- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هوية وطن ... و صراع الإخوة الأعداء
كتبتُ قبل فترة مقالاً عن اشكالية الهوية الوطنية العراقية وعن أهم معوقات نموها وتطورها وكتبتُ عن سبل إيجاد بوتقة تذوب فيها كل الاختلافات لتنتج هوية عراقية واحدة موحدة .
في هذا المقال قد لا أضيف شيئاً جديداً ولكن ينبغي إن أقول إن الهوية الوطنية ليست وصفة جاهزة يمكن استيرادها وليست مادة نتجت عن تفاعل مواد ذائبة بل هي نتاج عملية الذوبان تحمل من الهويات خصائص وصفات الهويات المكونة لها باختصار يعني أنها تحملُ كل هذه الألوان وتعبر عن كل الطيف الموجود في أي بلد يريد له إن يكون دولة قائمة تتمتع بتلك الصفات .
ولكن وعلى عادتي دائماً في طرح التساؤلات كيف يمكننا إن نبني هويتنا الوطنية العراقية وعلى أي أساس ؟
هل نبدأ بعملية مصاهرة وطنية كتلك المبادرة التي أطلقها سياسي عراقي في وقت ما ، أم هي عملية قسر للقوميات والطوائف وإجبارها على عدم التعبير عن طقوسها وممارساتها كما أطلقها مفكر عراقي حينما طلب إيقاف الممارسات والطقوس المذهبية التي يقوم بها الشيعة العراقيون في أشهر محدودة ، أم هو بفتح الباب على مصراعيه لكل جماعة عرقية او مذهبية أو قومية إن تعبير عن ذاتها ويكون تمثيلها ابتدأ من الطقوس الى السيادة الوطنية كما هو حاصل ألان في ظل فوضى ما بعد التدخل الأمريكي ، حيثُ عبرتَ كل الجماعات العرقية والطائفية والقومية عن نفسها حيثُ اجترحت كل هذه التعددية العراقية لنفسها وضعاً شبه المستقل إذ وضعت لها علم و إقامة علاقات خارجية ووسائل إعلام و أحزاب خاصة وغيرها ويقوم زعماء الطوائف والقوميات بإنشاء العلاقات الخارجية مع أي دولة تشاء بعيدا عن المصلحة العراقية أو القنوات الرسمية الوطنية المعبرة ، بل وصل الأمر إن بعضها اقتطع جزءاً من الأرض العراقية وأعلنتها مقاطعة خاضعة لحكم هذه الجماعة بدعوى اختلافها قومياً كما حصل في الموصل وغيرها .
إن جزء من هذه التساؤلات قد يطرح في معرض مناقشة سقف الحرية التي يمكن إن تنشاً عقب سنوات القمع الطويلة ، ولكنها في أجزاء أخرى متداخلة مع موضوع الهوية الوطنية التي يمكن تبنى إذا ما أراد العراقيون إن يبنوا دولة على أنقاض سلطة البعث ، أو يؤسسوا نظاماً مدنياً يتبنى الفرد ويقدس الكرامة الإنسانية .
هذهِ أسئلة تثار على مستوى النخب التي تحاول صياغة أيدلوجيا تتسع لتكون مشكلة من أطياف تربط بينها مفاهيم يجب إن يؤمن الجميع أنها مندكة في جوهر مطالبه ِ كجزء أساسي في بلد يتشكل على اختلاف مذهبي –قومي عرقي – منذ زمن طويل .
هل يمكن إن تتجاوز الجماعات البشرية سؤالها التقليدي القائم على مبدأ مصلحتها الى مبدأ ربط تلك المصلحة مع مصلحة الجماعات الأخرى باعتبارها شريكاً أساسيا في الوطن ؟.
وإذا كان مارد المذهبية غيبُ بفعل سنوات القهر الرهيب والطويل الذي ةمارسته سلطات الحكم الطائفي المدعوم غربياً ،فهل يعني التغيب إنه مات واقبر َ أم انه كان ينتظر اللحظة المناسبة ليطل برأسهِ على الساحة العراقي وهذا ما حصل تماماً بعد سقوط البعث .
المشكلة إن مارد الطائفية جاء كمشروع يؤمن المصالح للجماعات بل اتخذه البعض حصان طروادة ليدخل به العملية السياسية ، بحجة التمثيل للطائفة –للقومية – للعرق – للدين ...الخ .
فهل يمكن إن يعاد هذا المارد الى فانوسهِ من جديد ؟
البعض يؤكد استحالة هذه العملية لان المارد صار اكبر من حجمه بكثير ، وصارت الجماعة البشرية المتحدة على أساس مذهب أو قومي تشعر بأنها قوة تتجاوز قوة الدولة في العراق ، بل هي تحاول على طول سنوات ما بعد السقوط ممارسة كل ما من شانه إضعاف هذه الدولة أو منع نشوء قوة ردع كافية يمكن من خلالها كبح جماح هذا الطموح المتنامي باضطراد .
البعض يشير علانية إن لا سبيل سوى إعادة تركيب نظام قمعي قوي من جديد ليكون عصا ضاربة على كل تلك الطموحات أو على الأقل تحجيمها ضمن إطارها المعقول .
بين الاستحالة والإمكان يُنظر البعض إن لابد للجماعات العراقية
المتنازعة على السلطة والنفوذ من إن تمر في مرحلة الصراع العنفي المسلح فيما بينها لتصل تلك َ الجماعات الى قناعة إن لا يمكن لأي طرف إن ينتصر أو يحقق حلمهُ بعيداً عن الجماعة الأخرى .
ومن ثم لا بد من العمل على نقل الصراع الى داخل الجماعة الواحدة ليكون الصراع في حلقته الأخرى تمهيداً لقيام تحالفات من خارج الجماعة للاستقواء بها على الخصوم الداخليين وبذا تنجح عملية تفكيك الجماعات وإعادة بناء الخارطة المصلحية (البرغماتية ) لتك الجماعات ومن ثم تدرك تلك الجماعات إن مصلحتها قد تتوفر في عند جماعة قد لا تشترك معها بالضرورة في نفس لمذهب أو القومية أو الدين .
واعتقد إن جزء من هذا المشروع مرر خلال السنوات القليلة الماضية وان الصراعات الطائفية كانت نتائج حقيقية للمشروع .
وانتقل الى داخل الطوائف ذاتها لتشهد الساحة الشيعية صراعاً بلغ ما بلغ من حدة ومثلهُ شهدته الساحة السنية وانشق اكبر واعرق الأحزاب الكردية ليشهد ولادة كوران الحركة الكردية المنادية بالتغيير ، ولا زال الانقسام الداخلي مستمراً ولكن المشروع لم يصل الى نهاياته على ما يبدو ولذا تتصاعد التحذيرات بين فترة وأخرى من إمكانية اشتعال الصراع الطائفي أو الحزبي أو القومي خصوصاً إذا أخذنا بالحسبان إن الصراع على كركوك لم يبدأ بمرحلته الحقيقية بعد . بعد هذه البانروما القصيرة نقول إن مشروعاً بات واضح الملامح لعراق ما بعد 9/4 الذي يراد له إن يكون دولة ضعيفة أو بالأحرى دويلات داخل الدولة الواحدة ، وهذا حلم يستفيد منه الحالمون بالانفصال ،تتناهبهُ الدول المجاورة وتعيثُ فيه عصابات الفساد المالي بكل ما أوتيت من بأس لتهديم بناه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية .
الى إن ثمة ما يشير علانية لرفض شعبي عراقي لبقاء العراق مجزئا وضعيفاً وهذا الرفض يمكن استغلاله من قبل الوطنين العراقيين للدعوة لإيجاد تياروطني عراقي يتجاوز الطائفة والقومية والدين وينادي بوحدة العراق ويعمل على ترسيخ الوعي بضرورة التصدي لهذه المحاولات من خلال العمل على إنهاءالاحتلال ومخلفاته بصورة قانونية وشرعية وكذلك السعي الحثيث لتعديلالدستور بما ينسجم مع إبقاء العراق دولة ذات سيادة وطنية ويضمن قيام حكومة قوية يؤمن مصالح جميع الفئات ويجرم الطائفية بكل إشكالها وألوانها
كذلك السعي الى تعديل المناهج التربوية والتركيز من خلالها على تعزيزالوحدة العراقية ونبذ الطائفية الى الأبد
أقرأ ايضاً
- الة الرئاسة سعة الصدر
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- خارطة طريق السيد السيستاني