حجم النص
أضحت القوات الأمنية التي تشنّ حملة عسكرية منذ يومين على بلدات شمال تكريت، على مشارف احد أكبر معاقل مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في صلاح الدين، فيما كشفت خيوط الصباح الاولى بعد تحرير عدد من القرى المتاخمة لقضاء بيجي ومدينة تكريت عن مشهد لمجموعة من المنازل المهدمة التابعة لمنتسبي الاجهزة الامنية وشيوخ عشائر رفضوا مبايعة التنظيم الذي سيطر على مساحات واسعة من المحافظة عقب سقوط الموصل بـ24 ساعة، بحسب ما أفاد به مسؤولون محليون وشخصيات عشائرية قريبة من العمليات العسكرية. في حين أعلن القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، امس السبت، عن انتصارات احرزها الجيش في معارك بيجي وأكد أن تلك المعارك ستؤمن انبوب النفط الى بغداد وتعيد الطريق البري للتحرك الى نينوى. وتقول اطراف مطلعة في صلاح الدين لـ"المدى" ان الجيش المسنود بطيران جوي كثيف تابع للتحالف الدولي وبمساعدة العشائر صار قريبا بمسافة 6 كم عن مركز قضاء بيجي، الذي يضم اكبر مصافي النفط، كما يحاصر الجيش تكريت من كل محاورها، متوقعين تحرير المدينتين خلال الـ72ساعة المقبلة. فيما تحوّل عناصر تنظيم "داعش" الى استخدام الدراجات النارية للتنقل بعد ان اصبح من المتعذر استخدام السيارات التي صارت مكشوفة امام الضربات الجوية، كما شهدت القرى في شمال تكريت هروباً كبيراً لعناصر التنظيم باتجاه الموصل. وكانت محافظة صلاح الدين اعلنت، اول من امس، عن تحرير منطقتين تقعان بين قضاء بيجي وتكريت (170 كم شمال بغداد). وفيما بينت أن العمليات العسكرية ليست سريعة وتتضمن عمليات تفتيش ومسك الأرض، اشار مسؤول محلي الى اهمية "كسب ود" عشائر تلك المناطق المحررة لضمان عدم عودة المسلحين الذين قالت بانهم فقدوا "حواضنهم" بين السكان بسبب السلوك المتشدد والاعتداء على الممتلكات والارواح. ويقول احد قادة الصحوات في صلاح الدين ونس الجبارة لـ"المدى" ان "العمليات العسكرية في مناطق شمال تكريت تتقدم بشكل كبير، وسط تعاون مثمر من سكان تلك البلدات"، مشيرا الى ان القطعات العسكرية صارت قريبة على قرى "البو طعمة، والحجاج" وهي قرى ملاصقة لبعضها وقريبة من جنوب قضاء بيجي، وتقترب من مناطق المزرعة والبوجواري والتي تبعد 6 كم فقط عن مركز محافظة بيجي. يقول "الجبارة" وهو ينحدر من عشيرة اشتهرت في المحافظة بمقاتلة المسلحين لاسيما في ناحية العلم، 10كم شرق مدينة تكريت، التي تعد المعبر الوحيد امام التنظيم باتجاه الموصل، ان قضاء بيجي اكبر معاقل "تنظيم داعش" في محافظة صلاح الدين، وكان اول بؤر التوتر قبل السيطرة على تكريت وباقي مناطق المحافظة.في موازاة ذلك يؤكد المسؤول في الصحوات ان القطعات العسكرية تجاوزت، امس، قرى "المحزم" و "الحمرة" وصارت في اخر نقطة من القرية الاخيرة وتحاصر تكريت من كل جوانبها. فيما وجدت القوات الامنية التي حررت القرى في شمال تكريت التي هجرها معظم سكانها بعد فرض "داعش" لتعليماته المتشددة، عددا من المنازل المهدمة تابعة لمنتسبين الاجهزة الامنية وشيوخ عشائر رفضت الانصياع لأوامر التنظيم، تم تفخيخها وهدمها بالكامل.ويقول الجبارة ان التقدم في شمال تكريت، احدث ارباكا واضحا في تحركات "داعش"، وصاروا يستخدمون الدرجات النارية للتنقل بسبب ان السيارات صارت اهدافاً واضحة لضربات طيران التحالف، فيما يؤكد ان زخم الهجمات الذي كان يقع ضد مدنية الضلوعية، جنوب تكريت، تراجع بشكل كبير.في غضون ذلك يقول عضو مجلس النواب عن محافظة صلاح الدين عبدالقهار السامرائي في تصريح لـ"المدى" ان العمليات العسكرية بدأت من شمال تكريت، لوجود قوات امنية كبيرة في تلك المنطقة قرب جامعة تكريت وقاعدة سبايكر "الشهيرة"، مشيرا الى ان العمليات تهدف الى قطع خط الامدادات الواصل الى "بيجي" من المنطقة الشمالية الواصلة مع الموصل والحدود السورية، والتي تعد اكبر مصدر لتمويل التنظيم بالسلاح وبالعناصر، وعزل تكريت. ويكشف السامرائي عن مشاركة قيادتي عمليات وشرطة صلاح الدين و"سوات" وبمساندة طيران التحالف الدولي في المعارك الدائرة قرب "بيجي" ومدينة تكريت، ويرجح ان عملية السيطرة على بيجي ستمهد الطريق لتحرير مركز المحافظة من المسلحين. بالمقابل يعلل رئيس كتلة صلاح الدين اولا في مجلس المحافظة احمد ناظم لـ"المدى" تأخر القوات الامنية في تحرير مناطق شمال تكريت، التي سقطت في 11 حزيران الماضي، بسبب وجود عدد كبير من العبوات المزروعة في الطريق الواصل الى تلك البلدات وتفخيخ المنازل، فضلا عن ان الجيش تعرض الى "صدمة" عقب سقوط الموصل، واحتاج الى وقت لاستيعاب ما حدث واعادة ترتيب صفوفه.ويرى ناظم الذي فجر المسلحون منزله، مؤخرا، في ناحية يثرب جنوب تكريت، ان "التحدي" وراء تحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" هو كيف يمكن المحافظة على ذلك التقدم ومنع التنظيم من العودة مرة اخرى، مؤكدا ان "كسب ود العشائر" التي صارت ترفض وجود "داعش" في مناطقها هو المفتاح السحري للحفاظ على امن المناطق. كما يقول ان مجلس المحافظة صلاح الدين الذي يتكون من 29 عضوا يعودون الى عشائر مختلفة، يعملون على تقديم "تطمينات" للعشائر التي ينحدرون منها حول مستقبل مناطقهم، حيث تتخوف تلك العشائر من وجود بعض العناصر التي دخلت الى المحافظة بما يعرف باسم "الحشد الشعبي" حيث يروج "داعش" ضدهم اخباراً "كاذبة" على انهم يريدون تصفية "السنة" وسرقة اموالهم وهتك اعراضهم، فيما يؤكد ان عناصر "الحشد الشعبي" مخلصة وتريد تحرير المدن من "داعش" ثم العودة من حيث جاءت. ويشير المسؤول المحلي الى ان "اعادة مشروع الصحوات" الذي عملت به الولايات المتحدة في عام 2007 وخربه المالكي في ولايته الثانية، لن يكون نافعا هذه المرة، لان العشائر ترفض ان تتكرر عملية التخلي عنهم مرة اخرى، بعد ان يقدموا الدماء من اجل الحفاظ على امن مناطقهم. ويتحدث المسؤول عن ضرورة تشريع قانون يسمح بتطويع الشباب من سكان صلاح الدين والمناطق المضطربة بشكل رسمي ضمن جهاز تابع للدولة وان يعملوا بوضح النهار وليس ان يتحولوا الى "مليشيات" لحماية مدنهم.
أقرأ ايضاً
- بسبب إسرائيل.. حبس الكويتية فجر السعيد ونقلها للسجن المركزي
- مجلس النواب اللبناني ينتخب قائد الجيش رئيسا للجمهورية
- قائد الجيش اللبناني يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للبلاد