حجم النص
بقلم الدكتور يوسف السعيدي
من بلاد مهد الحضارات...من بلاد الحزن ...والمقابر الجماعيه لاحلام الناس وامانيهم...من بلاد النخيل ومصائب وويلات النفط الاسود....بلاد ملتقى الغزاة ووفرة في رموز الخيانات...من بلاد الرافدين... رسم العراقيون رسائل الحزن الموجعه...من اجيال العراقيين التي فقدت من يقرأ رسائل حزنها بعد ان ولدت احلامها وامنياتها ...مقتوله...عبثاً تبحث هذه الاجيال في متحف هياكل السياسيين عن امل تمسك به ...حتى في مخلفات الهزائم المتتاليه عن سبب للمأساة الجاهزه للواقع العراقي...فأكتفت باجترار خفايا والغاز الاوضاع ...المرتبكه وتدوين ازمنة الاحباطات على جدارية الذات ...بعض الاجيال من العراقيين اقنعت نفسها ان الحاله العراقيه مسيره باتجاه مرسوم لها ولا دور للاراده الوطنيه فيها..صراخ المعاناة غير مسموح له مغادرة صدورهم ليتقيء جمرة الرغبه في محاولة التغيير الافضل ...اجيال الحزن الموروث وقفت امام مصيرها مرات عده...امام صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليها ...والتصويت على دستورها ..فلا بعض الفائزين احترموا ثقة هذه الاجيال ...والتزموا بارادته عبر البرامج والشعارات والانجازات ....ولا الدستور استوعب المرحله ومثل الواقع والطموح العراقي....ااا وجوه عجائز السياسه... علمانيه او اسلاميه ..قوميه او يساريه ليبراليه ...تشبه بعضها وتلغي بعضها ...العراقيون ملزمون ان يبصقوا اصواتهم في ثقب الصندوق الانتخابي ...هكذا تتطلب اصول (اللعبه) السياسيه...لا بل ان البعض يراها لعبة الهروب من ضغوط المفخخات والمتفجرات والعبوات والاحزمه الناسفه ..واخطار عودة اشباح المراحل البعثيه الدمويه ...واستسلاما لحالة الخيارات الصعبه بين السيء والأسوأ....اجيال من العراقيين تعيسة الحظ ...لم تكن سبباً في الهزائم ...والانتكاسات ...والخيانات...ولا مسؤولة او راغبة في التدهور المأساوي للحاله الراهنه ...لكنها وجدت نفسها ...وسادة لجنازات مراحل السقوط السياسي والاجتماعي ...ومضطرة لمعايشة بقع دمامل فسادها على وجه مستقبلها....تبحث بين ازمنتها الخائبه ..عن محطة تغتسل فيها من مخلفات مراحل الاحباط...ولكن هل اصبح العراق عاقراً لا ينجب اجيالاً مؤهلة لأرتداء هوية العراق لا غير ؟؟؟ام ان الولادة المتعسره يجب ان تكون على يد قابلة مستورده؟؟؟ينظر البعض ان العالم قد تغير ودخل عصر العولمه ...وسلطة القطب الواحد ..واصبح واقع العماله والتبعيه (لا يدعو للخجل)...لكن هل ثمة مبررات لظاهرة الفساد..والاختلاس والرشوه...وتهريب ثروات الوطن ...وسرقة حتى الجوع من افواه اهله؟؟؟؟في العراق اليوم بدأ يتشكل جيل جديد من السياسيين الوطنيين الشباب ومتوسطي العمر وكذلك من بعض المخضرمين ..يعملون على تجميع اجزاء الهويه الوطنيه التي مزقها الفوران الطائفي القومي ...و(الردح) المحاصصاتي ثم اعادة خياطتها الى بعضها لتصبح خيمة جاهزه لائقه لجميع ابناء المجتمع العراقي....لكن عجائز الانتكاسات والتجارب البائسه ترفض بعناد بليد الخروج على عجزها وابتلاع(كبسولة) مسؤوليتها ثم الاستسلام او التنحي على الاقل ...مصرة على اعادة زراعة الحزن والمأساة في جسد العراق الجديد والامساك بارادة اهله ومستحقيه وحصرهم بين جدران تجاربهم الميته...ونحن نراقب حزن الشارع العراقي المزروع بالملثمين والمفخخين من بقايا مجرمي البعث العفلقي الصدامي ...والمختلسين...ومدمني الرشاوى وسرقة ارزاق الناس من بعض متصدري العمليه السياسيه الراهنه وكذلك من قسوة غموض المخططات الاميركيه والدول الاقليميه والخوف من خلفيات نواياها ومشاريعها غير المعلنه ...الى جانب تعدد ومجهولية الجهات والمصادر المسؤوله عن قتل الامن والاستقرار ...وتعذيب النفس العراقيه....ان الشارع العراقي حزين ...هارب الى الامام ...مدفوعاً بضغوط اليأس والخيبه واعصار الهيجان العنصري احياناُ...يمنح بعضهم صوته مكرهاً ...وثقته مستغفلاً...لمن لا يمثل ارادته ويحرص على مستقبل اجياله ويسلب خصوصيته ويصادر حريته وكرامته ويتطاول على نسيجه الاجتماعي ...ورغم مرارة الاحباط واليأس ....يواصل شد الرحال الى مرافيء المستقبل....وكنا في زمن مضى ونحن من الرعيل السابق لضحايا ...الموت العفلقي ...وممن عانى منه اشد المعاناة ...كنا نخلط بين الانتساب لحزب ولعقيده قوميه ومذهب وبين الانتماء للوطن .....فلا نحن للوطن ولا الحزب او الحركه السياسيه......تلك كانت مأساة ضياع بعض اجيالنا ...عواطف معطوبه واراده معوقه ...خسر بعضنا زمانه ورحل بعضنا ...وسيكتمل رحيلنا وتدفننا شفاعة معاناتنا في مقابر الضمائر الحيه...انها رسالة الحزن العراقي لاجيال المآسي المتعاقبه...