بقلم: علي حسين
دائماً ما أتذكر الفنان الراحل جعفر السعدي وإطلالته المحببة من على شاشة التلفزيون ، وأنا أشاهد المهرجانات الفنية التي تحولت إلى كل شيء باستثناء الفن الحقيقي . كان جعفر السعدي فناناً في كل المقاييس، ولد وترعرع في مدينة الكاظمية، وشب على المسرح فيها، قبل أن يعلن القادة الجدد لائحة الممنوعات والتي لا تتضمن بالتأكيد لائحة منع لسرقة المال العام والمحسوبية وإشاعة الطائفية وتكريس المحاصصة.
جعفر السعدي من جيل فني لا يعرف الخديعة شعاره الصدق في الحياة أولا والصدق الممتع في الفن ثانياً وثالثاً ورابعاً.. ممثل يتمتع بعبقرية لها طعم خاص يترك أثراً في النفس، ولاتزال جملته الشهيرة "عجيب أمور غريب قضية" والتي أطلقها قبل أكثر من ثلاثين عاماً في مسلسل الذئب وعيون المدينة كأنها قيلت بالأمس.
وأريد أن أفتح قوسين لأضع فيهما هذه الجملة "عجيب أمور غريب قضية" وأنا أتابع آخر تطورات معركة كرسي رئاسة البرلمان، فقد قررت كتلة محمد الحلبوسي أن تتحالف مع محمود المشهداني لتعلن ترشيحه للعودة الميمونة إلى رئاسة مجلس النواب .. وتوقع المواطن العراقي أن الأزمة في طريقها إلى الحل، وأن مجلس النواب "الموقر" سينتبه إلى هموم الناس والقوانين التي تتعلق بمصالحهم، لكننا أيها السادة وجدنا العجب وقرأنا الأغرب بعدما هاجم عدد من المقربين من الإطار التنسيقي ترشيح المشهداني، لماذا ياسادة والرجل كان أقرب إليكم من حبل الوريد؟
ولنعد إلى غرائب الأمور.. تقول الهجمة على المشهداني إنه خيار غير موفق، لكنه قبل أشهر كان خياراً متميزاً.
أتمنى أن لا يعتقد البعض أنني أدافع عن محمود المشهداني وأتمنى عودته إلى رئاسة البرلمان، فأنا وأنتم نعرف جيداً أن السيد محمود المشهداني استطاع وبشطارة تُحسب له أن يحول سنوات السياسة إلى بنك متنقل يحصد من وراءه مئات الملايين سنوياً، ورغم أن الرجل يعترف بأنه "لا يعرف ما هي الدولة"، لكنه مشكوراً يخرج علينا بين الحين والآخر ليبث همومه ومصاعبه في خدمة الوطن والتي تتطلب منه جهداً يأخذ من وقته الثمين الكثير.
ينسى المعترضون على عودة محمود المشهداني أن الناس تعرف جيداً أن البعض من السياسيين لا يريدون للبرلمان أن يكون صوتاً حقيقياً للناس.. ولنعد ثانية إلى ما يؤرق السادة المعترضين، فهم يخبروننا أن "الإطار لا يمكن أن يثق بالحلبوسي"، وينسون أنهم صوتوا بالإجماع على أن يجلس محمد الحلبوسي على كرسي البرلمان في المرة الثانية.
يا أعزائي أصحاب البكاء على أطلال البرلمان، لن أذكركم بعبارة الراحل جعفر السعدي الشهيرة "عجيب أمور غريب قضية" لأننا اليوم أصبحنا مواطنين مغلوبين على أمرنا، مأساتنا أن البعض يعتقد أننا شعب بلا ذاكرة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً