- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفراغ التشريعي بشأن قوانين تملك العرب والأجانب للأموال المنقولة في العراق
بقلم: القاضي أريج خليل
تختلف قوانين تملك الأجانب للعقارات من بلد لآخر. في بعض البلدان، يمكن للأجانب شراء وتملك العقارات بحرية، بينما في بلدان أخرى قد تكون هناك قيود أو شروط معينة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة مثلا يسمح للأجانب بشراء وتملك العقارات دون قيود كثيرة كذلك في الإمارات العربية المتحدة ومصر وتركيا، إلا أن المشرع العراقي كان له منحى آخر.
وصدرت العديد من التشريعات التي نظمت تملك الأجانب في العراق، حيث صدر قانون رقم ١٩ لسنة ١٩٥٢ الذي حدد أحكام تملك الكويتيين للأموال غير المنقولة في العراق، وبعده صدر القانون رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ وهو قانون تملك رعايا دول الجامعة العربية والإمارات العربية للأموال غير المنقولة في العراق وبموجبه منح رعايا دول الجامعة العربية والإمارات العربية حق التملك في حدود البلديات في مراكز الألوية والأقضية والبساتين واستثنى من ذلك الأراضي الزراعية، ثم صدرت تعليمات لتسهيل تنفيذ هذا القانون في عام ١٩٦٣ وسمحت التعليمات لأبناء الوطن العربي كافة تملك العقار في العراق عدا الأراضي الزراعية مهما كانت مساحة العقار في حالتين؛ الأولى اذا آل إليهم عن طريق الميراث او الوصية او تصفية الوقف وإذا كان التمليك يساهم في تنمية اقتصاديات البلد على ان يخضع في ذلك لموافقة وزير الداخلية والوزير المختص وصدور مرسوم جمهوري وقد سمحت هذه التعليمات لأبناء الوطن العربي بتملك الأرض المعدّة للبناء عدا الزراعي وأيضا العقار المشيد أرضا وبناءً على ان لا يقع العقار ضمن مسافة تقل عن ٣٠ كم من خط الحدود، وتم استثناء الفلسطينيين من هذا السماح الى ان تتحرر فلسطين وقد استندت التعليمات في إصدارها على نص المادة الرابعة من القانون رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ وتم نشرها في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ٨٣٤ في ٢٩ / ٧ / ١٩٦٣.
ومن ثم صدر قانون تملك الأجنبي للعقار رقم ٣٨ لسنة ١٩٦١ الذي استثنى رعايا الدول العربية لكونهم لديهم قانون خاص وهو القانون رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ والتعليمات الصادرة بشأنه وبموجب هذا القانون يعامل الاجنبي في حق الملكية وفي كافة المعاملات التصرفية الجارية على العقار بما يعامل به العراقي في بلد ذلك الأجنبي وفقا لقاعدة المعاملة بالمثل ومن كافة الجوانب سواء من حيث نوع العقار او مساحته والموقع والاستعمال فلا يجوز تملك الأجنبي من العقار في العراق الا بقدر ما يجوز ان يملكه العراقي في البلد الأجنبي وقد اشارت المواد ٤ و٥ و٦ و٧ من القانون اعلاه الى شروط أخرى للتملك غير المعاملة بالمثل وهي سبق الإقامة في العراق مدة لا تقل عن سبع سنوات وان لا يكون العقار أرضا زراعية أو أميرية مهما كان نوعها وان لا تتجاوز الملكية سوى دار واحدة معدة للسكن او محلا للعمل وتعتبر الحصة الشائعة ملكية تامة لهذا الغرض ويعتبر الزوجان والابن دون الثامنة عشر شخصا واحدا لهذا الغرض.
ثم صدر قانون التسجيل العقاري رقم ٤٣ لسنة ١٩٧١ الذي أشارت مواده ١٥٣ و١٥٤ الى شروط تملك الاجنبي في العراق وحق الشخص المعنوي أي الشركات الأجنبية بالتملك في العراق وفق الشروط التي حددتها المادة ١٥٣ من القانون أعلاه وهي أن تكون الشركة مصادقا على تسجيلها في العراق وان يسمح نظامها الداخلي وعقد تأسيسها على التملك بالعراق وان يتم استحصال موافقة وزير الداخلية على التمليك، ونصت المادة ١٥٤ منه (١ – يقصد بالأجنبي لأغراض هذا القانون كل شخص لا يحمل الجنسية العراقية ولم يكن من رعايا الدول أو الإمارات العربية. ٢ – يسجل العقار الكائن ضمن حدود البلدية باسم الأجنبي وفقا للشروط الآتية أ- توفر مبدأ المقابلة بالمثل. ب- أن يبعد العقار عن خط الحدود بما لا يقل عن ثلاثين كيلومترا، وعدم وجود مانع إداري او عسكري بتأييد كل من المحافظ والسلطة العسكرية المختصة. د– موافقة وزير الداخلية.
ثم صدر قانون تملك المواطنين العرب أموالا غير منقولة في العراق رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٨ والذي يسري على كافة مواطني الدول العربية المقيمين في العراق ويشمل العقارات التي يتم تمليكها بموجب هذا القانون بموافقة وزير الداخلية وأبقى هذا القانون قانون تملك الكويتيين رقم ١٩ لسنة ١٩٥٢ نافذ المفعول وكذلك قانون تملك رعايا دول الجامعة العربية والإمارات العربية رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ نافذ المفعول، الا ان جميع هذه القوانين وهي القانون رقم ١٩ لسنة ١٩٥٢ الخاص بالكويتيين والقانون رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ والقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٨ قد أوقف العمل بها بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ٤٦٩ لسنة ١٩٨٩.
وبموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ٨ لسنة ١٩٩١ تم الغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم ٤٦٩ في ٢٣ / ٧ / ١٩٨٩ والغاء قانون تملك الاموال غير المنقولة للكويتيين رقم ١٩ لسنة ١٩٥٢ وتعديله رقم ٩٩ لسنة ١٩٦٥ واعطاء الحق للمواطنين العرب بالتملك وفق القوانين والتشريعات النافذة اي القانون رقم ٥ لسنة ١٩٥٥ والتعليمات الصادرة بشأنه والقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٨ والقانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٦١ على ان يسددوا أثمان تلك الاموال بالعملات القابلة للتحويل الواردة عن طريق الجهاز المصرفي العراقي.
وقد استمر جواز التملك للعرب والأجانب حتى صدور قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٤ الذي ما زال ساريا وأوقف العمل بكافة القوانين والقرارات التي تبيح تملك العرب والاجانب في العراق والمنشور في جريدة الوقائع العراقية رقم ٣٥٠١ في ٣ / ٤ / ١٩٩٤، وعند صدور دستور جمهورية العراق النافذ لعام ٢٠٠٥ اشارت مادته ٢٣ على ان للعراقي الحق بالتملك في أي مكان في العراق ولا يجوز لغيره تملك غير المنقول الا ما استثني بنص خاص، ومن ثم صدر قانون الاستثمار رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٦ وتعديله رقم ٢ لسنة ٢٠١٠ الذي اجاز للمستثمر الأجنبي تملك الأرض وإقامة المشروع الاستثماري عليها أي في حدود مشاريع الاستثمار فقط.
ومن خلال السرد التاريخي لقوانين تملك العرب والأجانب للأموال غير المنقولة في العراق نجد ان قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٤ قد أوقف العمل بكافة القرارات والقوانين التي تجيز تملك رعايا الدول العربية والأجانب للعقار في العراق وان قرار مجلس قيادة الثورة اعلاه ما زال ساريا ولم يلغ لحد الآن الا أن الإيقاف لا يشمل نص المادتين ١٥٣ و١٥٤ من قانون التسجيل العقاري رقم ٤٣ لسنة ١٩٧١ لان قرار مجلس قيادة الثورة أعلاه أوقف العمل بالقوانين والقرارات ولم يشر الى عبارة النصوص في القوانين النافذة، وحيث ان الدستور العراقي اشار الى جواز التملك للأجانب في العراق بوجود نص خاص وفق مفهوم المخالفة للمادة ٢٣ / ثانيا / أ من الدستور، مما يستوجب لمعالجة هذا الفراغ التشريعي أما إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٤ او إصدار السلطة التشريعية لقانون جديد ينظم أحكام تملك العرب والأجانب للأموال غير المنقولة في العراق وان يكون بنصوص خاصة متفقة مع مظاهر التطور الاجتماعي والانفتاح الاقتصادي الحالي.
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى