي بتنفيذ اتفاقية الجزائر لعام 1975 بالنسبة لشط العرب (تسمي ايران حصتها منه اروند رود)،إذ أعلن الطرفان عن عزمهما الجاد (لأول مرة منذ توقف الحرب) على تنفيذ اتفاقية الحدود وحسن الجوار بين العراق وايران المؤرخة في 13 حزيران 1975 والبروتوكولات والاتفاقات الملحقة بها، بحسن نية وبدقة، ولذا قرر الطرفان البدء بعمليات مشتركة لتنظيف وكري شط العرب بهدف اعادة قناة الملاحة الرئيسية (التالوك) وفق اتفاقية 1975 المذكورة والبروتوكول المعني بذلك في اسرع وقت. ووفقا للفقرة أعلاه تبقى منصة العمية منصة عراقية كما كانت، دون ان يؤثر ذلك على مباحثات الطرفين في تحديد الحدود البحرية بين البلدين.
عودة الإبن الضال
ويثير السعي الى تنفيذ هذا الجزء من الاتفاقية ارتياحاً كبيراً في ايران يمكن أن يوازي خسارة ايران في الاتفاق النووي وتحميل الحكومة مسؤولية الفشل فيها في وقت دخل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على الخط مبشراً بعودته مجدداً لخوض السباق الانتخابي عام 2021 وهو يقوم بجولات في المدن وأجريت معه مقابلة مطولة مع صحيفة (آرمان) اتهم فيها الرئيس روحاني بالكذب وممارسة الخداع وأنه فرط بأموال ومصالح ايران عندما أبرم اتفاقاً نووياً من دون ضمانات نقضه بجرة قلم الرئيس الأمريكي ترامب.
وغمز أحمدي نجاد عدة مرات مع صحيفة (آرمان) من عدم قدرة الرئيس روحاني على إلغاء قرارات قيل إنه اتخذها عندما كان رئيساً للبلاد بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للأمن القومي ومنها منع الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي من الظهور في وسائل الاعلام وفرض الإقامة الجبرية على الزعيمين المعترضين الاصلاحيين مير حسين موسوي (وزوجته زهراء رهنورد) ومهدي كروبي، وقال ساخراً:" إذا كنت أنا من اتخذ تلك القرارات كرئيس للمجلس الأعلى للأمن القومي فلماذا لا يبادر السيد روحاني الى إلغائها وهو الرئيس لهذا المجلس"؟!
وقد زار ظريف قم لأنه يدرك جيداً أهمية الدور الذي تضطلع به المرجعيات الدينية في دعم العملية السياسية في ايران وأنها في الأساس غير مرتاحة لأحمدي نجاد وتصفه بالولد الضال وتياره بالمنحرف ولاترغب بعودته مجدداً الى الساحة السياسية بعد أن ظهر معارضاً لتوجيهاتها ولنظرية ولاية الفقيه وهو يصر مرة أخرى في مقابلته الأخيرة، على الدفاع عن موقفه في إقالة وزير الاستخبارات في حكومته حيدر مصلحي مخالفاً بذلك أوامر المرشد سيد علي خامنئي عندما قال إنه أقاله لأنه كان يعتقل الصحفيين، وهذا غمزٌ أيضاً من قناة المرشد،وقيل في هذا السياق إن ظريف أقنع مراجع قم أن زيارة روحاني للعراق والاتفاقيات التي نجمت عنها إنجاز تأريخي عجزت كل الحكومات السابقة ومنها حكومة أحمدي نجاد عن تحقيقه، مايفتح الطريق أمام تحقيق إنجازات أخرى توجد حلولاً لمشاكل ايران مع محيطها الإقليمي والدولي والتي تتهم حكومة أحمدي نجاد بإثارتها خصوصاً مايتعلق بالعقوبات الدولية والتي فرضت على ايران في عهده.
وبدا ظريف وكأنه يحدث نفسه بخلافة الرئيس روحاني وأنه (ربما) سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، عندما قال بعد زيارته قم إن المراجع الذين التقاهم أيدوا إقامة علاقات إيجابية بين ايران وجميع الدول في العالم ماعدا إسرائيل وأمريكا، وهو أيضاً ما أشار له المرشد الأعلى الذي قال إن الأوروبيين انسحبوا فعليًا من الاتفاق النووي، فيما وصف الآلية التجارية التي أنشأتها الدول الأوروبية لاستمرار التجارة مع إيران في ظل العقوبات الأميركية بـ "النكتة المريرة". مستدركاً: "أنا لا أملي على المسؤولين ما يجب أن يفعلوه، ولكن يجب عليهم أن يحذروا من أن يتم خداعهم".
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر