حجم النص
بقلم:كرار الموسوي كربلاء قبلة المسلمين كما يصفها الكثير من عشاقها، لم تحصل على اهتمام المسؤولين منذ العام 2003، وحتى اليوم، اذ تعاني من أزمات كثيرة، اهمها البنى التحتية للمحافظة، والخدمات المقدمة للمواطنين والزائرين، فالطرق غير المعبدة والاحياء العشوائية وغياب التخطيط العمراني، كلها انعكست سلبا على المدينة وسمعتها وقدسيتها، واثبتت عدم مبالاة الحكومة المحلية بالمحافظة. يتوافد ملايين الزائرون من داخل وخارج العراق على مدار السنة الى محافظة كربلاء، لزيارة ضريح الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام ثالث ائمة المسلمين، الذي قتل عام (61) هجري(680) ميلادي، لتستقبل محافظة كربلاء، (108 كم جنوب العاصمة بغداد)، التي تبلغ مساحتها (79 كم2)، ملايين الوافدين الى المدينة، للسياحة الدينية، لما تمتلكه من العديد من الاماكن السياحية والمراقد، منها مرقد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب، واخيه ابي الفضل العباس ومراقد الشهداء والصحابة. العديد من المناسبات الدينية التي يسعى لإدائها المسلمين الشيعة بالوصول الى كربلاء لأداء المراسيم الدينية، ومن ضمن هذه المناسبات زيارة العاشر من محرم، التي يبلغ عدد الوافدين فيها كل عام نحو ستة ملايين زائر، وزيارة الاربعين التي يتجاوز معدل الوافدين فيها الـ(18) مليون زائر، والزيارة الشعبانية ومعدل الزائرين قرابة الستة ملاين زائر، إضافة الى باقي الزيارات منها عرفة، وعيد الفطر، وعيد الأضحى وغيرها. وفي تصريح لرئيس مجلس محافظة كربلاء نصيف الخطابي، الى احدى المؤسسات الإعلامية، أن "نحو 50 مليون زائر يدخلون الى كربلاء خلال السنة الواحدة". يذكر ان جنسيات الوافدين الى المدينة المقدسة تتنوع بين، إيران ولبنان وسوريا ودول الخليج وافغانستان وباكستان واذربيجان والهند وتركيا وغالبية دول اوربا. قد يتصور من يقرأ عن كربلاء أنها من أجمل مدن العالم، لما تحمله من اهمية اقتصادية وسياحية، الامر الذي يوجب على الحكومة المحلية الاهتمام بالبنية التحتية والعمرانية للمدينة، لكثرة مواردها التي من الممكن ان يعتمد عليها بشكل كبير اسوة بدول العالم التي تعتمد على السياحة وحدها في إدارة شؤونها وتحسين الدخل والموارد الاقتصادية لشعوبها. وللأسف أن كربلاء محافظة تفتقر الى ابسط المقومات والخدمات، والسبب في ذلك فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003، لان تجعل من المدينة المقدسة والسياحية منارا يتناسب مع قدسيتها، ويتبادر سؤال الى الاذهان لو كان لي منزل بحاجة الى ترميم فهل سأتركه 13 عاما كما هو؟. عدة حلول متاحة أمام أصحاب القرار منها، مشروع الزائر دولار، الذي يتيح للحكومة المركزية استقطاع دولار واحد من كل زائر يدخل كربلاء، لتصب هذه الأموال لصالح كربلاء، لكن الحكومة المحلية نفت استلامها للأموال المخصصة لها من قبل الحكومة المركزية، كما أعلن النائب الأول لمحافظ كربلاء، جاسم الفتلاوي، ان "منذ عام 2003 لم نستلم اي مبلغ من الزائر دولار من الحكومة المركزية سوى مبالغ بسيطة في عام 2012". قالوا أن حقا لن يضيع طالما وراءه مطالب، وفي كربلاء يترك الحق جهارا نهارا فما السر بذلك؟. لو كان الاهتمام والسعي الجاد من قبل الحكومة لبناء محافظة تليق باسم كربلاء ومكانتها الدينية والسياحية، لبذلوا الجهد لاستحصال الأموال المترتبة في ذمة وزارة المالية منذ 13 سنة، ماعدا عام 2012، الذي تسلمت فيه كربلاء جزءا بسيطا منها كما ورد على لسان، رئيس مجلس محافظة كربلاء، نصيف الخطابي، أن "كربلاء مُنحت فقط في عام 2012 مبالغ من الزائر دولار وكانت زهيدة جداً"، لطالبوا بحق كربلاء بالطرق القانونية فكل السبل متاحة، لكن التقاعس على السعي الجاد وراء الأموال فيه فساد واضح. كثيرة هي المشاريع الوهمية، التي لم تتعد الورق، ليس لها من ترجمة على ارض الواقع، مشاريع تتقاسمها أحزاب السلطة الحاكمة في كربلاء، فبعض الاحياء تدخل اليها لا تميز بين الشارع والرصيف، وبعض اخر لا تعلم الحكومة بآلية وطرق بناء الدور السكنية، منها من تجاوز على الشوارع الرئيسية بلا رادع، مشاريع مياه الامطار أكبر مرآة تعكس حجم المشاكل الكبيرة التي يعاني منها مواطني كربلاء في فصل الشتاء. كل هذه المشاكل لو قُسمت على عدد السنين التي استلمتها الأحزاب الحاكمة لأصبحت كربلاء فعلا قبلة للمسلمين، فمن الممكن انشاء مشاريع استثمارية تخدم المواطن الكربلائي والزائر، لتدرّ الأموال لصالح الحكومة المحلية، حيث ينتعش الاقتصاد لصالح القطاع الخاص في مجال الفندقة والمطاعم والأسواق التجارية. في دراسة أجراها الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط عام 2013، بخصوص عدد الفنادق ومجمعات الايواء في العراق ان "محافظة كربلاء شكلت أعلى نسبة 45.5%، تليها محافظة بغداد بنسبة 22.7 %"، هذا دليل على ان الاقتصاد الكربلائي بانتعاش، وعلى الحكومة المحلية الاهتمام وبذل الجهود من اجل استحصال المستحقات المالية لكربلاء بالطرق القانونية، وكذلك بناء مجمعات وشقق سكنية للزائرين، وقبل كل هذا الاهتمام بالبنى التحتية لمحافظة كربلاء فهي بحاجة الى المزيد لتكون قبلة حقيقية تبهر الوافدين.