ضمن مناهجه الثقافي الأسبوعي أقام اتحاد أدباء وكتاب كربلاء أمسية للشاعر والاعلامي حيدر الحاج قدم فيها محاضرة عنوان (العودة الى كينونة اللغة) وادارها الشاعر نوفل الصافي.
وبين (الحاج) في بداية محاضرته استخدام الدلالات اللغوية والفنون البلاغية في اللغة وتعريفاتها في ثقافات مختلفة وعلى مر العصور.
إذ أوضح " اننا كنا شعوباً تجترح تسمية الأشياء من انسجامها مع طبيعتها الخاصة، فكانت اللغة نسبة إلى ذلك كينونة حية متوالدة، وليست كائناً رابضاً هناك كحجر، أما أن نذوبها في حواضن كبيرة فهذا احتجاز لها ولثقافة شعوبها، حتى يكون الأمر مربكاً فيما بعد للأنثروبولوجي".
وذكر المحاضر مثالا حول كيفية التعامل مع المفردات ومدلولاتها الحسية بين منطقة وأخرى وهو "الريح التي تمر بين قصب أهوار السومريين فهذه لا يمكن أن يكون أثرها أو أبجديتها المستوحاة من صورتها الصوتية وهي تشبه ابنة عمها المارة في كثبان الصحارى أو تلك المتهادية من جزر الكناري."
كما تحدث (الحاج) عن النصوص والرقم الآثارية التي تلفظ بها أجدادنا ثم أذيبت في المعاجم والمفردات و التي بقيت خارج اللسان العربي وداخل التداول العراقي اليومي نتوارثها عن الآباء والأجداد في الأمثال والحكايات والشعر الشعبي مستشهدا باشعار (يوسف الگوبع) التي تحمل مصطلحات وتعابير قد يصعب فهما من الوهلة الأولى.
وذكر المحاضر مثلا آخر من الشعر الشعبي عبر صورة محبوكة من أنواع التوبيخ لمن لا يجيد عمله وهو (هبشة خارمة مطفل بتال الليل ياونها غلج وابشوفها عيازه).
مبينا أن الخارمة هنا تعني المرأة التي يلازمها سوء التدبير أو الاستغراق مطولاً في السرحان غير المجدي، هي تفسد كل شيء عادة، فكيف عندما تهبّش أي تدق الحبوب بطريقة يقصد منها فصل القشور وليس الطحن وهي أم لطفل أي لديها رضيع ويكون عملها في ساعة متأخرة من الليل، وفي الوقت ذاته فإن (الياون) أي (الجاون) حيث تقلب الجيم ياءً في الكثير من لهجات أهل الجنوب سليلي سكنة الأهوار من السومريين، والجاون هو الآلة التي تدق فيها الحنطة والشعير والرز بعد الحصاد . ويتابع "الحاج" أن الشاعر هنا يضيف صفحة أخرى تزيد الهجاء عندما يقول (وبشوفها اعيازه) أي ضعف نظر. ويوضح أن هذا البيت يبدأ بمفردة أكدية وهي الهبشة من "هبّش" وأصلها "خباشو" التي وجد استعمالها لدى السومريين البابليين والآشوريين بذات المعنى المذكور أعلاه.
وبعد أن أنهى محاضرته كانت هناك مداخلات شارك فيها الشاعر الدكتور عمار المسعودي والشاعر والدكتور علاوي كاظم كشيش والروائي الدكتور علاء مشذوب وغيرهم من متذوقي الادب ومحبي اللغة.
من جانبه اوضح نائب رئيس الاتحاد الاديب والاعلامي سلام البناي لوكالة نون الخبرية ان الامسية تاتي من ضمن المنهاج الثقافي للاتحاد وقد سلط المحاضر من خلالها الضوء على كينونة اللغة عبر تتبعه لجذورها واستخداماتها كلسان للشعوب. واضاف كما تناول المحاضر في جانب اخر من محاضرته لغتنا العربية وما تتميز به من جمال وتداخل مع اللهجات الشعبية مثلما رجع بها الى بدايتها الاولى والتطورات التي حصلت بمفرداتها عبر الحقب التاريخية.
يذكر ان حيدر الحاج من مواليد البصرة 1982م حاصل على شهادة البكلوريوس في آداب اللغة عربية وهو مهتم في مناهج الحداثة وما بعدها وهو عضو في نقابة الصحفيين وله أعمال أدبية ويعمل الان في مجال الاعلام كمراسل تلفزيوني.
أسامة الخفاجي
أقرأ ايضاً
- ندوة نقاشية حول مشروع قانون حماية الملكية الفكرية داخل مجلس النواب في كربلاء
- كربلاء تستذكر لبنان عبر مهرجانها الشعري الثاني (صور)
- اقامته الجمعية العراقية للتصوير:مصورو كربلاء يحصدون جوائز في المعرض الفوتوغرافي بدورته (46)