كشف مسؤول تربوي عن خفايا ما جرى في العقد الحكومي المسمى رقم "1" من قيام شركات وزارة الصناعة والمعادن بتسلم مجموعة من الاراضي والساحات الفارغة من مديريات التربية في مختلف المحافظات، وكذلك تسلمت مدارس آيلة للسقوط او متهالكة لغرض بناء مدارس ابتدائية ومتوسطة واعدادية، بينما واقع الحال يشير الى ان تلك الشركات تركت الاراضي والساحات الفارغة دون بناء واقتصر عملها على تهديم المدارس القديمة وتشييد اسس او هياكل فقط على بعض اراضي المدارس المهدمة رغم تسلمها لنسبة (60) بالمئة من اصل مبالغ عقود بناء المدارس، ، واضرت بمستقبل الطلبة منذ (12) عاما، داعيا السلطات العليا الى ملاحقة الجهات الحكومية المتسببة بارتكاب هذه التصرفات واعادة الاموال المخصصة لبناء مدارس تعاني جميع المحافظات من نقص حاد فيها.
العقد رقم "1"
وقال مدير قسم الابنية في مديرية تربية كربلاء المقدسة المهندس مؤيد عبد الحسين الاسدي في تصريح لوكالة نون الخبرية ان" اهم ما يجب الوقوف عنده هو المشروع الحكومي المسمى "مشروع رقم (1)" الذي اطلق عام (2011)، وهو العقد الذي جرى بين وزارة التربية مع وزارتي الاعمار والصناعة وزع بموجبه عملية هدم وبناء المدارس المتهالكة والآيلة للسقوط بينهما في جميع المحافظات ومن بينها محافظة كربلاء المقدسة، وتضمن العقد هدم وبناء من جهة وانشاء مدارس على اراضي خالية من جهة اخرى، وسلمنا في كربلاء المقدسة (44) موقع لبناء مدارس جديدة، منها ارض خالية ومدارس قديمة لم تباشر وزارة الصناعة بتنفيذ اي مشروع على تلك الارض الخالية منذ (12) عاما ونسبة الانجاز فيها "صفر"، والغريب ان شركات وزارة الصناعة سارعت الى تهديم المدارس قديمة ورفعوا الانقاض، وقاموا بصب اساسات او تشييد هيكل بعض المدارس فقط، وتركوها منذ سنوات ولم يحركوا ساكن فيها".
توقف وانسحاب
واضاف الاسدي ان" في المديرية لجنة هندسية تتابع حركة العمل في العقد رقم "1" لبناء المدارس وكانت المدارس التي من المقرر بنائها في محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف مدمجة في عقد واحد، وكذلك كل محافظتين وضعت بعقد واحد، ورصدت اللجنة وجود اعمال في اول شهرين بالعام (2012)، ثم انسحبت الشركات وتركت العمل في المحافظتين دون سابق اخبار، ونحن بدورنا نعلم الوزارة بتقارير نصف شهرية عن مراحل ونسب الانجاز وتوقف الشركات وانسحابها، وبعد انتهاء المدة القانونية طالبنا بانذار الشركات المتلكئة، ثم طالبنا بسحب العمل منها، ونحتفظ حاليا بمئات المخاطبات والكتب الرسمية التي نرسلها بشكل شهري الى الوزارة ونطالب بها بسحب العمل من الشركة واحالة العقد الى شركات رصينة لانجازها، وكما خاطبنا الحكومات المحلية في دوراتها السابقة وجميع الجهات المختصة، بل لجأنا حتى الى القضاء واقمنا دعوى قضائية على الشركات المتلكئة، وخاطبنا هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، واعضاء مجلس النواب من محافظة كربلاء المقدسة عبر الدورات الانتخابية السابقة، وعرضنا عليهم نسخة العقد والمباشرة بالعمل ومحضر تسليم الموقع ".
اموال العقد
واوضح ان" بنود العقد المبرم نصت على تسليم شركات الوزارات المنفذة (60) بالمئة من كامل مبلغ العقد، بمعنى ان المشروع الذي قيمته مليار دينار فإن الشركة المنفذة تتسلم قبل ان تبدأ بأي خطوة مبلغ (600) مليون دينار عراقي كسلفة تشغيلية من قيمة العقد، وهو امر غير موجود في جميع التعاقدات الحكومية التي تسلم الشركة المنفذة سلفة تشغيلية بمبلغ لا يتجاوز (5 ــ 10) بالمئة من قيمة العقد المبرم، وجميع تلك المبالغ التي سلمت الى الشركات المتلكة بتنفيذ مشاريع بناء المدارس ضمن العقد رقم "1" لا زالت ديون لحساب وزارة التربية مترتبة بذمة وزارة الصناعة والمعادن، والقضايا لا زالت في المحاكم، لان شركات وزارة الصناعة وبعد سنوات من اهمال المشاريع وعدم تنفيذها قامت بفسخ العقود المبرمة مع وزارة التربية وتسوية الموضوع والتنازل عنها من شركاتها العراقية الى اخرى اجنبية، ومشاريع المدارس في كربلاء المقدسة فسخ عقدها وتحول الى شركات اجنبية الاولى "تركية" حلت حسب العقد المبرم بدل الشركة العامة للتصميم والانشاء الصناعي بملحق عقد بعد مرور سنتين على تلكأ الشركة الحكومية بالعمل، وحصتها (33) مدرسة منها (16) مدرسة بنسبة انجاز بمعدل (صفر) في الساحات الفارغة، وهدمت (17) مدرسة اخرى ومعدل البناء بسيط وبنسب انجاز متفاوتة وضعيفة، والثانية شركة الربيع الحكومية التي تنازلت الى شركة "جيكية"، وحصتها بناء (11) مدرسة لم تكتمل اي مدرسة منها حيث كانت معدلات الانجاز في (7) مدارس ضعيفة جدا، وتركت (4) منها بمعدل انجاز (صفر)، وهو امر غريب جدا حيث تعتبر شركات وزارة الصناعة ناكلة لشروط العقد لمضي المدة الزمنية وعدم انجازه للعمل المتفق عليه دون اي مبرر قانوني مثل الظروف الامنية، او غيرها في محافظة كربلاء المقدسة ومحافظات اخرى أمنة لا يوجد بها اي ظرف يمنع استمرار العمل، وبتقصير واضح من شركات وزارة الصناعة، ولا نعلم بمصير الاموال التي سلمت لتلك الشركات من تخصيصات وزارة التربية، وكان تنازلهم بمحضر ملحق عقد وجعل الشركات الاجنبية تمثله، وكنا نعتقد ان كل الاموال المسلمة الى شركات وزارة الصناعة سلمت الى الشركات الاجنبية، لكن فوجئنا بأن جزء قليل منها سلم اليهم، ولا زالت ديون كبيرة مترتبة بذمة وزارة الصناعة لوزارة التربية لم تعيدها الى الاصل او تسددها للشركات الجديدة".
اجراءات حكومية
وتابع ان" الموضوع يعتبر "سيادي"، والآن خلال السنتين الماضية والحالية هناك جدية واشراف مباشر ومتابعة دؤوبة من قبل رئيس مجلس الوزراء محمـد شياع السوداني رغم عدم وجود تسليم للمدارس المنجزة، بعد استدعاء الجهات المعنية وعقد اكثر من اجتماع في رئاسة الوزراء لجميع الجهات المعنية في المحافظات والشركات المعنية لوضع الحلول المناسبة لتلك المشكلة ووضع جدول زمني للشركات، لكن الموضوع شائك ومعقد، وحثت الشركات المنفذة الحالية على انجاز العمل ووجه لها تنبيه بسحب العمل من اي شركة تتدنى نسب انجازها في مواقع العمل خلال ثلاث اشهر، والشركات التي وصلت نسب الانجاز فيها بين (70 ــ 80) بالمئة تدعم لانجاز المشروع، وللتذكير فإن تلك المدارس كشفت عليها لجان متخصصة من وزارة التربية مسؤولة عن الابنية والتخطيط، وكانت قد بنيت منذ عقود طويلة وتعتبر قديمة جدا وتستحق اعادة بنائها، ومنها فيها ثماني صفوف او عشرة وكان من المقرر بنائها بطريقة البناء الجاهز بثلاث طبقات وزيادة صفوفها خلال ستة اشهر فقط، والموضوع فيه تلاعب وصفقة مشبوهة، وهو الاخطر من بين ما نسمع به من صفقات مشبوهة لانه يمس عصب حياة جميع المواطنين وابنائهم، فما حصل هو ان الفاسدين الذين سببوا هذه الازمة قاموا بتهديم مؤسسات تربوية وسلب اموال بنائها واختفوا عن الانظار منذ (12) عاما، ونطالب المسؤولين بمحاسبة هؤلاء وملاحقتهم، واستعادت الاموال من سارقي اموال المدارس، واذا كانت جريمة المتهم "نور زهير" المسماة بـ"سرقة القرن" قد تسببت بسرقة مليارات من الامانات الضريبية، الا ان ما حصل معنا هو هدم المدارس وحرمان ملايين الطلبة في عموم المحافظات من مدارسهم وتحويل الكثير من المدارس الى الدوام الثلاثي وتاثيره على المستوى العلمي للطلبة، وعدم ارجاع المبالغ المستلمة دون منجز وهي جريمة مزدوجة وعقابها يجب ان يكون مضاعف".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)