- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حتى التراب يبكي الحسين يوم شهادته
حجم النص
بقلم :حيدر السلامي
يبدو أن ظاهرة البكاء على الحسين عليه السلام لا تخص بني البشر وحدهم وإنما تشاركهم فيها بقية الكائنات. هذا ما أكدته النصوص القرآنية والأحاديث والروايات التاريخية فضلا عن الوقائع الحاضرة.
ففي صبيحة هذا اليوم العاشر من محرم الحرام الموافق للخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 2012 تحولت ذرات أخذت من تراب قبر الإمام الحسين عليه السلام إلى لون الدم الأحمر القاني وسط ذهول الحاضرين.
وقال علاء ضياء الدين، مدير المتحف "إن تربة أخذت من أقرب مكان للقبر الشريف تحولت بشكل تدريجي منذ فجر اليوم لتصبح في حدود الساعة التاسعة كعلقة دم حمراء قانية".
وأشار إلى أن عملية التحول التي انتبه إليها أحد العاملين في المتحف قد "تزامنت مع مجلس قراءة المقتل الذي عقد في الصحن الحسيني الشريف أي أثناء سرد الوقائع التي جرت على الحسين عليه السلام حتى استشهاده".
وبين أن التربة كانت قد وضعت في مكعب زجاجي داخل قارورة كريستالية وعرضت في صندوق زجاجي "فاترينة" وسلطت عليها الأضواء عند المدخل الرئيس للمتحف كواحدة من معروضاته النفيسة.
ولدى انتشار الخبر تجمهر الناس في المكان لمشاهدة الكرامة الحسينية بأعينهم وتوثيقها بالصور. كما نقلتها العديد من وسائل الإعلام المرئية والسمعية والإلكترونية فور وصولها.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها كربلاء حوادث من هذا النوع في يوم عاشوراء فعلى مقربة من العتبة الحسينية المقدسة وفي أحد الأزقة القديمة يوجد بيت فيه شجرة سدر معمرة ما زالت منذ زمن قديم تبكي دماً نهار عاشوراء من كل عام وقد حاول أزلام النظام الصدامي البائد إزالتها وطمس أثرها وإخفاء حقيقتها لولا بعض الأحداث والأمور التي حالت دون غايتهم.
وشبيه ذلك ما يشهده الناس في إحدى القرى الإيرانية كل عام من شجرة معمرة أخرى تظهر منها نفس الكرامة. كما ينقل عن شهود عيان من مختلف البلدان الإسلامية حوادث غريبة من هذا النوع تجري سنوياً أو في مناسبات دينية معينة وخاصة ما كان له علاقة منها بالإمام الحسين عليه السلام.
ويروي التاريخ الحديث والقديم العديد من الوقائع المشابهة كبكاء السماء دما. فقد أورد كتاب The Anglo-Saxon Chronicle الصادر عام 1954 في بريطانيا "أن سنة 685 ميلادية وهي تقابل سنة 61هجرية، أمطرت السماء دماً وأصبح الناس في بريطانيا فوجدوا ألبانهم وأزبادهم قد تحولت إلى دم".
وقال ابن سيرين: لم تبك السماءُ على أحدٍ بعد يحيى بن زكريّا، إلاّ على الحسين بن عليّ.
ونقل ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق أنه "يوم قُتِلَ الحسينُ.. لم يقلبْ حَجَرٌ ببيت المقدِس إلاّ أصبحَ تحتَهُ دمٌ عبيطٌ".
وقال أيضاً أن "أوّلُ ما عُرِفَ الزُهْريّ تكلّمَ في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلمُ ما فعلتْ أحجار بيت المقدس يوم قُتِلَ الحسين بن عليّ? فقال الزُهْريُّ : بلغني أنّه لم يقلبْ حَجَرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دمٌ عبيطٌ.
وروى البيهقي عن أبي قبيل أنه لما قتل الحسين رضي الله عنه كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي. يعني "القيامة".
وذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أنه «لما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً، وكان قتله يوم عاشوراء، وكسفت الشمس ذلك اليوم واحمرّت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله. وقيل: إنه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلاّ وجد تحته دم عبيط...".
وأخرج الطبراني بسنده إلى ابن شهاب الزهري قال: "ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي إلا عن دم".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "عن الزهري قال: قال لي عبد الملك أي واحد أنت إن أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين فقال قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط"
وقال ابن كثير" إن يحيى بن زكريا عليه الصلاة والسلام لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن الحسين بن علي رضي الله عنهما لما قتل احمرت السماء".
وعن أبي بصير، عن أبي جعفر صلوات الله وسلامه عليه قال: "بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين ابن علي عليهما السلام حتى ذرفت دموعها".
وروي عن الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه حين رجوعه إلى المدينة بعد رحلة السبي حينما اجتمع له الناس فخطبهم صلوات الله وسلامه عليه بقوله: "فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان ولجج البحار والملائكة المقربون وأهل السماوات أجمعون...".
وعن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: "إن أبا عبد الله عليه السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى".
ولا حصر للروايات الواردة في هذا المجال وفي مجموعها تؤكد حقيقة واحدة مفادها أن الإمام الحسين عليه السلام له منزلة عند الله تعالى لا يمكن تصورها وله كرامات وخصائص لا لأحد سواه من أمثالها، ولا غرابة أن يبكي عليه الكون وما فيه من الخلائق.