بقلم: حسين فرحان
لم يكن في الحسبان أن يكون (ريختر) محل اهتمام شعب لم يعرف اهتزاز الأرض والجدران الا في الحروب، حتى صار البعض يتندر بحديثه عن حركة مروحة السقف أو الدوار الذي أصابه نتيجة الهزة الأرضية الأخيرة والهزة التي سبقتها قبل عام تقريبا.
وعلى مايبدو فأننا أصبحنا بحاجة الى التعرف على مقياس (ريختر) ومقاييس أخرى كثيرة بسبب كثرة الابتلاءات التي أصبنا بها دون أن نعرف لها مقياسا سوى مقارنة الحال بحال الغير، ومازال اهتمامنا منحصرا بالدرجة المئوية لحرارة صيفنا اللاهب الذي أعلن هو الآخر عن نفسه كضيف ثقيل يجبرنا على ممارسة جزء من حياتنا في منتصف درجات الغليان.
لا اعتراض على حكم خالق الهزات والحر بقدر ماهو اعتذار واستغفار واستتابة لمن هو قابع في محل التجاهر بفساد وكسب يد يفضي الى فساد البر والبحر، فنواميس أصل الوجود نقاء ورحمة ونواميس الظلم تقتضي أن لايعيش الضعفاء أيا كان ضعفهم محتكمة بذلك لقوانين الغاب التي لايمكن أن تنطبق على حياة البشر.
هزات.. سيول.. دماء.. خراب.. مدن تعطش وأخرى تترقب عطشا أو غرقا.. فعل الفاعل واضح لايحتاج الى بحث جنائي يطول أمده ليقيد ضد المجهول (المعلوم)!!.
حوادثنا حلقات متصلة ببعضها تفضي صغائرها إلى كبائرها فهي مثل حكاية (أم عمير) التي روى الاعرابي وقائعها على صاحبه العائد من غربته بطريقة (التقسيط المريح): (فقد روي أن أعرابيا التقى بأحد أبناء بلدته، ففرح هذا الأخير كثيرا بلقائه، وسأله عن حال البلدة والأهل والأقرباء الذين لم يرهم منذ مدة طويلة. فلم يختر الأعرابي إلا كلب عمير ليخبر السائل بوفاته. فتأسف صاحبنا كثيرا لوفاة كلب أخيه، وسأل الأعرابي عن سبب وفاة كلب عمير، فما كان من الأعرابي إلا أن يجيبه أن سبب وفاته هو كونه أكل عظمة من بقايا هيكل ناقة عمير فصرخ صاحبنا سائلا إذن ماتت ناقة عمير ؟ وما الذي قتلها؟، حينها أجابه الأعرابي: نعم ماتت ناقة عمير لأنها تعبت في يوم حر شديد من نقل الماء لسقي قبر أم عمير، فصرخ المسكين بأعلى صوته أو ماتت أمي أم عمير؟ قال الأعرابي نعم من كثرة بكائها على عمير، فهرع السائل يبكي ويلعن الأعرابي الذي نقل له أخبارا سيئة بطريقة سيئة).
كذلك هي حوادثنا إن استعرضناها بطريقة الاعرابي أو بطريقة أخرى ستفضي جميعها - لا إلى عمير ميت - بل إلى ضمير ميت لدى من ملأوا العراق فسادا فأفسدوا حياته وجعلوه عرضة لحوادث الدهر دون وقاية منها.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري