حجم النص
يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حملة تشكيك بقدرته على ادارة شؤون العراق، تشنها اطراف متشددة في التحالف الشيعي ضد الإصلاحات والتغييرات التي اجراها في مفاصل القيادات الامنية والعسكرية، الى حد الدعوة لاسقاط حكومته على الطريقة الحوثية في اليمن. ورصد مراقبون قيام عشرات المواقع الالكترونية الجديدة بشن هجوم على رئيس الوزراء حيدر العبادي، التي انتقدت بشدة القرارات الأخيرة التي اتخذها لاسيما المتعلقة بالجانب الأمني وإيقاف القصف على المدنيين. ولوحظ ان الصفحات المستحدثة على موقع التواصل الاجتماعي اطلقت أوصافا لافتة على العبادي مثل "خائن شيعي"، او "خائن بريطاني" في الإشارة الى جنسيته البريطانية التي أعلن مؤخرا التنازل عنها في سابقة تعد الأولى من نوعها لمسؤول عراقي بعد احتلال العراق عام 2003.وعلى الرغم من الشكوك ضد العبادي وبقاء الجمود في أكثـر من ملف أساسي، إلا أن رئيس الوزراء نجح في الوفاء ببعض الالتزامات التي ابرمها مع باقي القوى، ضمن صفقة تشكيل الحكومة. ومع ان إجراءاته تحظى بدعم الأحزاب الأساسية بما فيها ابرز القيادات الشيعية التي تعتقد ان التغيير هو السبيل لتوحيد العراقيين أمام تحدي داعش، إلا أن أطرافا تتبنى موقفا شيعيا متشددا، بدأت بتنظيم حملة واسعة يقف وراءها حسب مطلعين على الشان العراقي رئيس الحكومة السابق نوري المالكي ورئيس منظمة بدر هادي العامري. تأتي تلك التطورات في حين لايزال العبادي يحاول صياغة قانون لتشكيل الحرس الوطني من أهالي المناطق الساخنة، كجزء من اتفاق سياسي، ثم اصدر بعد أيام أوامر بإيقاف القصف على المدنيين، في خطوة قال عنها بأنها ستعطي فرصة لسكان تلك المناطق لأخذ دورهم في الدفاع عنها.وحظيت قرارات العبادي الأخيرة بإلغاء مكتب القائد العام وإحالة كبار الضباط على التقاعد وحجز المسؤولين عن حادثة الصقلاوية، بترحيب محلي واسع سياسيا وشعبيا. ويرى محللون في حديث العبادي عن ضرورة تصحيح أخطاء المالكي وتصفية تركته بانها اثارت حفيظة معسكر المالكي ورجالاته في المؤسستين العسكرية والامنية التي رأت ان تصفيتها وطي صفحتها هي من اولويات العبادي خلال المرحلة المقبلة. ولم تكتف القوى الشيعية المتشددة بحملة التشكيك بقدرة حكومة العبادي على ادارة شؤون العراق وانما صعدت الحملة ضد العبادي بالدعوة لتنظيم تظاهرات شعبية في المحافظات الجنوبية وفي ساحة التحرير وسط بغداد، أطلقت عليها تسمية ثورة الجنوب وإسقاط النظام العراقي، ونريدها حوثية. منظمو التظاهرات طالبوا بإلغاء فوري لجميع التفاهمات مع الأطراف الكردية والسنيَّة التي تشكلت بموجبها الحكومة، وإقالة حكومة العبادي وإحالته للمحاكمة بسبب هزيمة الجيش في منطقة الصقلاوية وقراره القاضي بوقف القصف على المناطق السكنية في المحافظات التي تشهد عمليات عسكرية، موجهين الاتهام له ببيع الشيعة للآخرين. كما طالبوا بعدم إصدار اي عفو عن المعتقلين وتطبيق فوري لأحكام الإعدام بحق جميع الذين نالوا هذه العقوبة من المحاكم، واستئناف عمليات قصف المدن التي تشهد عمليات عسكرية. وفي موقف لافت وتصعيدي وجه العبادي الاجهزة الامنية باعتقال كل من يشارك بالتظاهرات رافضا اعطاء الموافقة على تنظيمها وعدها مخلة بالامن العام. ووصف مراقبون القرارات الأخيرة التي اتخذها رئيس الوزراء المتعلقة بالجانب الأمني بانها صحيحة ومدروسة بعناية. لانها تهدف الى ترميم المنظومة الأمنية والعسكرية، الامر الذي نال بشأنها على تأييد كبير من أطراف العملية السياسية. ويعتقد ان قرار العبادي بإلغاء مكتب القائد العام كان بسبب وجود ضباط موالين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي لازالوا مؤثرين في صنع القرار الأمني. الامر الذي دفع العبادي الى ابعادهم عن دائرة صنع القرار الامني واحالة بعضهم على التقاعد. وكان المالكي رفض خلال زيارته الى مسقط رأسه كربلاء قرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي بوقف قصف المدن وتشكيل الحرس الوطني، وانتقدها بشدة، وسط أنباء تواترت بشأن مشادة كلامية حصلت بينه وبين العبادي في اجتماع عقد مؤخرا، حيث كان رد رئيس الحكومة إقالة كثير من الضباط الموالين للمالكي. وكشف مصدر في مجلس الوزراء عن ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي رفض تسليم مكتبه لرئيس الوزراء حيدر العبادي. واوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان المالكي رفع اللوحة التي تحمل عبارة مكتب رئيس الوزراء واستبدلها بلوحة اخرى تحمل عبارة نائب رئيس الجمهورية محتفظا بالقصر الرئاسي الذي يفترض ان يكون مقرا لرئيس الوزراء الجديد. وافاد المصدر ان مكتب المالكي بصفته نائبا لرئيس الجمهورية موجود في المجمع الرئاسي في منطقة الجادرية ببغداد الى جانب مكتبي نائبي الرئيس اياد علاوي واسامة النجيفي لكنه في عملية تحد لخلفه اصر على البقاء في مكتبه. وقالت مصادر سياسية ان نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي التقى مؤخرا مجموعة من رجال الاعمال وشخصيات سياسية وعسكرية نافذة تحت غطاء دعوة غداء وان المجتمعين ناقشوا سبل افشال حكومة العبادي وعرقلة الاجراءات التي يتخذها لاظهاره امام الراي العام العراقي بانه ضعيف وغير قادر على ادارة شؤون العراق حسب ما افاد مصدر مقرب من الاجتماع المذكور. واوضحت ان المجتمعين هم من رجالات المالكي ومنفذي سياساته في الحكومة والاجهزة الرسمية قرروا الشروع بتنفيذ خطة عمل تهدف الى محاصرة العبادي من خلال تظاهرات وتوجيه الاتهامات له وتعبئة الراي العام ضده عبر استخدام وسائل اعلام متنوعة لاظهار حكومته بغير القادرة على مواجهة التحديات والتصدي لها لاسيما التشكيك بالقرارات الأخيرة التي اتخذها المتعلقة بالجانب الأمني وإيقاف القصف على المدنيين والغاء مكتب القائد العام واحالة كبار ضباط المالكي على التقاعد. واستغربت المصادر من استمرار تمتع المالكي بفوج الحماية الخاصة لرئيس الحكومة برغم تنحيته عن رئاسة الوزراء الامر الذي اثار حفيظة المتابعين للشان العراقي وعدوه محاولة لتكريس نفوذه الشخصي على حساب السياقات المتبعة بالمناصب السيادية. وكشف مصدر عسكري عن ان العبادي يتجه لتشكيل مجلس اعلى للسياسات الامنية يضم الرئاسات الثلاث والقيادات السياسية في العراق لاشراك الجميع في ادراة الملف الامني. واوضح المصدر ان العبادي اطلع الكتل السياسية وقادة اقليم كردستان على تبنيه مقترحا بتشكيل مجلس اعلى للسياسات الامنية يضم قادة الرئاسات الثلاث والزعامات السياسية ورؤساء الكتل في العراق. ونوه المصدر الى ان المجلس سيتولى ادارة ومتابعة الملف الامني ورسم السياسات والستراتيجية الامنية في البلاد للمرحلة المقبلة واعادة تقويم وهيكلة تشكيلات المؤسسة الامنية والعسكرية والنهوض بواقعها لمواجهة التحديات الجديدة وان المجلس الاعلى للسياسات الامنية سيكون صاحب القرار الفصل في الملفات والقضايا الامنية باتفاق القادة والزعامات السياسية. واشار المصدر الى ان مقترح العبادي حظي بترحيب من قادة اقليم كردستان وهناك مؤشرات دعم ايجابية ابدتها المكونات الاخرى لبلورة التوجه نحو ولادة هذا المجلس الذي سيكون على غرار البنتاغون الامريكي في مركزية القرار الامني. المصدر:العرب اليوم
أقرأ ايضاً
- تعرف على قرارات مجلس الوزراء في اول جلساته لعام 2025
- مقتل جندي من التحالف الدولي في العراق
- تشيده العتبة الحسينية في كربلاء.. برج طبي من (21) طبقة يضم ثلاث مستشفيات فريدة من نوعها في العراق