حجم النص
بقلم:طلال فائق الكمالي استوقفتني رواية نقلت عن الإمام الصادق عليه السلام مفادها: (ما الدين إلا الحب) قد طال تأملي فيها لما تحمل من دلالات مضيئة منها: أنَّ الدين الذي ندين به من عقائد وشرائع وقيم مفردات تدخل تحت مقولة الحب، وكأن الإمام أراد أن يلفت انتباه المتلقي إلى ماهية الحب وأثره في كينونة الإنسان وتركيبته العقدية التي يكون مآلها إلى سلوك نابع من الحب أيضاً. فالحب هو قوة الجذب التفاعلي التي تتوسط طرفين، يكون فيه الميل القلبي معياراً ومؤشراً لاطراد قوة الجذب وانصياع المحب إلى محبوبه. من هنا قيل أن الحب هو لباب الشيء واصله، ومنه اُقترن بالقلب في الوقت نفسه حين عُد القلب أصل الإنسان، لننتهي إلى ماهية الحب بأنه الميل بالقلب. بيد أنَّ الذي يلفت الانتباه هو أنَّ الإمام عليه السلام عَدَّ الدين كله بميل تلك القوة القلبية التي إذا انتفى وجودها انتفى التفاعل مع الدين ومفرداته كلها؛ لأننا سلمنا بأنَّ الحب هو ميل قلبي يوافق إرادة المحبوب ويسعى لتلبية رغباته فيأتمر بأمره وينتهي بنهيه امتثالاً لطاعة المحبوب. وبالنظر إلى ذلك الميل الذي لا يمكن أن يتعمق ويتجذر لو لم تسبقه أنوار معرفية ورؤى عقلية حقة كانت بمكان الرابط الذي وثّق قوة الجذب بين الطرفين، مما اقتضى لزوماً أنْ ندرك بأنَّ الدين هو حب مكوناته تتحقق بالاعتقاد والسلوك والصدق والوفاء والإخلاص والطاعة وغير ذلك من مفردات أُخر انضوت جميعها تحت كبروية الدين. هنا اقتضى أن نُحاكم ميولنا القلبية بحثاً عن حقيقة الحب وحجمه في نفوسنا ومقدار مثل الدين به صعوداً ونزولاً ليتضح مقدار تديننا الذي عَدَّ ـ الإمام عليه السلام ـ مقايسته بقدر قوة التفاعل بين العبد وبقية مكونات الدين ومفرداته. ولنتساءل عن صحة الدين فينا أو في صدق حبنا لكثير من المصاديق النظرية والعملية ومن ثم فليحكم كل منا على ميول قلبه وحجم التفاعل فيه قبال من يستحق أن نهب إليه الحب، حينئذ ستتوضح حقيقة بعض منّا ويتبين زيف دعواهم وتُكشف تواضع منازلهم!!!
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر