بقلم: القاضي أريج خليل
حق التقاضي هو حق أساسي يكفله الدستور والقوانين في معظم الدول ويعني هذا الحق أن لأي فرد أو جماعة الحق في اللجوء لطلب حماية حقوقهم أو مصالحهم، أو لحل نزاعاتهم، أو للحصول على تعويض عن أضرار تعرضوا لها ويشمل هذا الحق؛ الحق في الوصول إلى المحكمة أي الحق في تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة والحق في الدفاع، والحق في المحاكمة العادلة النزيهة، والحق في الطعن وغيرها من الحقوق التي كفلها حق التقاضي دستورا وقانونا.
الا ان هذا الحق ليس مطلقا وانما يتقيد بعدم التعسف باستعماله ويحدث التعسف في استعمال حق التقاضي عند استخدام النظام القضائي بشكل غير عادل أو غير قانوني لتحقيق أهداف غير مشروعة أو لإلحاق الضرر بالآخرين مثلا تقديم دعاوى كيدية أو لا أساس لها من الصحة بهدف إزعاج أو تعطيل الخصم، أو استخدام النظام القضائي كوسيلة للانتقام أو الابتزاز وان العديد من الأنظمة القانونية تتضمن قوانين أو قواعد تهدف إلى منع التعسف في استعمال حق التقاضي، وتتضمن فرض عقوبات على من يثبت أنهم استخدموا هذا الحق بطريقة تعسفية.
ان مبدأ حسن النية في استعمال حق التقاضي وعدم الانحراف به عن غايته تتماشى مع مبادئ العدالة حيث يقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية ويحارب الخديعة والاحتيال على القانون وان لإساءة استعمال حق التقاضي صورا متعددة ولكن تبقى أهمها هي تلك التي يراد بها إطالة امد النزاع، ففي الدعوى المدنية يكون المدعي هو البادئ بطرح النزاع أمام القضاء وهو من يحدد نطاقه ويختار الوقت الذي يراه بإثارة النزاع أمام القضاء واختيار المحكمة التي يعرض نزاعه أمامها، وتظهر صور تعسف المدعي باستعمال حقه بالتقاضي وإطالة أمد النزاع من خلال تقديمه مستمسكات لا علاقة لها بموضوع الدعوى وتقديم طلبات غير منتجة ومن خلال اقامة دعوى غير حقيقية بغية تأخير دعوى أخرى كان خصمه قد أقامها كإقامة دعوى تمليك بغية تأخير دعوى منع المعارضة التي سبق وان اقامها المدعى عليه او اقامة دعوى تصحيح قسام امام محكمة الاحوال الشخصية بغية تأخير دعوى الخصم التي تستند على ذات القسام الشرعي.
وان للمدعى عليه أيضا وسائل عديدة تهدف منها اطالة امد النزاع كون ان هناك العديد من المظاهر تتجلى فيها اساءة استعمال حقه بالدفاع لان ما يقال في الادعاء يصدق على الدفاع، فحق دفع الدعوى ليس مطلقا لذا فإن المماطلة في التبليغ وعدم الخروج للمبلغ رغم تواجد المدعى عليه بالمنزل واستغلال دقة إجراءات التبليغ التي نص عليها القانون بهدف إبطال هذه الإجراءات وعدم حضور الدعوى رغم التبلغ وانتظار صدور حكم غيابي ومن ثم الاعتراض عليه وكذلك المماطلة في تقديم المستمسكات التي تحت حيازته وانكار الدعوى جملة وتفصيلا مع علمه بصحتها وانكار التوقيع او بصمة الابهام الموضوعة على المحرر المبرز والطعن بتزوير بعض المحررات وطلب احالة مبرزها للتحقيق مع العلم بصحتها، كل تلك المظاهر تعد صورا من صور تعسف المدعى عليه ورغبته في اطالة امد النزاع.
فضلا عن صور التعسف التي يشترك بها كلا طرفي الدعوى المدعي والمدعى عليه منها الاعتراض المتكرر على تقارير الخبراء بل وعلى الخبراء انفسهم او طلب نقل الدعوى الى محكمة اخرى دون توفر سبب من الاسباب التي حددها القانون في المادة ٩٧ من قانون المرافعات المدنية او رد القاضي دون توفر اي سبب من الاسباب الواردة في المادة ٩٣ من قانون المرافعات المدنية او الطعن بالقرارات الإعدادية التي تتخذ أثناء سير المرافعة والتي لم يجز القانون الطعن بها الا مع القرار الفاصل بالدعوى.
ان لجوء الخصوم ووكلائهم الى اساءة استعمال حقوقهم امام القضاء وتعسفهم باستعمال الحقوق يرتب عليهم مسؤولية وفق القانون في حالة ثبوت هذا التعسف لان من يستعمل حقه استعمالا غير جائزا وجب عليه الضمان في الحالات التي نصت عليها المادة ٧ من القانون المدني العراقي لانهم في هذه الحالة انحرفوا عن الغاية المشروعة للتقاضي ونشأ ضرر من جراء هذا الانحراف.
أقرأ ايضاً
- شرف الخصومة
- صراع الإرادات وكسر عظم الخصوم
- قرار حجب الدفاتر الامتحانية في تربية الكرخ الثانية عقاب تعسفي