بقلم | هشام الهاشمي
بدأ العراقيون يَرَوْن أنه كل فتنة ورآها سياسي، وحيثما وُجدت للأحزاب فرصة لصناعة الفتنة فأنهم يسارعون إليها، وإذا استمرت الأحزاب بهذه الخطابات فسينمو التطرّف والإرهاب في العراق، وفِي مرحلة ما سيحدث شيء، وسيحدث الأنهيار في وقت الضعف.
منذ انطلاق الحملات الانتخابية تآكل الالتزام الحكومي بمكافحة الفساد وتشديد الأجراءات الرقابية، ويبدو ذلك واضحا في قطاع الكهربا والأقتصاد وملف الأعمار.
وضعت فوضى اعلام التواصل الاجتماعي نموذجا حيّا امام الزعامات الحزبية لنتائج فشلهم الحكومي والبرلماني، وهي بشكل كلي من نتاج عمل أيديهم في زعزعة أمن واستقرار العراق.
فقدت الإدارات الحكومية اجندة ترتيب الاولويات وكأنها لا تمتلك خوارزمية منطقية لتسلسل الأعمال، ازداد خوف الفقراء وفئات الطبقة الوسطى وعدم اطمئنانها بسبب تصاعد نسب البطالة والفقر ورسوم الضرائب وقيود البنك الدولي.
بينما قدمت الأحزاب الحاكمة في برامجها الانتخابية نفسها كحماية للثروات وحقوق الشعب ضد المخاطر الاقتصادية المتزايدة.
منذ 15 عاما وعلامات الفقر والمشقة ظاهرة على سكان شرق الرصافة في بغداد وعلى سكان كثير من القرى والأرياف في الجنوب العراقي، وربما تستمر هذه المظاهر لعقد قادم او أكثر.
زرت الْيَوْمَ ناحية الحفرية أو تاج الدين وهي إحدى النواحي التابعة لقضاء العزيزية في محافظة واسط. تقع بلدة الحفرية شمال مدينة الكوت... ليست بالنائية او البعيدة عن العاصمة بغداد، كانت ظروف المعيشة فيها متواضعة جدا، والخدمات البلدية رديئة، والكهرباء غير الحكومية متوفرة ولكن ليس في كل المنازل، وماء الاسالة ضعيف ويأتي لجميع المنازل، ومازالت وسائل النقل والأدوات الزراعية قديمة، ومع ذلك فقد شدني عشرات الصور لشهداء من ابناء هذه المنطقة شاركوا في الحرب على الاٍرهاب وللمحافظة على مؤسسات الدولة العراقية ومكتسبات التجربة الديمقراطيّة.
في طريق عودتي الى بغداد شاهدت أمرأة مسنة بالقرب من احدى السيطرات الأمنية تنتظر المكروباص حتى تنقلها الى منطقة جسر ديالى، تنطبق عليها أوصاف الألم والفقر والمصاعب، سلمت عليها وقلت لها باللهجة العراقية " الله يساعدك حبوبة"وأخذتها معي وكان بيني وبينها حديث طريق شيء من الثرثرة وآخر عن يوميات عراقي فقير، لكنها ذكرت لي، بكل فخر واعتزاز أن ابنها الشهيد كان لعامين يقاتل تحت إمرة فصيل من الحشد الشعبي بدون راتب وهي تسعى الى إكمال معاملة تقاعده من أجلها ومن أجل أحفادها الأيتام.
يبدو أن الحالة الاقتصادية لمحافظات جنوب العراق لم تتحسن أبدا، بل أن التحقيقات والتقارير البحثية والإعلامية تُظهر أنهم مازالوا يعانون من الفقر والبطالة وسوء الخدمات، وكأن قادة الأحزاب التي تمثل تلك المناطق نَسُوا ان مقاومة ومعارضة أهل الجنوب لنظام البعث كان بسبب تهميشهم وفصلهم عن التطور العام وربما هو العامل الرئيسي في ظهور حركات سياسية ومسلحة معارضة للنظام السابق.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً