حجم النص
أكدت محاكم تحقيق وجنح ورودها دعاوى اعتداء على موظفين عامين، مشيرة إلى أن الاعتداء على الأطباء من أبرز صور هذه الجرائم، وفيما شكا قضاة من عدم متابعة الكوادر الصحية لدعاواهم، عزوا ذلك الى خشيتهم على حياتهم بسبب الوضع الأمني، أو ان الطابع العشائري في بعض المناطق يسهم بحل الخلافات ودياً. ويقول القاضي قصي جاسم محسن في محكمة تحقيق مدينة الصدر في مقابلة مع (المركز الإعلامي للسلطة القضائية) تابعته وكالة نون الخبرية إن "العديد من الأطباء يسجلون شكاوى أمام ضباط الشرطة، لكن القليل منهم من يتابع شكواه في المحكمة، ونحن بدورنا كقضاء ندون إجراءاتنا وفق مواد الاعتداء على الموظفين في قانون العقوبات". وتفرض مواد قانون العقوبات العراقي من (229-231) العقاب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة مالية على كل من منع أو اعتدى على موظف أو شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتهم. وعن سبب هذه الاعتداءات يجيب محسن أن "التفجيرات التي تحدث في مدينة الصدر وغيرها في مناطق بغداد، عادة ما تكون في المساء وتخلف إصابات كثيرة واحيانا الإسعافات والكوادر الطبية ليلاً لا تكفي فتحدث حالات وفاة"، موضحا أن هذا "يترك تصوّرا لأهالي الضحية بحدوث تقصير من بعض الأطباء". ويضيف محسن أن "ضباط الشرطة ينتقلون إلى المستشفى عند حدوث تفجيرات إرهابية لتدوين أقوال المصابين والشهود، لكنهم يتلقون شكاوى اعتداء ضد الأطباء"، واستدرك قائلاً "إلا أن المشتكين لا يأتون إلى المحكمة، ونعاني من عدم حضور الأطباء.. ربما يتخوفون، أو أن القضية تحل ودياً". ولم ينس قاضي تحقيق مدينة الصدر أن يذكر "وجود دعاوى عكسية بحق الأطباء لا سيما في موضوع الولادات وحالات إعطاء العلاج بالخطأ، وعدم متابعة بعض الحالات الصحية". وبشأن دور القضاء قال "نربط التقرير الصحي وما يسمى بـ(الطبلة) للاطّلاع على الأدوية لكن لا يمكن اتخاذ قرار إلا عقب إكمال تحقيق إداري وفني تجريه وزارة الصحة عن أسباب الوفاة بحسب قانون الأطباء واذا ثبت الإهمال وفق التقرير تتخذ الإجراءات اللازمة"، ولفت الى أن "هذا التقرير الفني أو الإداري يسبب تأخيراً للدعوى". لكن المتحدث باسم وزارة الصحة د. أحمد الرديني ينتقد "التشريعات وضعف القانون"، مؤكداً أن "حماية الأطباء نظريات على الورق وليست مطبقة على أرض الواقع". غير أنه يعود ليبرر عدم حضور الأطباء إلى المحاكم بـ"أن الكوادر الصحية تتحمل الضرر المنوي والجسدي على أن تتوسع القضايا". ويرى في تصريحات إلى مراسل (المركز الاعلامي للسلطة القضائية) أن "هناك نظرة قاصرة للمجتمع تجاه الأطباء"، مؤكدا أن "الغالبية لديهم أفكار فطرية مسبقة عن تقصير الأطباء حتى قبل أن ينظروا حالة مريض"، داعياً إلى ضرورة معالجة هذه الظواهر. وفيما عدّ الرديني أن "الاعتداء على الأطباء هو السبب الأبرز لهجرة الكفاءات الصحية"، بين أن أسباب التجاوز عليهم تعود إلى "الردود العاطفية والانفعالات التي يبديها أهالي المريض، وكذلك العرف العشائري القاسي تجاههم". وأضاف "البعض يرى أن الطبيب إنسان ضعيف وليست له ارتباطات قبلية، ولا يحمل سلاحاً ما يفسح المجال أمامه للتمادي". ورداً على سؤال عن نوعية الوظيفة المعرضة بكثرة للاعتداء، يعود القاضي قصي جاسم محسن ليجيب أن "أي موظف عام معرض للاعتداء، حتى نحن كقضاة نتعرض لذلك، الأغلب هو الموظف الذي له تماس مباشر مع الناس"، وقال إن "الاعتداءات كثيرة، لكن من يحركون الشكاوى قليلون". وعن مفهوم "الموظف المعتدى عليه"، قال إن القانون يشمل "كل موظف مكلف بواجب رسمي أو خدمة عامة وهذا يشمل حتى عمال البلدية، ولا فرق بين عامل بسيط وأي موظف آخر". وعرف القانون العراقي المكلف بخدمة عامة: "كل موظف أو مستخدم أو عامل أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها أو الموضوعة تحت رقابتها". أما اذا كان الموظف ضحية اعتداء من موظف آخر، فقال القاضي إن "هناك سياقات إدارية في دائرته، واذا طلب أحدهم شكوى أمام المحكمة فلا فرق والقانون واحد ونصه جاء مطلقاً، واذا كان بين عسكريين فتحال الشكوى على محكمة عسكرية". من جانبها، قالت قاضية محكمة الجنح في مدينة الصدر ميسون محمد عيسى إن "دعاوى الاعتداء على الموظفين تصل الى قاضي الجنح بكامل إجراءاتها من قاضي التحقيق"، مشيرة إلى أن محكمتها تقوم "بتدوين أقوال المشتكين والمتهمين وربط سوابقهم وتدقق إجراءات قاضي التحقيق وتسأل المتهم ليجيب إما بالإنكار أو بالإيجاب". وعن مدى عقوبة المدان قالت القاضية عيسى "بالنسبة لمحكمة الجنح مقيدة بقانون العقوبات العراقي الذي يفرض على الجرائم التي نوعها جنحة الحبس مدة لا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تزيد عن مليون دينار". وذكرت القاضية أن أكثر الجنح المرتكبة بالنسبة لهذه المسألة هي "الإساءة لمنتسبي المستشفيات". وتنبه إلى أن "المحكمة عندما تنظر إلى هذا النوع من الدعاوى يجب عليها التأكيد إذا ما كان الاعتداء وقع أثناء أو خارج العمل، حتى تطبق القانون". وتضيف عيسى "على المحكمة أن تخاطب الجهة التي يعمل فيها الموظف عما اذا كان الاعتداء أثناء العمل، واذا قالت الجهة العكس فلا تسير المحكمة بالعقوبة وفقا لمادة الاعتداء على المكلفين بخدمة عامة". ومن جانب آخر، قال قاضي تحقيق المحكمة المركزية، عبد الستار بيرقدار إن "القانون العراقي يعتبر الاعتداء على الموظفين جنحة". وعن إمكانية أن تتحول إلى جناية أضاف بيرقدار ان "هذا الاعتداء اذا ادى الى عاهة مستديمة فان الجريمة تعتبر جناية"، مؤكدا أن "سقف العقوبة يرتفع إلى التشديد لأن الاعتداء كان على مكلف بخدمة عامة". مروان الفتلاوي
أقرأ ايضاً
- بينها تعديل قانوني التقاعد والجوازات.. البرلمان ينشر جدول أعمال جلستي الأحد والاثنين
- قائد الجيش اللبناني يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للبلاد
- العتبة الحسينية المقدسة تؤهل مدرستين في كربلاء بالكامل وتعيد شبكات المجاري والصحيات فيها