بقلم: رعد العراقي
لا أعرف متى يستفيق ذلك المارد الانساني في نفوس ذوي الشأن والقرار الرياضي، وينتفضون لكرامة الرياضيين برغم أنهم اصبحوا يسمعون يومياً صراخ عوائلهم، أما مودّع للحياة أو طريح الفراش أو متعفّف اليد لا يقوى على تدبير قوت يومه !
أي مأساة نعيشها، ونحن نعجز عن الانتصار لتلك الفئة التي خدمت البلد وقدّمت عصارة جهدها وصدحت حناجرها بحبّ العراق، وذرفت الدموع في مواقف وثّقتها الكاميرات، ورُسِّخت في ذاكرة العراقيين التي لازالت تحتفظ بجميل أفعالها حينما كانت مصدر سعادتهم وفرحهم الوحيد أوقات نزيف الدم ولهيب الحروب ووجع الحصار و..الاحتلال!
أسألوا الجماهير وحتى المواطنين صغاراً وكباراً عن تلك النجوم، فلعلّ ذاكرتكم اصابها عطل بهرجة المناصب، وصراع البقاء وإغراء المصالح الشخصية، فتناست مواقفهم وتلاشت حقوقهم بين النسيان المُتعمّد أو ضُعف القرار وروتين الإجراءات وغياب الإرادة في السعي نحو ايجاد قانون يحفظ كرامة الرياضيين ويقرّ بحقوقهم في تأمين العيش الرغيد أثناء خدمتهم وبعد اعتزالهم وابتعادهم عن ميدان العمل.
كم نسمع من تصريحات ووعود وخُطط تطويرية جميعها تتكلّم عن محاولات النهوض الرياضة العراقية وتتجه نحو أفكار بناء المنشأت والملاعب واستقطاب الكوادر التدريبية الأجنبية وإقامة دوريات المحترفين وغيرها إلا أنها تناست أهم خطوة لابد أن تسبق جميع تلك الإجراءات وهو كيف نبني الانسان الرياضي وكيف نزرع بداخله ثقة الوفاء لعطاءه حاضراً ومستقبلاً ليكون الأداء أقوى وإيمانه راسخ بأن ما يقدّمه من انجاز سيكون هو رأس ماله وفخره الحقيقي له ولعائلته في المستقبل.
لا نعلم أي شواهد مؤلمة تعتصر قلوب كل الرياضيين تسرق منهم جذوة الاندفاع وتربك مشاعرهم وهي تتابع مصير أقرانهم وخاصة فئة الروّاد من إهمال غير منطقي ومصير مجهول لأغلبهم فلا رعاية صحية ولا اهتمام ولا حفظ لكرامة عوزهم المالي، فلا غرابة إن سقطت النتائج وتراجعت الانجازات حتى وإن شيّدت أحدث المنشآت أو وضعنا أرقى خطط التطوير طالما أن الأبطال سيبقون في قلق ولا يثقون بمستقبلهم ليتحوّل نشاطهم نحو جني الأموال بعيداً عن أي شعار ودافع آخر.
لأكثر من مرّة طالبنا بمستشفى رياضي متخصّص وحديث كما هو معمول به في أغلب دول العالم يكون ملاذاً وملجأ للرياضيين ويمكن أن يستقبل ويعالج الحالات المرضية أو أي حالة طارئة إلا أن تلك الدعوة لم تلق الآذان الصاغية فخسرنا نجوماً نتيجة ضعف الرعاية الصحية أو شحّة الأجهزة المتطوّرة، ومنهم من ثقُلت عليه فواتير العلاج حتى أدركه الموت!
اسماء كبيرة غادرت وهي تعاني الإهمال في صور مؤلمة لا تليق بتاريخهم، كان آخرها المرحوم حيدر عبد الرزاق الذي تعرّض إلى اعتداء وحشي أودى بحياته، فكانت مشاهد افتراشه الأرض ورداءة الغرفة في المستشفى حتى مع تواجد الوزير عدنان درجال عند زيارته له كلّها إشارات بأن علاجه سيكون صعباً وهو ما حدث فعلاً!
باختصار.. توجّهوا نحو الارتقاء بالرياضي انسانياً وأكسبوا ثقته بالحاضر والمستقبل، عندها ستجنوا الانجازات، فيمكن تشريع القوانين الحافظة للحقوق وأيضاً الاستغناء عن بناء أحّد الملاعب ونستثمر الأموال لإنشاء مستشفى متطوّر ينقذ الأرواح ويُقلّل مبالغ العلاج في الخارج ويرفع الحرج عن القيادات الرياضية في المطالبة بارسال الحالات الحرجة الى المستشفيات في الخارج بدلاً من الانشغال بمظاهر الحزن والتشييع وحضور العزاء، احترموا الرياضيين وقدّموا الرعاية لهم وهم أحياء عندها سنشعر أنّ البكاء عليهم صِدقاً وليس إدعاء!