حجم النص
افتتح رئيس الوزراء نوري المالكي مساء اليوم فعاليات مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام ٢٠١٣ بحضور وزير الثقافة سعدون الدليمي وعدد من الوزراء والمسؤولين وأعضاء مجلس النواب بالاضافة الى عدد من الشخصيات العربية والدولية أبرزهم الامين للجامعة العربية نبيل العربي .
وألقى السيد رئيس الوزراء كلمة رحب فيها بالاشقاء العرب الذين حلوا اهلا في مدينتهم بغداد منارة العلم والمعرفة على مر العصور متمنيا لهم طيب الاقامة ولمهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية النجاح والتوفيق، وقال :" كلي امل وثقة ان يشكل المؤتمر اضافة جديدة لما قدمته بغداد من انجازات في حقول المعرفة والثقافة والابداع على مر العصور" .
وتحدث المالكي عن الدور الثقافي الريادي الذي لعبته بغداد وقال "ان ماحدث من تراجع لهذا الدور يبقى شيئا استثنائيا لا يمكن ان تستسلم له مدينة السلام ولا يمكن ان تستكين لحالة الجهل والتهميش التي وضعها فيه النظام السابق.
واشار الى ان " الثقافة تستمد قوتها وقوامها واصالتها من امتدادها وتجذرها ، وان الثقافة في كل بلد هي تراكم للمعرفة والفنون والعلوم والاداب ، وهذه الصفات هي ما يميز الثقافة في بلد الثقافة ومدارس المعرفة والاداب واللغة، فثقافتنا ممتدة في عمق الزمان من الاف السنين عبر محطات وحضارات سادت في بلد التشريع والقانون وابداع الحرف وهي متراكمة وكل جيل يقدم نتاجه للاخر.
واستطرد قائلا: الثقافة لا تنمو الا في اجواء الحرية التي تمثل الربيع الحقيقي للثقافة وكذلك الاستقرار واحترام الانسان والعلم والعلماء ووجود نظام سياسي يؤمن بذلك ويؤمن له الدعم والحماية والمتابعة الايجابية. وليس ملاحقة العلماء والمبدعين وزجهم بالسجون واعدامهم وحرق انتاجهم كما شهد العراق في ظل حكم البعث او كما حدث في بغداد حين تعرضت لموجات من الهمجية والجهل فاستهدفت المكتبات ورمت بكل الاثار وما انتجه العقل العراقي وغيره في نهر دجله. وكانت بغداد تشع علما ومعرفة حين كانت اوربا وغيرها تعيش تحت وطأة محاكم التفتيش ومصادرة الحريات مما ادى الى توقف الابداع بتوقف العقل البشري عن التفكير والتحليل" .
ولفت المالكي الى ان العراق كان بما يمثله من تاريخ حضاري وموقع جغرافي حلقة وصل بين الشرق والغرب ومقرا وممرا للثقافات المختلفة.. وكانت بغداد تحتضن هذه الثقافات على تنوعها وتتفاعل معها وتضيف عليها وتضع عليها احيانا بصماتها الخاصة، واذا كان لشيء ان يتحرر من قيود السفر والتاشيرات وتراخيص الدخول والخروج فان الثقافة هي المصداق الحقيقي لذلك.
وقال ان ثقافة العراق امتازت بتنوعها حيث جمعت بين العلوم التطبيقية والعلوم الانسانية ( لقد جمعت الطب والهندسة والكيمياء والفلك الى جانب الاداب والفنون والفقه والفلسفة)، وفي هذه الاجواء نمت المدارس الدينية وانشات الحوزات العلمية منذ مايزيد على الف عام تواصلت بالعطاء والابداع في مختلف العلوم الاسلامية وطرحت نظاما تعليميا لا يزال يتمتع برصانته وحسن ادائه.
ونبه الى ان حركة الثقافة انتعشت في اجواء الحرية والديقراطية والتعددية التي يعيشها العراق حاليا وعادت مدارس الادب والشعر والتاليف والعلوم في مختلف صنوف المعرفة.
واردف قائلا:" لقد حدث قطع في السياق التصاعدي لدور العراق الثقافي والريادي منذ سيطر النظام الدكتاتوري السابق وتراجعت بغدادعن مواقعها المعهودة وتقلصت مشاركتها الثقافية على الصعيدين المحلي والعربي وكانت سنوات عجافا ثقافيا وادبيا وفنيا ارهقت بلادنا وجففت ينابيع الفكر والمعرفة فيها .
واكد ان الثقافة العربية رغم تنوعها فانها متصلة في محور واحد يضيف اليه كل شعب من الشعوب العربية عنصرا جديدا ولونا اخر يزيده ثراءا وبهاءا لا انقساما وتراجعا
ودعا المالكي الى التركيز على العناصر المشتركة التي تجعلنا ندور في منظومة واحدة غير متنافرة مع بعضها ولعلنا موحدين ليس فقط بطبيعة ثقافتنا التي تحتضن الجميع على اختلاف ادياننا ومذاهبنا وحتى اعراقنا ولكن طبيعة التحديات الثقافية التي نواجهها هي الاخرى مشتركة وذات طبيعة واحدة. وفي مقدمة هذه التحديات ما نواجهه اليوم من موجات تطرف فكري وثقافي تهدد كل ما بنيناه.
وقال ان ما نشهده من حالات تطرف اخذت تنتشر مع الاسف في بلداننا العربية مدعومة بتيارات فكرية اقل ما يقال عنها انها سطحية تتعامل مع التراث بصورة انتقائية ناقصة وغير متوازنة وايضا مدعومة مع الاسف بكيانات وجهات تملك المال ولا تملك المعرفة وتتغذى بالاحقاد والكراهية بدل المحبة والتنوير .
وخلص رئيس الوزراء الى القول "ان ما نعانيه اليوم من اضطرابات وانقسامات وعدم استقرار وربما ما يشبه الفوضى احيانا انما يمثل انتكاسة ثقافية قبل كونها انتكاسة سياسية وقد يكون ذلك جزءا من نتائج القمع والاستبداد والدكتاتورية التي سيطرت على العديد من الشعوب العربية طيلة العقود السابقة ، وبناءا على ذلك لابد ان تكون المعالجة ثقافية ننقذ بها اجيالنا من ان تكون فريسة للتطرف والحقد ونبش التاريخ لايقاظ كل مافيه من شحنات تفرقة وضغائن لتكون حطبا لاذكاء نيران التطرف المتصاعد في كل ناحية من انحاء العالم العربي.
وشدد المالكي على انه لا يمكن ان نهزم التطرف بالعنف لان العنف يولد عنفا مضادا وهكذا نقع في دائرة لا تنتهي ، ومن هنا اتوجه بالنداء الى كل المثقفين والمفكرين والادباء والعلماء بضرورة العمل على نشر ثقافة الاعتدال والتنوير بدل الجهل والظلامية وادعو الى ان يكون هذا الموضوع محورا اساسيا من محاور النقاش في هذا المهرجان.
وقال "ان العراقيين الذين ابدعوا الحرف ووضعوا مسلة حمورابي واسهموا في نشر نور الاسلام لايمكن ان يقبلوا اليوم بدور هامشي مستهلك غير منتج، وان بغداد التي كانت مصدر اشعاع لكل العالم تنهض اليوم من جديد بعون الله وبهمة العراقيين واشقائهم العرب وكل المتنورين والاحرار في هذا العالم ، وان هذه النهضة تعني فيما تعني التخلص من الارث الثقيل لعهد التسلط والدكتاتورية وقمع الحريات الذي خنق حرية الابداع الثقافي الفكري والعلمي والفني ، ولم يطرح العراق كما عودنا رموزا في هذه المجالات الا القليل الذين تحملوا الضيم والقهر وتحايلوا على النظام بشتى السبل كي يعبروا عما في دواخلهم ولزبما وجد بعض منهم فسحة من الحرية وسط مرارات المنافي القاسية.
ومضى قائلا: "لقد ان الاوان لكل مكامن الابداع والابتكار ان تنطلق وتنمو و لكل البراعم الثقافية والفكرية والفنية والادبية ان تتفتح وتكبر، وان ثقتي الراسخة بالعقل العراقي المبدع تجعلني متفائلا بظهور اجيال من المبدعين الذين سيرفدون نهر الثقافة العربية ويزيدونه تدفقا متضامنين مع اخوانهم المثقفين العرب ومؤسساتهم الثقافية.
واضاف ان تصدينا لهجمات الظلاميين والطائفيين ودعاة العنف والتكفيريين الذين يخشون نور الحرية ويهابون التفكير السليم ، لن يثني بغداد عن اداء رسالتها الثقافية والنهوض بدورها الابداعي.
واوضح "ان الموجة الظلامية اذا ما قيظ لها لا سمح الله السيطرة على عقول الشباب فان ذلك سيكون خطرا يضاهي خطر الاحتلال المغولي والتتري وكل موجات الاحتلال الاجنبي التي تعرضت لها بغداد او اية عاصمة عربية اخرى. اذ لاثقافة ولا ابداع ولا فن حقيقي بدون الحرية وزوال مظاهر الخوف والارهاب. وانه من حقنا ان نفتخر نحن في العراق ان ابواب الحرية مفتوحة امام المبدعين ولا احد يسجن بسبب راي او اعتقاد او فكرة معينة ولا يوجد سجين واحد لدينا بسبب راي عبر عنه او فكرة بشر بها او عقيدة اعتنقها او عمل فني او ادبي انتجه.
وقال ان هذا ما يجعلني واثقا ان بغداد ستعود قريبا لممارسة دورها الثقافي والفكري والادبي المعهود وسترون كم هو معطاء شعبنا العراقي العظيم الذي سيجعل من بغداد منارة للعلم والمعرفة وقيم التسامح والمحبة ونبذ العنف والكراهية.
واستطرد قائلا "ان حرصنا على نجاح هذه التظاهرة الثقافية وانتخاب بغداد عاصمة لها نابع من اهتمامنا بالعلم والعلماء وتقديم الدعم اللازم لخدمة الثقافة .. وكجزء من هذا الاهتمام كنت قد اقترحت واكرر اقتراحي بهذه المناسبة ان نعتبر وزارة الثقافة من الوزارات السيادية وذات الاهمية القصوى وان تعطى من الدعم والرعاية ما يتناسب مع ذلك .
وفي ختام كلمته جدد رئيس الوزراء الترحيب بالضيوف في بغداد معربا عن امله "ان تبقى عاصمة دائمة للثقافة العربية وليس لعام واحد فقط."
أقرأ ايضاً
- فوائد الرمان الصحية.. كنز طبيعي لتعزيز الصحة العامة
- التربية تعلن دخول 600 مدرسة جديدة إلى الخدمة مع بدء العام الدراسي
- لأول مرة في العراق.. التربية تفتتح الإعدادية الرياضية في العام الدراسي 2024-2025