يخوض العراق معركة شرسة مع المخدرات والتعاطي، بعد أن أصبح مركزاً وسوقاً رائجا تنشط فيه شبكات واسعة من العصابات المتخصصة فيها، بعضها مدعوم من جهات مسلحة يصعب ملاحقتها، حيث تحولت إلى أشبه بالكابوس الذي يقلق العوائل خوفا على أبنائها وبناتها من هذه الظاهرة، وكذلك أجهزة الدولة التي تكاد تكون عاجزة عن القضاء عليها.
وبأرقام صادمة ومهولة، أعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات، اليوم الاثنين، القبض على 6 آلاف متورط بالمخدرات فضلا عن ضبط 10 أطنان من المؤثرات العقلية خلال النصف الأول من عام 2024.
ووفقا لمؤشر الجريمة المنظمة فقد جاء العراق بالمرتبة 32 عالميًا من أصل 192 دولة، بتجارة المخدرات، وارتفعت ارقامه من 7.05 من أصل 10 نقاط في 2021 الى 7.13 درجة في 2023، فيما جاء العراق بالمرتبة الاولى بين 14 دولة في غرب آسيا.
إذ ذكرت المديرية في بيان تلقته وكالة نون الخبرية، أنها “نفذت عملية الردع الثالثة بقرارات قضائية ضمن سلسلة العمليات الأمنية استهدفت المتاجرين بالمخدرات وتفكيك شبكاتهم المحلية والدولية”.
وأضافت أن “العملية أسفرت عن ضبط (10) طن من مختلف المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً وإلقاء القبض على (6000) متورط بجريمة المخدرات خلال النصف الأول من عام 2024”.
وتعد هذه الإحصاءات مقلقة بالنسبة للمعنيين في الجهات الرسمية وغير الرسمية، لأنها تعني بأن هنالك أضعافاً من الكميات قد تم تمريرها بالفعل، وأن آلافاً من الناشطين في مجال الاتجار بالمخدرات وتهريبها وتصنيعها طلقاء بالفعل، في حين باتت السجون العراقية ومراكز التوقيف تمتلأ في غالبها بمتاجرين ومتعاطين.
ولايكاد يمر يوم دون أن تعلن فيه وزارة الداخلية أو فروعها في المحافظات العراقية الأخرى إضافة الى أقليم كردستان، عن القبض على متهمين بتجارة المخدرات وتعاطيها حتى بلغت نسبة المحكومين والموقوفين في السجون ومراكز التوقيف العراقية بقضايا المخدرات نحو 60% نسبة الى باقي القضايا، حسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، حازم الرديني.
وأكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة (الكريستال) التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (11,5 إلى 19 دولار)، والـ(كيبتاغون) التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.
وتشير الدراسات إلى أن 46% من متعاطي المخدرات في العراق هم من الشباب العاطلين عن العمل، و55% منهم ينتمون الى أسر فقيرة، وهو ما يعكس مدى ارتباط المخدرات بالجريمة، حيث ان الاغلبية العظمى من المتعاطين هم من الفقراء الأمر الذي سيدفعهم بالنهاية إلى الإجرام بكل أنواعه في محاولة للحصول على الأموال مقابل الحصول على المخدرات بعد أن أدمنوا عليها.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، ضم 51 مادة، اثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض انواعها.
المادة الثالثة منه، نصت على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لإستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.
وأيضاً وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات وسوء استعمال المؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحتها وفقاً للمنهج العلمي والإصلاحي والعلاجي للمدمنين.
وفرض القانون عقوبات تراوحت بين الحبس البسيط وصولا إلى الإعدام، بحق المروجين والمتاجرين والمتعاطين ومهربي المخدرات، وخصصت المادة 39 لمعالجة المدمنين، في مؤسسة صحية خاصة والزمتهم بمراجعة العيادات النفسية.
أما في أقليم كردستان الذي يخضع لإدارة شبه مستقلة، فقد أصدر البرلمان هناك، القانون رقم (1) لسنة 2020 قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في إقليم كردستان - العراق، وضم 50 مادة، فرض كذلك عقوبات تراوحت بين الحبس والإعدام بحق المتاجرين والمروجين والمتعاطين للمخدرات.
أقرأ ايضاً
- الأمن الوطني العراقي يُعلن إحباط مخطط "إرهابي خطير" في كركوك (فيديو)
- إسرائيل تجدد غاراتها على الضاحية.. الصحة اللبنانية تعلن استشهاد 40 شخصاً (فيديو)
- نعمل منذ 5 أيام.. ميسان تعلن انجاز 95% من التعداد السكاني