يعاني العراق منذ القرن الماضي من تزايد مستوى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن تراجع المسطحات المائية، حتى بات من أكثر خمس دول تأثراً بتغير المناخ في العالم، ما أدى إلى جفاف 70 بالمئة من أراضيه الزراعية، كما أن فشل الحكومات السابقة في التعاطي مع إيران وتركيا اللتين تشيّدان سدودا على نهري دجلة والفرات ساهم ايضا بحرمان العراق من حصته المائية العادلة.
ورغم الأمطار الغزيرة التي هطلت مؤخرا والسيول الناتجة عنها، إلا أن وزارة المائية أكدت، أن الوضع المائي للبلاد ما زال صعبا جدا، مبينة أن الأمطار لم تملأ سوى 1 بالمئة من الفراغ الخزني المتوفر في البلاد.
اذ قال الوزير عون ذياب عبد الله في تصريح صحفي، إن "الخزين المائي ارتفع إلى أكثر من عشرة مليارات متر مكعب، على خلفية الأمطار الهاطلة مؤخرا والسيول الناتجة عنها والتي تم استيعابها بشكل أمثل لوجود فراغ خزني كبير يصل إلى 100 مليار م3، بهدف الإفادة منها بتأمين أحتياجات الموسم الصيفي المقبل".
وتوقع أن "يصل خزين البلاد المائي بعد ذوبان الثلوج وقبل حلول الموسم الصيفي المقبل، 25 إلى 28 مليار م3".
ونوه عبد الله إلى، أن "الأمطار لم تملأ سوى 1 بالمئة من الفراغ الخزني المتوفر في البلاد"، كاشفا عن أن "جميع ملاكات وآليات وزارته في حالة إستنفار تام لمواجهة أي موجة فيضانية قد تحدث خلال الأيام المقبلة".
وبحسب بيانات الإجهاد المائي الصادرة عن معهد الموارد العالمية فإن العراق في المرتبة 21 من بين 33 دولة، وتوقع أن تصل فيه ندرة المياه إلى 4.66 نقطة من أصل خمس نقاط مطلع العام الحالي، محذراً من كارثة بيئية وأزمة مياه تستمر لمدى بعيد.
ويعاني 60 في المئة من المزارعين في العديد من المحافظات العراقية جراء تقليص المساحات المزروعة وخفض كميات المياه المستخدمة، وفقا لاستطلاع أجراه "المجلس النرويجي للاجئين" (منظمة غير حكومية)، داعيا السلطات إلى إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وبرزت خلال السنوات الأخيرة، أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستغلة في العراق 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم، حسب تصريحات سابقة لوزير الزراعة محمد كريم الخفاجي.
وكانت وزارة الموارد المائية، أكدت في وقت سابق أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعت وزارة الموارد المائية للذهاب والاستعانة بالخزين الاستراتيجي، ما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى اقل من 10 مليارات متر مكعب حاليا وقد وصل تقريبا إلى 8 مليارات متر مكعب.
الجدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءاً من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران كافة الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى، ما ادى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
أقرأ ايضاً
- للسكان والمساكن.. التخطيط تعلن نجاح التعداد العام في العراق
- السجن المؤبد بحق تاجر مخدرات في النجف
- تجاوزات المياه "ترهق" ذي قار.. ومناشدات محلية بتدخل "السوداني"