حجم النص
نظّم الفريق العربي للحوار الإسلامي - المسيحي في بيروت للفترة 23-24 حزيران 2013 ندوة شاركت فيها شخصيات أكاديمية وثقافية وإعلامية من سوريا والأردن ومصر والعراق ولبنان والسودان والسعودية والدانمارك ناقشت فيها موضوعة "التوترات في العالم العربي محاولة لمد جسور السلام والمصالحة" وقد شارك العراق من خلال مؤسسة الامام الخوئي حيث قدّم فيها السيد جواد الخوئي بحثاً معمّقاً بعنوان " آفاقُ الحلولِ للخِلافِ بينَ المكوِّناتِ في العراقِ "
وتنشر وكالة نون الخبرية نص المبحث الذي قدمه الخوئي خلال المؤتمر "الناسُ بطبيعتِهم التكوينيَّةِ مُنقسمونَ على قسمينِ منهم متنوِّرٌ ميّالٌ للسِلمِ ومنهم ظَلاميٌّ متعصِّبٌ تُحرِّكُهُ نزعةُ العنفِ (صراعٌ بين النفسِ الأمّارةِ والنفسِ اللوّامةِ) ، أمّا الصراعاتُ فهي موجودةٌ منذُ اليومِ الأوّلِ في تاريخِ الخليقةِ إذ انعدمَ الحوارُ والتفاهمُ بينَ الأخوينِ ابنَي ( أبينا) آدمَ عليهِ السلامُ فارتُكِبَتْ أوّلُ جريمةِ قتلٍ عرفَها تاريخُ البشريّةِ وكانت عاقبتُها الندمَ والخُسرانَ ، ثُمّ جاءتْ خطاباتُ السماءِ بواسطةِ الأنبياءِ والرُسُلِ والكُتبِ السماويّةِ الّتي أُنزِلتْ و تهدفُ إلى تهذيبِ بني البشرِ وتوجيهِهِم بالشكلِ الصحيحِ ، وقد أوصانا سبحانهُ وتعالى بالاحترامِ المتبادَلِ ونهانا عن أيِّ تجاوُزٍ على الآخَرينَ كما جاءَ في القرآنِ الكريمِ (إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (البقرة:190)، (المائدة: 87) وكانَ وعدُهُ الحسنى للصنفِ الآخَرِ بقولِه تعالى : (إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195) ..
واختلفت الصراعاتُ على مَرِّ العُصورِ فكانَ البعضُ منها أساسُهُ الثقافةُ أو الهُوُيّةُ الّتي تحكُمُ كلَّ حضارةٍ ، والبعضُ الآخرُ خاضَ صراعاتٍ منها سياسيّةٌ وُظِّفَتْ دينيًّا بتبنِّيها دينًا أو طائفةً معيَّنةً على حسابِ بقيّةِ الأديانِ والطوائفِ ، من قبيلِ تهميشِها أو اضطهادِها ، كمنعِ هيأةٍ دينيّةٍ مخالفةٍ للعقيدةِ الرسميّةِ لتلكَ الدولةِ ، ومن خلالِ الكَتْمِ على أتباعِ الدياناتِ والمذاهبِ الأخرى من ممارسةِ طقوسِها .. وهناكَ نِزاعاتٌ دينيّةٌ بحتةٌ مرتكِزةٌ على فَهمٍ دينيٍّ أو مذهبيٍّ مُتطرِّفٍ .
ولو تناولْنا المشهدَ السياسيَّ العربيَّ والإشكاليّاتِ الّتي تواجِهُها بعضُ البلدانِ بعدَ التغييرِ لوجدناها تعيشُ صراعًا بينَ نموذجِ الدولةِ الحديثةِ وبينَ الإسلامِ ( بحسبِ فهمِهِم لا بحسبِ مبنانا) الرافضِ لفصلِ الدينِ عن الدولةِ ، خاصّةً بعدَ وُصولِ بعضِ القُوى الإسلاميّةِ للسلطةِ مما سبّبَ قلقًا لتلكَ الشعوبِ والقوى السياسيّةِ والفكريّةِ ( والمكوِّناتِ) الأخرى بشأنِ مستقبلِهِم ، وما زالتْ تلكَ الدولُ تبحثُ عن صِيَغٍ للتوافُقِ بينَ تطلُّعاتِ شعوبِها والقوى السياسيّةِ والفكريّةِ الأخرى ، فمنهم من يُريدُ دولةً حديثةً يحكُمُها القانونُ والدستورُ ويكونُ الإسلامُ رافدًا من روافدِها , وآخَرُ يُريدُ الإسلامَ بكلِّ تطبيقاتِهِ ( وبحسبِ فهمِهِ) .. ، وضحيّةُ تلكَ الصراعاتِ المكوِّناتُ الّتي تُشكِّلُ أقلّيّةً عدديّةً في تلكَ المجتمعاتِ .
ومن خلالِ التجربةِ العراقيّةِ .. العراقِ ذلكَ النسيجُ الاجتماعيُّ المتجانِسُ وباقةُ الزهورِ الجميلةِ ، الّذي لم نلحظْ في تاريخِهِ أيَّ تمييزٍ طائفيٍّ أو عرقيٍّ أو إثْنيٍّ بدلالةِ اندماجِ مجتمعاتِهِ وانصهارِها أُسريًّا ؛ إذ لم تخلُ مدينةٌ من أُسَرٍ تضُمُّ شخصًا من غيرِ طائفتِها بل من غيرِ دينِها أو قوميَّتِها .. ولو دقَّقنا في تركيبتِهِ .. لوقفنا على مُفترَقِ طُرُقٍ ، وتقاطُعاتِ دُوَلٍ ، ولغاتٍ ، ومذاهبَ ، وأديانٍ ، وقوميّاتٍ ، وصراعٍ بينَ الماضي وعُقدتِهِ ، ونظامٍ طارئٍ جديدٍ .. وتصدّي بعضِ الساسةِ الّذينَ لا يرَونَ إلا ذاتَهم وأطماعَهم الخاصّةَ وغاياتِهم الرخيصةَ في التسلُّقِ للكراسيّ والسلطةِ دونَ الاكتراثِ لما يحِلُّ بالبلدِ من ويلاتٍ ، فقد وَجْدَت تلكَ الثُلّةُ أسهلَ الطُرُقِ لمآربِهم الشرّيرةِ وهيَ توظيفُ الشحنِ الطائفيِّ والفئويِّ حتّى ضِمْنَ الطائفةِ الواحدةِ وما دونَ ذلكَ وفوقَه ، و ما دونَ الطائفيّةِ "التيّارات الدينيّة المتطرِّفة وآخَرُ يَعُدُّ نفسَه مقاومًا ولكنْ ضدَّ مَن ؟.. وما فوقَ ذلكَ حينَ ينسبُ بعضُ الساسةِ " للأغلبيّةِ من أبناءِ البلدِ إلى العمالةِ ويتّهمُهُم بالانتماءِ إلى دولٍ أخرى وينعتُهم بالصفويِّينَ والروافضِ وغيرِ ذلكَ ) ( وفي المقابلِ يُتّهمونَ بالنواصبِ والصليبيِّين) ، لتتصدّرَ مجموعةٌ وتباشرَ بتأجيجِ عواطفِهِم واستغلالِ ذَوِي النَزَعاتِ الشرّيرةِ المتطرِّفةِ ، وخَلقِ أجواءٍ من التوتُّرِ والرُعبِ ، حينَ يُحذِّرُ السنّيُّ أبناءَ طائفتِهِ بأنّهم مُهمَّشون ، وحقوقُهُم مُضيَّعة ... والشيعيُّ يخاطِبُ طائفتَه بأنَّ حياتَهم مُهدَّدةٌ والظلمُ والجَورُ ما زالَ قائمًا عليهم .. ، ومعَ تلكَ التداعياتِ تدخُلُ بعضُ وسائلِ الإعلامِ المأجورةِ في هذا المنعطفِ الخطيرِ لتصُبَّ الزيتَ على النارِ ، والهدفُ هو تأجيجُ حِدّةِ الصراعِ وبينَ هذا وذاكَ يكونُ مكسبُهم في الفَوضى ، وتضييعِ الهُوُيّةِ الوطنيّةِ ، ليخرجَ الفردُ من الخيمةِ الوطنيّةِ الكبيرةِ ويجدَ نفسَه مُضطرّةً أن تحتميَ بالخيمةِ الصغيرةِ مثلِ الدينِ والطائفةِ والقبيلةِ .. ناهيكَ عن مشكلاتٍ أخرى ، منها حالاتُ الفسادِ الّتي حوّلت المجتمعَ ، بينَ فَقرٍ مُدقعٍ ، وثراءٍ فاحشٍ ، وثمّةَ قوى أخرى قائمةٌ على تهديدِ الحكماءِ وأصحابِ الكفاءاتِ والتجّارِ ومن لديهم رؤوسُ أموالٍ كبيرةٌ ، ليهاجروا خوفًا من القتلِ أو للتخلُّصِ من الأتاواتِ وطلبِ الفديةِ ...فضلا عن تركةٍ ثقيلةٍ لها آثارُها النفسيّةُ والاجتماعيّةُ هي الثالوثُ الأسودُ الّذي خلّفَهُ النظامُ البائدُ من ( جهلٍ وفقرٍ ومرضٍ ) .
ولعلّ أشدَّ وأبشعَ ما ابتُلِي به العراقيّونَ خلالَ تاريخِهِم الطويلِ هو القتلُ بالجملةِ وترويعُ النفوسِ وسيولٌ من الدمِ .. كان قد ابتُلِيتْ به دولٌ من قبلُ ، وبدأ ينتقلُ من العراقِ إلى دولِ المنطقةِ ، ولا أظنُّ أنّه يستثني أحدًا فإنْ مسّتْ شظاياهُ بعضًا من الدولِ العظمى ، فبالتأكيد سيكونُ هذا البلاءُ عالميًّا ، ولا يخفى على أحدٍ أنّ سببَه التعصُّبُ الدينيُّ المتطرِّفُ والمقيتُ الّذي يتبنّاهُ شيوخُ التكفيرِ والقتلِ على وفقِ خُطَبِهم الرنّانةِ وفتاواهُم الّتي وُظِّفتْ سياسيًّا لجهاتٍ مجهولةٍ وحكوماتٍ تسلّطتْ على شعوبِها بواسطتِهِم ، ودمّرتْ شعوبًا أخرى ببياناتِهم اللادينيّة ، متقنِّعينَ بالإسلامِ "وليس لهم بالإسلامِ أيّةُ صِلَةٍ" .. مُستهدفينَ المُخالِفَ والمُختلِفَ ، ولا يَسلَمُ منهم أيُّ دينٍ أو مذهبٍ يختلفُ معهم في العقيدةِ .. وكما قال ابنُ سينا (980-1037م) ([1]) " بُلِينا بقومٍ يظنُّون أنَّ اللهَ لم يهدِ سواهم " . وكانتْ ضحاياهم من كلِّ أنحاءِ المعمورةِ .. فلم تسلمْ منهم الكنيسةُ ولا الجامعُ ولا الحسينيّةُ ، ولم يسلمْ منهم مَوكِبُ عرسٍ لمسلمينَ شيعةٍ ولم يَسلَمْ منهم موظَّفٌ بدائرتِهِ في أمريكا ولا مُتسوِّقٌ يَطلبُ القوتَ لعيالِهِ ولا السيّارةُ الّتي تنقلُ براعمَ الطفولةِ في أوّلِ يومٍ دراسيٍّ لطلبِ العلمِ ... وأقولُ لمن يتوهَّمُ أنّ الصراعَ سنيٌّ شيعيٌّ ، إنّ أمريكا وإنكلترا والصين ليستْ سنّةً ولا شيعةً وكذلك المناطقُ الأخرى , إنّما هو ناتجٌ عن صراعٍ سياسيٍّ وَظّفَه بعضُ القادةِ ليكونَ مِظلّةً لهم يُمرِّرون من خلالِهِ مُخطَّطاتِهم اللاإنسانيّةَ بفتاوى مدفوعةِ الأجرِ وهذا ظاهرٌ بمرأى ومسمَعِ الجميعِ .
وأَوَدُّ هنا أن أنوِّهَ ... على أنّه لطالما جلسْنا ونظّرْنا وبحثنا المشاكلَ والحلولَ ... ولم نتطرَّقْ للتشخيصِ الدقيقِ لتلكَ الغدّةِ السرطانيّةِ الّتي تُريدُ أن تَفتكَ بالجسدِ البشريِّ بكلِّ تنوُّعِهِ وبلا أيِّ سببٍ يُذكَرُ ، سوى الادِّعاءِ بأنَّ معتقداتِهم تختلفُ ...
فما العلاجُ وما السبيلُ لإسكاتِ تلكَ الأصواتِ النشازِ ؟
ولابدّ لي أن أُشيرَ للمتدِّبرِ في نهجِ الدينِ الإسلاميِّ ومنظومَتِهِ التربويّةِ إلى أنّ ما يحدثُ من صراعاتٍ وأحداثٍ باسم الإسلامِ هو بعيدٌ كلَّ البعدِ عن مبادئِهِ ونهجِهِ .. ومن خلالِ معايشتي للأوضاعِ برمَّتِها ، ولكوني أنحدرُ من وسطٍ دينيٍّ وأنتمي لمدرسةِ النجفِ ، أوجِزُ رؤيةَ النجفِ والحلَّ الناجعَ لتلكَ الصراعاتِ وكيفيّةَ التعاملِ مع الأزَماتِ ، ونهجَ قادتِنا الثابتَ في تسويةِ الأمورِ ..
عُرِفتْ مدينةُ النجفِ الأشرفِ باعتدالِها ومواقفِها الثابتةِ ، ويضافُ لخصوصيَّتِها ، أنّها لم يَشهدْ تاريخُها أيَّ تدخُّلٍ في شؤونِ الدولِ الأخرى ، فضلا عن استقلاليّتِها في القرارِ ودعَواتِها الدائمةِ للسلمِ ، وهذا ناشئٌ من تعاليمِ نبيِّنا وأهلِ بيتِهِ الأطهارِ ، والنظرةِ الإيجابيّةِ لأعلى رمزٍ للطائفةِ بعدَ النبيِّ (ص) الإمامِ عليٍّ عليهِ السلامُ ، تلكَ الشخصيّةُ الّتي نالتْ إعجابَ الكثيرِ من العلماءِ والقادةِ في العالمِ مسلمينَ ومن دياناتٍ أخرى ، وتغنّى الكثيرُ بمآثرِهِ ومواقفِهِ الإنسانيّةِ ، أذكرُ منها رسالتَهُ الّتي كتبَها قبل 1400 عامٍ لسفيرِهِ في مصرَ حينَ ذاكَ مالكٍ الأشترِ ، والّتي اعتُمِدَتْ كوثيقةٍ مهمّةٍ في الأممِ المتّحدةِ .. وأتطرّقُ بإسهابٍ لموقفٍ من مواقفِهِ حينَ كانَ قائدًا لجيشِهِ " وهو خليطٌ من المُوالينَ ، والخوارجِ الّذين حارَبَهم فيما بعدُ " إلى النهروانِ وقد حلَّ وقتُ الصلاةِ فلجأَ بجيشِهِ إلى كنيسةٍ مهجورةٍ لإقامتِها ، فسمِعَ أحدَ المسلمينَ يقول : (طالما أُشرِكَ باللهِ في هذا المكانِ) فَرَدَّ عليهِ أميرُ المؤمنينَ بقوّةٍ وبصوتٍ جَهْوَرِيٍّ سمِعَهُ الجميعُ قائلا : ( بل طالما عُبِدَ اللهُ في هذا المكانِ ) ، ولم يَشهَدْ تاريخُهُ أو تاريخُ أتباعِهِ من المسلمينَ الشيعةِ الاثني عشريّةِ أيَّ خلافٍ بينَهم وبينَ الأديانِ الأخرى ، وضِمْنَ عقائدِنا لأداءِ زيارةِ المراقدِ المقدّسةِ والتقرُّبِ إلى اللهِ سبحانَه وتعالى ، لابدَّ أنْ نبدأَ بالسلامِ على الأنبياءِ الّذين أُرسِلُوا قبلَ نبيِّنا محمّدٍ (ص) .
وعلى هذا بُنِيَ إيمانُ النجفِ بالتسامُحِ والتعدُّديّةِ واحترامِ من يختلفُ معَها ، أمّا حرّيّةُ الفكرِ فلم تكنْ شيئًا عَرَضِيًّا بل هو مُتجذِّرٌ ومُتأصِّلٌ في أعماقِ أفكارِنا وعقولِنا وهذا الإيمانُ ورِثْناهُ من مراجِعِنا وعلمائِنا العظامِ ، ولم يكنْ للاستبدادِ الدينيِّ بكلِّ أشكالِهِ أيُّ أثرٍ في الفردِ والمجتمعِ ، لاعتقادِنا بأنَّ ذلكَ مُخالفٌ لما جاءَ به الأنبياءُ وأوصياؤُهم ، لما فيهِ من تقييدٍ وحبسٍ للعقلِ فضلاً عن أنّهُ مُناقِضٌ للوَعدِ الإلهيِّ بتكريمِ الإنسانِ المُطلقِ ، بغضِّ النظرِ عن انتمائِهِ مُستشهدينَ بقولِهِ تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) الإسراء 70 والمرادُ تفضيلُ الجنسِ على سائرِ المخلوقاتِ من غيرِ البشرِ ؛ إذ جعلَ الباري القدسيّةَ والكرامةَ والاحترامَ للناسِ كافّةً ، ولعلَّ من أهمُّ الخصائصِ الّتي تمتازُ بها النجفُ من خلالِ نظرتِها ونهجِ مراجِعِها وحوزتِها العلميّةِ في الاعتدالِ وإيجادِ الحلولِ الناجعةِ لخروجِ العراقِ من حالاتِ الصراعِ ما يأتي :
1- إيمانُنا بالاختلافِ كونِهِ سنّةَ الحياةِ ومشيئةً إلهيّةً ، ولولاهُ لما حصلَ الإبداعُ والتطوُّرُ ، ولكنَّ الخلافَ هو المُضِرُّ والمرفوضُ .
2 – رفضُ الطائفيّةِ وإقصاءِ الآخَرِ وتهميشِهِ وحصرِ الحقِّ والحقيقةِ بطرفٍ واحدٍ ، ووجوبُ تعايُشِ بعضِنا مع البعضِ وقبولِ الآخَرِ كما هو وبما فيهِ من أوجُهِ اختلافٍ ، فلا يُرادُ من السنّيِّ أنْ يكونَ شيعيًّا ، أو من المسيحيِّ أن يكونَ مُسلِمًا ، والعكسُ صحيحٌ أيضًا .
3- قيامُ الدولةِ المدنيّةِ المبنيّةِ على المواطَنَةِ والعدلِ والمساواةِ ، والحثُّ على الإفادةِ من تجاربِ الأممِ في اعتمادِ المفاهيمِ الصحيحةِ للمواطَنَةِ .
4- للشعوبِ الحقُّ في تقريرِ المصيرِ لنيلِ حرّيّتِهِم واستردادِ كرامتِهِم ، والتأكيدُ على الديمقراطيّةِ .
5- ولايةُ الإنسانِ على نفسِهِ ، والأصلُ عدمُ ولايةِ أحدٍ على أحدٍ .
6- التعدُّديّةُ الدينيّةُ والعرقيّةُ هي الضمانُ لمستقبلِ العراقِ وتعبيرٌ لإبرازِ فلكلورهِ الجميلِ .
7- العدلُ هو الأساسُ في الإدارةِ بعيدًا عن الانتماءِ ، كما جاء عن أحدِ علمائِنا السيِّدِ ابن طاووس الحلّيّ ويتّفقُ عليهِ علماؤنا ( لو خُيِّرْتُ بينَ مسلمٍ ظالمٍ وغيرِ مسلمٍ عادلٍ لقدّمْتُ الثاني) ولم يشهدْ تاريخُ أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهِمُ السلامُ أيَّ معارضةٍ لإرادةِ الأُمّةِ ( مواقفُ السيستانيِّ تنطلقُ من الأُمّةِ ).
8- لم ولن تطمحَ أو تطمعَ مرجعيّتُنا والحوزةُ العلميّةُ بتسلُّمِ السلطةِ يومًا ما ، وليس لديها أيّةُ عقدةٍ أو مشكلةٍ مع حاكمٍ من دينٍ أو مذهبٍ أو قوميّةٍ أخرى .
9- حرّيّةُ الفكرِ مبدأٌ دينيٌّ وأخلاقيٌّ وإنسانيٌّ ، ولأجلِهِ جاءت الشرائعُ وأكّدَه الأنبياءُ والرسلُ ، فلا يُمكنُ أن نُقصِيَ ونُهمِّشَ الآخَرَ على أساسِ الاختلافِ بالفكرِ والرؤى تطبيقًا لقولِهِ تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون 6) .
10- استنكارُ الاستبدادِ الدينيِّ بكلِّ أشكالِهِ ، لكونِهِ يُشكِّلُ خطرًا كبيرًا على الفردِ والمجتمعِ ومنافيًا لسيرةِ الأنبياءِ والأوصياءِ .
11- مبارَكةُ النجفِ أيَّ نشاطٍ دينيٍّ أو تجمُّعٍ لممثِّلي الأديانِ لممارسةِ دورِهِم في تفعيلِ ثقافةِ السلامِ ونشرِها وترسيخِها والتعريفِ بالمشتركاتِ بينَ أديانِهم ومدِّ جسورِ السلامِ وبناءِ الثقةِ بينَ المختلفينَ .
12- دعوةُ الحكماءِ ورجالِ الدولةِ المعروفينَ بإخلاصِهِم وصدقِ انتمائِهِم للوطنِ إلى احتواءِ الأزَماتِ والتعامُلِ مع الناسِ بمختلِفِ مشاربِهم بحياديّةٍ ، وتوظيفِ الإعلامِ ومناهجِ الدراسةِ ، انتهاءً بِدُورِ العبادةِ لترسيخِ رُوحِ المحبّةِ والتعايُشِ السِلميِّ وصَوْنِ الكرامةِ الإنسانيّةِ .
أقرأ ايضاً
- 800 مليون مريض سكري "بالغ" حول العالم.. نصفهم لا يتلقى العلاج
- السيد احمد الصافي يدعو إلى إحياء تراث أعلام الإماميّة في مختلف العلوم
- كربلاء : إنعقاد حلقة نقاشية حول قطاع التمور في العراق من قِبل مركز التجارة الدولية (ITC)