القاضي إياد محسن ضمد

يقول احد الزملاء إن أفضل صديق تعرفت عليه في السنوات الأخيرة هو برنامج الخرائط Waze، إذ يوصلك للهدف الذي تنشده بجهد أيسر وبزمن اقل، فالجغرافيا التي يقصها البرنامج ويختصرها تكون لقاء زمن يوفره لك في عصر يكاد يكون فيه الوقت أندر الموارد وأغلاها وأثمن الثروات واهمها، ما استدعى لظهور ما يسمى بموازنة الوقت، تلك الموازنة التي نحتاجها في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والعدالة وفي كل مجالات الحياة وهذا ما يفعله برنامج الخرائط waze إذ يختصر الجغرافيا ويوصلك للهدف ويمنحك الوقت الذي كنت ستهدره فيما لو سلكت طرقا أخرى لم يقترحها عليك ذلك البرنامج إذ يدلك على الطرق المناسبة ويعطيك تنبيهات عن حوادث السير ويرشدك إلى ما تحتاجه من محطات وقود ومطاعم ومستشفيات.

ونحن نعمل في مجال إنفاذ القانون وتحقيق العدالة أكثر من يحتاج الى ترشيد الإجراءات وترشيقها وصولا الى عدالة اكثر دقة وبزمن اقل إذ يحتاج كل منا الى نظام إجرائي وإداري يضفي عليه طابعه المهني والشخصي ومن خلاله يدير الدعاوى والمعاملات التي ينظرها بإجراءات مختصرة ورشيدة توصل القاضي أو المحقق وحتى المحامي إلى هدفه المنشود وتتيح إعادة الحق إلى صاحبه بجهود قانونية وقضائية أيسر وبوقت اقل وتحافظ على الموارد الزمنية والبشرية وتحول دون هدرها وتزيد ثقة مستهلكي العدالة بالمؤسسات الرسمية.

باعتقادي يحتاج كل شخص إلى أن يختط لوظيفته منهجا خرائطياً إداريا يصل من خلاله الى النتيجة التي يبتغيها في حسم القضايا والملفات بأقصر الطرق واقلها زمنا وبذلك سوف يتميز عن سواه ممن ينتهجون الجغرافية الإدارية الروتينية المعقدة والتقليدية، تلك الإدارة المطولة التي تستهلك مزيداً من الزمن والموارد وتفقد خلالها الحقوق جوهرها وتثقل كاهل المواطنين وتزيد متاعبهم، صحيح أن القوانين الإجرائية كقانون المرافعات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية يمثلان أدلة إرشادية يجب ان يسلكها القائمون على إنفاذ القانون ونظر القضايا في الجانبين المدني والجزائي، لكن الركون إلى تلك القوانين لا يمنع من إتباع منهجية مهنية شخصية للقاضي والمحقق والمحامي يصل من خلالها أطراف الدعوى للنتائج القانونية بوقت اقل ويمكن من خلالها تحسين العمليات القانونية وصولا الى العدالة السريعة ويمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي دور مهم في تحقيق تلك النتائج من خلال توفير برامج إدارة القضايا والملفات واستخدامها في إدارة العدالة الرقمية وتحسين جودة القرارات القضائية.