ترجمة / مهند السماوي .
كتب السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي مقالاً بعنوان " بناء عراق مستقر " نُشر في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية يوم الاثنين 5-12-2011 ، أجمَلَ فيه، بكل وضوح، رؤيته للعراق الجديد بعد الانسحاب الأمريكي في ضل شكوك، تثيرها بعض القوى السياسية ولإغراض معروفة، تتعلق بقدرة الحكومة العراقية على ادارة البلاد والسيطرة على أمنه
تطرق السيد المالكي في هذه المقالة، التي رسمت الخطوط العريضة للسياسية العراقية، الى علاقة العراق بالولايات المتحدة الامريكية في المستقبل وآفاق تطورها وكيفية التعاون بينهما في الأصعدة المختلفة التي تتجاوز الجوانب العسكرية.وتعرض الى المشكلات التي تواجه العملية السياسية في العراق كالخلافات بين الكتل السياسية وخطر النظام البعثي، وتدخل دول الجوار في العراق، بالاضافة الى قضية معسكر اشرف وثورات الربيع العربي وما يمكن ان ينتج عنها.
يقر السيد رئيس الوزراء، في بداية مقالته، بالمرحلة التاريخية المهمة التي يمر بها العراق فيقول" بان العراق اليوم يقف على عتبة مفترق مهم في العلاقات العراقية الأمريكية، فقد ساهمت التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب العراقي والأمريكي في إسقاط نظام صدام حسين، وتاسيس مجتمع ديمقراطي وحر".
ويضيف المالكي " وبينما تغادر القوات الأمريكية بموجب اتفاقية انسحاب القوات عام 2008 بدانا فصل جديد قائم، كما قال الرئيس اوباما، على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، فقرار تنفيذ الاتفاقية جاء بعد ان عُقدت مفاوضات احترمت بصورة كاملة السيادة والقرار السياسي لكلا الجانبين".
وبعد هذا الانسحاب الأمريكي من العراق يجد المالكي انه من الضروري " ترسيخ العلاقات المتينة بين كلا البلدين" فهو" أمر حيوي "، وهذه العلاقات يجب ان تتجاوز الجانب العسكري وكما أكد المالكي ذلك بقوله " يجب ان نركز في الأشهر القادمة على تطوير العلاقات في الجانب الاقتصادي بالاضافة الى التطوير في مجالات الثقافة والتربية والعلوم."
ويبدأ المالكي بذكر ماقامت به الحكومة لمحدودي الدخل فيشير الى ان الحكومة قامت " ببناء اكثر من مليون وحدة سكنية للعوائل محدودة الدخل" بل هو يتطلع " لرؤية رافعات البناء في افق بغداد العالي" وهو يرى ان العمل والكفاح من اجل أعادة البناء لا يقل همة وعزيمة وحماسة عن العمل من اجل أحلال الأمن.
وفي سياق حديثه عن البناء والاستثمار وإعادة بناء العراق يشدد المالكي وبكل بوضوح على انه " يعمل من اجل تحطيم الحدود التي تعيق الاستثمار من اجل ان تكون هذه الرؤية واقع حقيقي، وانا اعمل باجتهاد مع هيئة الاستثمار لضمان حق المستثمر الأجنبي، من اجل خلق بيئة مناسبة تساعد على قيام الاستثمار".
ثم يبدا المالكي بالولوج الى المشكلات والتحديات التي تواجه العملية السياسية في العراق فيقول " بينما نبذل جهودا لوضع ديمقراطية العراق الجديدة على المسار الصحيح تبقى هنالك تحديات تواجهنا، فالجدالات الاساسية لا تزال تحيط بالعملية السياسية والمحافظات التي تتشكل منها الدولة العراقية، وانا مؤمن بان هذه المشكلات يمكن ان تحل بعد توحيد وتوسيع صلاحيات المحافظات مع الالتزام بوحدة العراق" مع انه يشير الى انه على الرغم من ذلك فان" العملية السياسية والعلاقة بين مختلف الأحزاب السياسية تستمر في التقدم".
ويربط المالكي، على نحو عضوي، بين حل المشكلات التي تعترض العملية السياسية وبين تطور اقتصاد العراق فحل هذه المشاكل " له أهمية قصوى في تطور اقتصاد العراق" ويشير الى انه شخصيا " دعم التشريع الذي ارسل الى مجلس النواب والذي سوف ينظم هذه الصناعة بشكل يتناسب مع الشراكة الوطنية والتوزيع العادل للثروة.. وقد عقدنا ثلاث جولات من العطاءات السنة الماضية ونحن نستعد للرابعة".
ويجدد السيد المالكي اهمية العمل على استقرار العراق بعد انسحاب القوات الامريكية منه فهي قضية مهمة، وكما يشير، لدى كل من العراق والولايات المتحدة، وهو مؤمن وكما يقول" بقدرات أجهزتنا الأمنية وبضرورة مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية".
ثم يقف المالكي على اهم القوى التي تسعى الى تدمير العراق، ويبدأ بالسلوك الشائن لحزب البعث الذي" يؤمن بالانقلابات والمؤامرات" على حد تعبير المالكي و" يحاول تخريب العملية السياسية في العراق..ولا غرابة في هذا.. فهذا هو منهج البعث وديدنه منذ بداية تأسيسه.
ثم يتطرق الى قضية الاعتقالات التي شملت الكثير من أعضاء حزب البعث في الفترة الاخيرة فيقول " مئات من البعثيين المتهمين تم اعتقالهم مؤخرا، بعضهم تم أطلاق سراحه واخرون ينتظرون المحاكمة وهؤلاء المحتجزون يواجهون اجراءات مناسبة ومعاملة عادلة تحت القانون العراقي"، ثم يؤكد امراً هاما سبق ان اكده أكثر من مرة وهو " ان المحتجزين من كل مناطق العراق.. وانا ارفض التشخيص الذي يقول ان الاعتقال كان عملا طائفيا مبني على دوافع سياسية" ويضيف " هذه الخطوات اتخذت لحماية الديمقراطية العراقية".
ويتحدث المالكي بعد ذلك في المقال الذي تنفرد شبكة عراق القانون بترجمته ,عن العامل الخارجي الذي اعتبر دوره سلبيا في العراق، فيوضح رؤيته في هذا الجانب بقوله " العراق بلد ذو سيادة، وسياسيتنا الخارجية تقوم على حقيقة اننا لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى، وبناء على ذلك نحن نرفض التدخل الخارجي في الشؤون العراقية، فالعراق لا يطمح للتأثير على أي دولة لكن يتطلع للتعاون مع كل البلدان للمساعدة في المحافظة على الأمن الإقليمي، العراق سوف لن يسمح لنفسه لكي يكون مصدر إزعاج للبلدان الصديقة".
وبعد الانتهاء من التطرق الى أعداء العراق من البعث والقوى الخارجية ذات الدور السلبي فيه، لا ينسى المالكي المرور على مشكلة معسكر اشرف خصوصا وهي قضية ذات أبعاد دولية ينبغي التعامل معها بذكاء ودبلوماسية، فيؤكد المالكي في البداية على مسالتين مهمتين:
الأولى:أن المقيمين في معسكر اشرف قد سببوا الكثير من الجدال في العراق وفي الولايات المتحدة الأمريكية.
الثانية :رغبة واضحة لديه بحل هذه القضية المعقدة بطريقة، وهو ما كان ينتظره منه المجتمع الدولي،" سلمية وبمساعدة الأمم المتحدة".
في مقابل هذا لا ينسى المالكي تذكير القارئ أن " المقيمين في المعسكر مصنفون كمنظمة إرهابية بواسطة عدة دول ولذا ليس لهم أساس قانوني للبقاء في العراق، ولا يوجد بلد سوف يقبل وجود مسلحون غرباء على ترابه.. لكننا سوف نعمل بجهد لكي نجد حل سلمي يعزز القيم العالمية لحقوق الإنسان".
الى ذلك لم تغب إحداث الربيع العربي عن مقالة المالكي، فقد أخذت أيضاً حيزا منها خصوصا ان العراق قد عانى من حكم الطغاة عشرات السنين، ولذا قال " العراق رفض الدكتاتورية وحكومة الحزب الواحد".. وأشار إلى ان " احداث الربيع العربي هذه السنة قد ادت الى الكثير من التغييرات للمنطقة... ونحن نأمل بان تنجح تلك الحركات في جلب الحرية والديمقراطية للملايين ممن يبحثون عنها وان تستقر المنطقة بعد ذلك،وهذا محل اهتمام ليس في منطقتنا فحسب بل كل العالم".
ولانك حالما تختار الأمل فان كل شيء ممكن كما يقول كريستوفر ريف لذا لم ينس رئيس الوزراء ان يزرع الامل والثقة بالشعب العراقي وبقدرته على تجاوز المحنة، فيوضح المالكي بان العراق " عانى من حرمان فضيع خلال العقود الماضية المنصرمة.. واليوم من ناحية اخرى انا على ثقة بمستقل بلدي وبقدرات وصمود شعبنا"..ويضع عدة اوليات يقوم بها العراق في مستقبله القريب وهو " أعادة تطوير شاملة وتشريع قوانين وبناء مؤسسات وتدعيم الحرية وتعزيز الديمقراطية".
وازاء القلق المتزايد من الطائفية ووضعها في العراق يطمئن المالكي الاخرين بقوله " نحن نسعى الى بناء دولة المواطن وليس دولة الطوائف، ونحن نسعى لتوفير مناخ ملائم يؤدي الى الاستثمار ويوفر خدمات حيوية للمواطنين ومن ضمنها الحصول على تعليم مناسب".
ولا يغيب عن بال المالكي أخيرا اعادة التذكير بسعي العراق الى الحفاظ على أمن شعبه فيؤكد مجدد على ان " العراق يسعى لبناء جيش قوي وقوى أمنية يكون لديها القابلية لحماية سيادتنا ومصالحنا ونحن قادرون على القيام بذلك بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية".
المقال منقول عن موقع عراق القانون
أقرأ ايضاً
- رئيس الوزراء يلتقي في طهران المرشد الايراني علي الخامنئي
- الرئيس الإيراني: لدينا مع العراق هواجس مشتركة حول التطورات السورية
- تعرف على قرارات مجلس الوزراء في اول جلساته لعام 2025