- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
زيارة العبادي لاربيل، سياسية ام سياسية؟
عادل عبد المهدي
زار الاخ العبادي اربيل قبل ايام.. ومهما تكن الدوافع والنتائج لكن مثل هذه الزيارات هي مبادرات مطلوبة وصحيحة. فمآخذنا على البعض –ومن جميع الاطراف- انهم يتصرفون في مواقفهم السياسية مع ساحات العراق، او القوى المنافسة، وكأنهم امام دولة اخرى، او جهات معادية. فهم لا يميزون بين خلافات في صفوف البلد والشعب الواحد، واخرى بين بلدان مختلفة، او مع اعداء حقيقيين. فلكل من الحالتين حساباتها وابعادها، لكن للاسف اعتدنا الخلط كثيراً بين الاثنين، مما يضيع علينا جميعاً –وبدون استثناء- فرصاً كبيرة، سواء لسحب فتيل الازمات الداخلية، او لضياع امكانات وقدرات كان يمكن استثمارها لمصلحة البلاد والشعب، كل الشعب.
وهنا نأتي الى العنوان.. فهل هذه الزيارة سياسية لاغراض انتخابية وما بعد الانتخابات، ام انها سياسية لاغراض سياسات الدولة؟ فما حصل في ايلول 2017 في عملية الاستفتاء امر يجب معالجته واستخلاص الدروس منه. بل من الخطا النظر لهذا الامر بمعزل عن مجموع العلاقة بين اطراف البلد الواحد خصوصاً بين بغداد واربيل. وهذا كلام موجه لنا جميعاً وليس لطرف واحد فينا. كنا ندعو ونتمنى ان تكون هذه الزيارات قبل نهاية العام الماضي. كنا نتمنى ان نفتح افاق مسارات جديدة لمعالجة الاوضاع المعقدة بين الاقليم والحكومة الاتحادية قبل اجواء الانتخابات وصفقاتها ووعودها، التي اثبتت التجارب الماضية انها إن بنيت على اسس خاطئة وغير جادة وتكتيكية، تقود لخداع ليس القيادات والقوى والجمهور فقط، بل سترسي قاعدة خاطئة في العمل والعلاقات بين القوى العراقية.. فخلال سنوات اربع، او خلال سنوات العهد الحكومي يجب توقع حدوث ازمات واخطاء واختلافات وانحرافات.. في هذه المنعطفات الاساسية نحتاج للقاءات أخوية وصريحة في آن واحد، لنساعد بعضنا لتجاوز مثل هذه المنعطقات.. بينما نحن نقوم بعكس ذلك تماماً، فنلجأ لردود الافعال والتصعيد والتشنج وتحميل الاخر كل المسؤولية والتنصل منها تماماً. فطرف يتشدد ويتعصب معتقداً ان هذا سيقويه ويوسع من جماهيرته والتأييد له، وآخر يتشدد ويتعصب لمطالبه ورؤيته وسياساته وضغوطاته معتقداً ان هذا سيحقق مصالحه، ولو على حساب مصالح الاخرين. من هنا اهمية التمييز بين خلافات داخلية وخلافات خارجية منعاً من استخدام علاجات خاطئة لغير اغراضها.. وإلا ما معنى انه عندما تقترب الانتخابات، وندرك ان مصير بعضنا مرتبط بمصير الاخر، ومواقع وسياسات بعضنا لن تتم الا بمساندة وموافقة الاخر، نتجاوز كل الحساسيات والحواجز ونفهم اولوية حل اللقاءات الداخلية والعناق والزيارات والترحاب الحار والحوارات والاتفاقات لرسم مسارات مشتركة تهم كافة الاطراف.
هذه اللحظات من الاستعداد للانتخابات، وقبل تشكيل الحكومة مهمة للجميع، ويجب ترسيخ صورها لاننا سنحتاجها لاحقاً اكثر من اي شيء اخر. تحتاجها بغداد لفهم طبيعة علاقتها باربيل والسليمانية والانبار ونينوى والبصرة والنجف وغيرها من ساحات وقوى.. وتحتاجها جميع تلك المراكز مع بغداد لان مصير ومستقبل الجميع مرتبط بعضه بالبعض الاخر.. ويجب ان لا نحصر هذه الممارسات في فترة الانتخابات او لضرورات تشكيل الحكومة، ذلك الا ان كنا قد غرقنا جميعاً في مستنقع الشخصنة ونعتبر ان مصالحنا واعتبارياتنا اهم من مصالح واعتبارات الوطن. فالكل –واعني ما اقول- الكل اليوم وفي فترة الانتخابات والاستعداد لما بعدها يتصل بالاخرين، كل الاخرين، ويرسل لهم الوفود، وتتكرر الزيارات بينهم، ويحرص على الاتفاق معهم وتطمينهم.. وهذه كلها دلائل بان مصالحنا مشتركة لا تقبل التفكيك والانتقاء.. وان الخلافات الداخلية لا تعالج كالخلافات الخارجية بين الدول. فالاولى مصير مشترك، رغم الخلاف والخصومة والطموحات المتعددة، بل التقاتل الغبي احياناً، فهي خلافات داخل البيت الواحد، بينما الثانية خلافات خارجه، لها لغة ومباني وسياقات مختلفة تماماً.
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء